الرئاسة الدورية وأغلبية مدنية.. مقترح علي الطاولة

الخرطوم: هبة علي

ما أن بدأت الوساطات الإقليمية تبرز في المشهد السوداني، إلا وخفقت قلوب الكثيرين من سيناريوهات التدويل وتقاطعات المصالح في سماء الخرطوم ليتدثر الاستعمار بأكثر من ثوب خلف أجمل من خطاب.. بيد أن المبادرة الإثيوبية التي تقدم بها رئيس الوزراء الإثيوبي التي تتحدث عن أغلبية مدنية برئاسة دورية بدت طوق نجاة لدى الكثيرين من السيناريو المخيف. (السوداني) سعت لجس نبض الموقف إزاء إمكانية جلوس الطرفين حول هذا المقترح.

فض الاعتصام الحاجز
كثيرون يرون أن الحاجز الحقيقي ليس النسب أو الرئاسة بفقد ما أنه أصبح حاليا عدم قدرة قوى الحرية والتغيير على تجاوز رغبة الشارع في القصاص للشهداء جراء فض الاعتصام بالقوة المميتة وبتواطؤ من المجلس العسكري كما يرى ممثلوها.
بيد أن التجربة السابقة كشفت إمكانية الالتقاء، فما أن أعلن المجلس العسكري الانتقالي استجابته لمطالب الشعب بإسقاط النظام حتى جاءت المطالبات الدولية بسرعة تسليم السلطة للمدنيين تلبية لرغبة الشعب وتأكيدا للتحول الديمقراطي المنشود بعد استحالة الأمر لـ30 عاما. رحلة من المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير وصفها البعض بالمتعثرة، إلا أنها في أفضت في جزئية منها للاتفاق على تحديد صلاحيات مؤسسات السلطة الانتقالية التي تشمل مجلس السيادة، ومجلس الوزراء، والمجلس التشريعي، فضلا عن سلطات ومهام كل مجلس والتمثيل فيها، بيد أن مجلس السيادة ظل حجر عثرة في سبيل الخروج باتفاق نهائي فلم يتم الاتفاق على من سيرأس المجلس السيادي فضلا عن نسب المدنيين والعسكريين داخله.

الرئاسة مدنية
في وقت سابق رشحت أنباء غير مؤكدة عن اتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير على تقاسم نسب التمثيل مناصفة 5 أعضاء لكل طرف على أن تكون الرئاسة دورية تبدأ بالعسكريين.
المحلل السياسي د.الحاج حمد أكد في حديث سابق لـ(السوداني) أن الرضا الشعبي بمقترح 5/5 يتوقف على التوصيف الوظيفي لـ(5) عسكريين والـ(5) المدنيين، والرئاسة الدروية لمجلس السيادة، أما إذا كان بغير ذلك فإن الأمر لن يخاطب هذا الرضا الشعبي.
حمد قطع بأهمية أن تكون تكون الدورة الأولى لرئاسة مجلس السيادة للمدنيين لجهة أن رئاسة المجلس واجهة للتحول الديمقراطي وفقا للنظام الدولي والعالمي، عازيا ذلك إلى قضايا السودان الدولية التي لا يمكن التعامل معها بشخصية عسكرية كديون السودان الخارجية، منوها إلى ضرورة موافقة قوى إعلان الحرية والتغيير على هذا المقترح.

وضع استثنائي
أستاذة القانون الدستوري والدولي بجامعة النيلين د.زحل محمد الأمين أوضحت في حديثها لـ(السوداني) أن قوى إعلان الحرية والتغيير مفوضة من الشعب السوداني وأن أي جهة مفوضة يجب أن تعطي مساحة للتفاوض بين الممكن وغير الممكن وفقا لمعطيات المفوضين لهم، مشيرة إلى لجوء قوى الإعلان لقواعدها قبل الإعلان بالموافقة، وأضافت: الدولة المدنية لا تتحقق إلا في ظل سلطة مدنية بمكوناتها الدستورية، مؤكدة على أن هذا الوضع الانتقالي وضع استثنائي يجب التعامل معه بتقديم التنازلات.

مهام مجلس السيادة
الاتفاق الذي تم سلفا بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير حدد مهام مجلس السيادة في القيام بمهام رأس الدولة في تمثيل السودان وسيادته ووحدة البلاد وتماسكها، فضلا عن اعتماد تعيين رئيس القضاء المُختار من مجلس القضاء العالي، واعتماد تعيين السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) وإعلان حالة الطوارئ بتوصية من مجلس الدفاع والأمن، الذي هو جزء من مجلس الوزراء، وليس مستوى من مستويات الحكم.
كما يتمتع مجلس السيادة بصلاحيات تعيين سفراء السودان في الخارج، وقبول أوراق اعتماد السفراء الأجانب، ورعاية قضايا الحرب والسلام، بينما نص الاتفاق على صلاحيات كاملة لمجلس الوزراء في إدارة العمل التنفيذي، وإعداد مشروعات القوانين، وسن التشريعات والقوانين والمصادقة على الاتفاقيات مع الدول الأخرى، وإنشاء المفوضيات المتخصصة.

وقتها أكدت مصادر مطلعة أن المجلس العسكري أجرى اتصالاً بوفد التفاوض بقوى الحرية والتغيير وأبلغه بموافقته على أن يتم تكوين مجلس السيادة من 10 أشخاص (5 عسكريين ومثلهم من المدنيين)، كما أعلن موافقته أن تكون رئاسة المجلس دورية، ودعا العسكري قوى الحرية والتغيير لاجتماع لحسم هذا الملف. بيد أن عضو وفد التفاوض ولجنة الاتصالات أحمد الربيع كشف – بحسب تقارير إعلامية – أمس عن عدم حدوث أي اتفاق أو اتصال بين الطرفين، مؤكدا توقف حتى اللجان الفنية وفشلها عن التوصل إلى صيغة تقارب وجهات النظر أو تحقق حدا أدنى من اختراق بين الطرفين.

الموقف الآن
لا يبدو أن الموقف الحالي مشابه لما سبق وترى تحليلات كثيرة أن الحاجز الحقيقي بين الطرفين وتعنتهما سببه هو الكارثة الإنسانية التي حدثت في 29 رمضان ومسؤول عنها المجلس العسكري في الحد الأدنى أخلاقيا. وترى التحليلات إمكانية حل هذا الأمر بعد أن تقول لجنة التحقيق نتائجها ومن ثم تقييم تلك النتائج، مما يمهد الطريق إلى جلوس الطرفين حال لم تغفل تلك النتائج الحقائق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.