الرواية الأولى مجدي عبد العزيز

معادلات الانتقالية الحذرة

شارك الخبر

° غردتُ على تويتر ونشرت على فيسبوك فور الانتهاء من التصريحات الإعلامية عقب إعلان الاتفاق بين المجلس العسكري وقحت فجر الجمعة الماضية بأن: شمول الاتفاق الذي أشار إليه الفريق أول حميدتي وتطمينه للحركات المسلحة وبقية القوى الوطنية يمثل قمة الحكمة العائدة والراجحة – التي كادت أن تغيب في خضم وقائع نزاع الفترة الماضية التي علت فيها نبرات الإقصاء وصعرت فيها خدود التجاوز، فحميدتي هو الوحيد من بين الذين برزوا أمام منصة التصريحات بفندق كورنثيا وقام بمد مظلة الاتفاق الطازج بعيدا عن قاعة (بنغازي) التي جمعت الطرفين  والوسطاء ليومين متتاليين، عانيا بذلك  أن يشمل ظل هذا التوافق الحركات المسلحة – شبه المنسية مع نسائم بواكير هذا الفجر السياسي الجديد – وكذلك يشمل قوى وطنية وأهلية حاضرة وفاعلة في المشهد الراهن، وبذلك يؤكد حميدتي على ما ظل يردده في لقاءاته الخاصة والجماهيرية بأن عبور الفترة الانتقالية لا يتم بالسلاسة المرجوة بغياب المفهوم والنظرة القومية وصدق النوايا فيها، وحديث حميدتي هذا هو ما زاد عيار الفرح والسرور بتوقيع هذا الاتفاق.. ثم سايرت أدبيات الراهن مثل مسايرة الفريق أول عبد الفتاح البرهان في خطابه الأخير للغة (الراندوك) مطلقا (قوميياااو) لشحذ الشعور الوطني العام بأن فترة الانتقال للجميع وبتوافقات الحد الأدنى حتى العبور بالانتخابات ولإنجاز الدستور الذي يحقق الـ (مدنياااااو) الشاملة بوثائقها ومؤسساتها وقوانينها .
° هذه الروح القومية الممتزجة بروح التغيير أن سادت سينجز بها مطلوب العدالة الانتقالية بكافة استحقاقاته وأوجهها في رد الحقوق ودفع المظالم ومحاسبة المفسدين (أيا كانوا) فموازين العدالة تختل بالتهاون في ضوابطها أو الإفراط في الكيل بغير حساب.
° ستتزن رمزية المجلس السيادي المرتقب أيضا بتعبيره عن كافة اقاليم السودان بعد أن تحقق شعار جيش واحد شعب واحد بتمازج العسكريين والمدنيين، فمن أهم سمات السيادة الوطنية أن يرى مواطن السودان في مناحيه المختلفة نفسه في رمزه الوطني، وأعتقد أن ذلك لن يغيب عن فطنة من يرسمون المشهد الآن، خاصة مع اعتقادي الجازم بأن العسكريين سيعيدون ترتيب تمثيلهم في السيادي وأن العضو الحادي عشر (خاطف اللونين) المدني والعسكري سيكون ارتكازيا ومحوريا .
° لاحظت أن اتفاق إدارة الفترة الانتقالية قد غفل عن أي سيرة لمنظومة الحكم الاتحادي، وهي بالطبع من هياكل الحكم في السودان – ربما تركت لمرحلة لاحقة، لكن كثيرين من ذوي الشأن حذروا من المساس بمكتسبات المواطنين خاصة في الهامش والأطراف من حكمهم الذاتي وتقليص الظلال الإدارية، وبدوري أحذر وبشدة.
° بقي أن نقول إن عودة العافية إلى جسد الاقتصاد الوطني والإصلاح المؤسسي وتقديم الخدمات للمواطنين، وتسهيل سبل العيش الكريم وكل استحقاقات العمل التنفيذي لا يمكن أن تتم بالانفراد أو بالإدارة المجتزأة، إنما ذلك يتم وفق برنامج تشاركي تتم إجازته والتوافق عليه بواسطة كل الأطراف المسؤولة عن إدارة فترة الانتقال وبروح قومية أيضا – وتحقيق (الهارموني) بين كل المكونات السيادية والأمنية والتنفيذية والخدمية لا يتم إلا بالعزف من (نوتة) واحدة متفق عليها، فالآن كل الآذان صارت ذات حساسية عالية وسيكتشف اللحن النشاز مع أول إيقاع .
° بين دفتي مسودة الاتفاق الخاضعة الآن للضبط والصياغة القانونية لتقديمها في قالب التوقيع النهائي كثير من عناصر معادلات الفترة الانتقالية التي تحتاج لحسابات دقيقة وإحداثيات مضبوطة وتنبؤات جوية قبل الإقلاع، فالخلل يعني السقوط لا قدر الله، رحلة سعيدة وآمنة وإلى الملتقى ..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.