حاطب ليل || عبد اللطيف البوني

خير هذا اليوم

شارك الخبر

(1)
ثَورة “ديسمبر – أبريل” المجيدة والجارية الآن (رُوحها طَويلة سَلَبة)، فقد تجاوزت مرحلة الضربة القاضية من زمنٍ ثُمّ دخلت مرحلة النقاط، وحتى مرحلة النقاط تَطَاوَلَت، ثُمّ بدأ نزيف النقاط لدرجة قد توازن الضعف، وهذه أخطر مرحلة تمر بها الثورة، لأنّ توازُن الضعف يَحدث مُنخفضاً تَهب عليه الرِّياح من أقرب مُرتفع وتروح فيها بلادنا (شَمار في مَرقة) كما حدث لدول أخرى (فال الله ولا فالي).. ولكن مع ذلك تحدث مُفاجآت من حينٍ إلى آخر تُجدِّد الرجاء وتبعث موات الآمال، وكل الذي نتمنّاه أن تكون مسيرة اليوم الأحد 30 يونيو من هذا النوع من المُفاجآت، وذلك بأن تقوِّي من دعوا إليها دُون أن تضعف المُناوئين لها.. فالخروج من توازُن الضعف هو ما ندعو إليه ليحدث تَوازُن قُوة، وبالطبع لتوازُن القوة خُطُورته، لأنّه سوف يدفع لركوب الرأس والصِّراع، ولكننا نُريده تَوازُن قُوة يسوق الجميع إلى طَاولة التّفاوُض مرفوعي الرأس لينتج عن ذلك اتفاقٌ يُخرج البلاد من وهدتها التي طالت!
(2)
قِوى الحُرية والتّغيير هي التي دَعت لتظاهرة اليوم، وقد عَدّدَت الأسباب التي دَعتها لهذه المسيرة ولاختيار هذا اليوم، وهي أسبابٌ موضوعية لا ترفضها العملية السياسية، أما السبب المعروف مع أنه غير مُعلنٍ فهو إظهار القوة والعين الحمراء ليُمكِّنها ذلك من لعب الدور الذي رسمته لنفسها وليس في هذا ما يُعيب، فاستعراض العضلات مُمارسة لا تأباها الأعراف السِّياسيَّة المعمول بها في كل الدنيا.
ومن الضفة الأخرى، يحق للمجلس العسكري أن يظهر قُوته وذلك بأن يحمي هذه المسيرة ويُوفِّر لها الأمن إلى أن تصل غايتها، ثُمّ يمضي كل مُشارك إلى حَال سبيله.. بعبارةٍ أخرى أنّ قُوة “قحت” اليوم يجب أن تَتمظهر في سلمية التّظاهرة، وقُوة المجلس العسكري يجب أن تَتمظهر في حِماية المَسيرة ليمضي هذا اليوم بسلامٍ.
قد يكون فيما ذَكرناه ضرب من المثالية أو شكل من أشكال التّفكير الرّغائبي، ولكن ظاهر الأشياء يفرض ذلك، مع أننا أخذنا علماً بقول شاعرنا المجيد الفيتوري (والجاهل من ظن الأشياء)!
(3)
الباب اليوم مفتوحٌ على احتمالاتٍ كثيرةٍ، وهناك سيناريوهات مُخيفة رسمت لهذا اليوم، فالنوايا غير الحميدة قد تكون موجودة لدى البعض والتفلُّت الفردي المُفضي لعطبٍ جماعي واردٌ، وتدخُّل أطراف غير مَرئية واردٌ، لا بل مُخطّطات غير مُعلنة لدى أيِّ طرفٍ من الأطراف واردة، فكُل سحائب الشّـر يُمكن أن تتجمّع اليوم في سماء السودان، ولكن مع ذلك دعونا نتفاءل خيراً ونقلب حُسن الظن في الجميع، فدعونا نتمنّى نجاح المَسيرة وسَلميتها وحمايتها ويمضي هذا اليوم بسَلامٍ، فلو مَرّ هذا اليوم بسلامٍ فسيكون فجرٌ جديدٌ قد انبلج في مسيرة هذه الثورة الظافرة.. لو مَرّ هذا اليوم بسلامٍ سَيكون مُفاجأة سارّة للبلاد والعباد.. لو مَرّ هذا اليوم بسلامٍ سوف تهدأ النفوس وتَهدأ الخَـواطر وتنهض بوادر الثقة ويبدأ الحوار المُباشر ويتم الاتّفاق إن شاء الله، وتدخل البلاد الفترة الانتقالية المُفضية للاستقرار السياسي إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.