إليكم… الطاهر ساتي

مبادرون!!

شارك الخبر

:: عندما كان مبعوثها يتجول بمبادرته ما بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، كانت بلاده تشهد محاولة انقلابية مسلحة وموتاً على المستوى القيادة العسكرية، وشرخاً عميقا في النسيج الاجتماعي، أي إثيوبيا ذاتها بحاجة إلى مبادرة أجنبية تحل أزمتها السياسية والأمنية.. وكذلك حال الشقيقة جنوب السودان، فهي أيضا غير مؤهلة سياسياً لتقديم مبادرة سياسية.. ونيجيريا أيضا.. والجامعة العربية.. و.. و.. حال كل من يحمل مبادرة لحل أزمتنا لا يختلف كثيرا عن حال إبل الرحيل (شايل السُقا وعطشانة)!!
:: ومع ذلك، شكرا لكل أجنبي بادر لحل الأزمة السياسية التي تمر بها بلادنا، ولا أراهم الله مكروها في بلادهم.. فالطبيعة لا تقبل الفراغ، ولو كان بالدخل من يبادر بالحلول لما انهمرت على رؤوسنا المبادرات الأجنبية.. نعم، لا توجد مبادرات وطنية، لتحل محل العنتريات الراهنة.. فالبلاد تضج بالحكماء والخبراء، وكذلك تضج بالجامعات ومراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني.. وبدلاً عن انتظار الحلول الأجنبية، فمن جامعاتنا ومراكزنا وعقول حكمائنا وخبرائنا كان يجب أن تخرج الحلول لكل أزماتنا!!
:: والمهم، لقد رفض المجلس العسكري المبادرة الإثيوبية، مفضلا دمجها مع مبادرة الاتحاد الإفريقي.. وبغض النظر عن محتواها، لقد أحسن المجلس العسكري عملا برفض المبادرة الإثيوبية طالما هناك مبادرات دول أخرى منها مبادرة جنوب السودان، وكذلك مبادرات إقليمية منها مثل مبادرتي الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.. ليس من الحكمة إحراج نصفنا الآخر، دولة جنوب السودان، برفض مبادرتها.. وكذلك ليس من الذكاء السياسي رفض مبادرتي الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية!!
:: وإن كان لا بد من مبادرة خارجية، فالأفضل هو جمع كل المبادرات في مبادرة الاتحاد الإفريقي، وخاصة أن مبادرة الاتحاد الإفريقي تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي.. وعلى طرفي الأزمة في بلادنا، المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، القبول باستئناف المفاوضات لمناقشة المبادرة الإفريقية المرتقبة.. نعم يجب التحلي بالحكمة، وعدم إرجاع البلاد إلى المرحلة الثورية والدعوة إلى التصعيد.. فالبلاد ليست بحاجة إلى ردود أفعال غاضبة في هذه المرحلة، ولكنها بحاجة (حكمة وحنكة)، لينعم الشعب بحصاد ثورته!!
:: وليس فقط بالتصعيد والانفعالات تواجه العقول الأزمات، ولكن بالوعي السياسي يجب على العقول مواجهة الأزمات والبحث عن الحلول.. لقد أخطأت إثيوبيا حين انفردت بمبادرتها متجاوزة الاتحاد الإفريقي.. ولم تُعجل إثيوبيا بمبادرتها رحمة بحال بلادنا، بل لقطع طريق الحلول والمبادرات أمام الاتحاد الإفريقي ودول أخرى، أي كادت إثيوبيا أن تنتصر لمعركتها الخاصة ضد بعض دول الاتحاد الإفريقي على أرض أزمتنا السياسية.. وللأسف غابت النوايا الإثيوبية على قوى الحرية والتغيير، ولكن فطن لها المجلس العسكري!!
:: وعلى كل، بعيداً عن المبادرات الخارجية، فإن هناك حقيقة – على سطح الأحداث – واضحة للغاية.. فالمجلس العسكري، وإن كان راغبا في استئناف المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، إلا أنه لن يوقع معها اتفاقية ثنائية تقصي القوى السياسية الأخرى عن صناعة قرارات المرحلة الانتقالية وقوانينها، وأن الخلاف لم يعد فقط في نسب المجلس السيادي، بل مكمن الخلاف العميق في نسب الجهاز التشريعي، فهل قوى الحرية والتغيير مستعدة لقبول أحزاب وكيانات أخرى تقاسمها مسؤولية صناعة القرار في المرحلة الانتقالية؟

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.