حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

خَلِّيك وَاضِـح يا….

شارك الخبر

(1)
أخيراً قدّمت الوساطة الإثيوبية مُبادرتها المُفصّلة لحل الأزمة السُّودانية، فهذه الوساطة اعتبرت ما تمّ الاتّفاق عليه في المُفاوضات قبل توقُّفها لا يُمكن الرجوع إليه، فمجلس الوزراء والمجلس التشريعي خارج نطاق الوساطة لذلك انحصر جُهدها في المجلس السيادي فاقترحت (7 + 7 + 1) أي سبعة من العسكري وسبعة من “قحت”.. أمّا الثامن فهو مدني يتّفق عليه الطرفان أي مدني بمُوافقة عسكرية.. “قحت” وَافَقت على المُبادرة الإثيوبية، ولكنها أضَافَـت سبعة اشتراطات عليها لم تُعلن الاشتراطات، وإن شئت قُل التّحفُّظات في الحين، بل عَجّلت بإعلان مُوافقتها الإجمالية فأرادت بذلك أمران، الأول أن تنفي عن نَفسها التّعنُّت الذي كَانَت تُوصِف به, الثاني وهو الأهم أن تَضع المجلس العسكري في خانة التّعنُّت إذا رَفَضَ المُبادرة (ليشيل وَشّ القَبَاحَة) هذه المَرّة ولَعلّ هذا مَا حَدَثَ.
(2)
الأمـر الذي حَيّرني ومَا يَتحيّر إلا مُغيِّر، اللفة الطويلة التي بَرّرَ بها المجلس العسكري رفضه للمُبادرة الإثيوبية، إذ استعصم بالنّواحي الإجرائية، حيث قال إن هناك مُبادرة أفريقية إلى جانب الإثيوبية فطلب الجمع بينهما، لكن (يطرشنا ويعمي جيراننا) لو كُنّا سمعنا بهذه المُبادرة الأفريقية! فكل الذي نَعلمه أنّ الاتّحاد الأفريقي قد ابتعث البروفيسور الموريتاني محمد الحسن لمُراقبة الأوضاع في السودان وتقريب وجهات النظر بين الفُرقاء ما أمكن ذلك، كما أنّ ذات الاتحاد الأفريقي كَلّفَ الإيقاد لتُبادر بحل الأزمة السودانية، فإذا كَانَ المجلس العسكري يقصد أن ترفع المُبادرة الإثيويبة للاتحاد الأفريقي مُمثلاً في البروف محمد الحسن، فهذا قد حَدَث، إذ اجتمع المُبادر الإثيوبي السفير إسماعيل درير مع البروفيسور محمد الحسن وفوق البيعة معهم قوى التغيير والحرية، فأجازوا المُبادرة وربما بتعديلات شكلية وقد ترفع للمجلس اليوم – أمس – الاثنين (ساعة كتابة هذا الموضوع)، فهل سيقبل المجلس العسكري بها؟!
الواضح أنه لن يقبل بها وهذا ليس رجماً بالغيب، فالمؤتمر الصحفي للفريقين كباشي والعطا مساء الأحد قد أوضح ذلك بشئٍ من (اللولوة).. ولكن يبقى السُّؤال كيف سوف يُبرِّر الرفض هذه المرة؟!
(3)
كان في مقدور المجلس الانتقالي أن يرفض المُبادرة الإثيوبية قبل أو بعد أن تصبح أفريقية مُباشرة ولأسبابٍ موضوعية كان يقول إنّه يرفض أن يكون المجلس السِّـيادي بهذه الصيغة ويصر على مُقترحه القديم بأن يكون المجلس السِّـيادي (7 + 3) أي سبعة من العَسكريين وثلاثة مدنيين والرئاسة عسكرية، هذا إذا أراد المجلس تحاشي الرُّجُوع الصّريح عن ما تمّ الاتّفاق عليه، لأنّ (المجلس بيربطوهو من لسانه) خَاصّةً إذا كان عسكرياً.
(4)
الواضح أن المجلس العسكري الانتقالي قد تَراجَع عن اتّفاقه السّابق مع “قحت” فيما يتعلّق بالمجلس التشريعي، فهو يَرَى أنّ نسبة الـ (67%)، ثُمّ الاستشارة في الـ(27%) كثيرة على “قحت” حتى في مجلس الوزراء يرى أن يكون للمجلس العسكري حق الاستشارة، أمّا مجلس السيادة فهو (كُوم بَرَاهُو) ويخضع لما يتم التّوصُّل إليه في المجلسين الآخرين مُش كِـده وبس، يُمكننا التكهن بأنّ المجلس يرى أنّ ما قام به (عطاء من يملك لمن لا يستحق)!
أمّا السؤال لمَاذا تَغيّرت مَواقف المجلس العسكري من “قحت”؟ لماذا أجزل لها الاتّفاق ثُمّ تراجع عنه؟ فهذا يَرجع لعدّة عَوامل موضوعيّة وذاتيّة, وخارجيّة وداخليّة, قديمة وطارئة قد نذكر بعضها في مقالاتٍ لاحقةٍ إذا أمدّ الله في الآجـال (أجل الجميع بما فيهم السودان)، ولكن الذي نرجوه في ختام هذه المقالة هو أن يكون المجلس الوطني صريحاً وواضحاً في مواقفه ونهديه أغنية زيدان إبراهيم (خليك واضح يا جميل) وخليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.