أجندة عبد الحميد عوض

“أضان الحامل”

شارك الخبر

*في انتخابات 2010 بادرت وكالة السودان للأنباء باستضافة مرشحي رئاسة الجمهورية واحداً تلو الآخر، بغرض إتاحة الفرصة لهم لطرح برامجهم ورؤاهم أمام وسائل الإعلام، ومواجهة الأسئلة الساخنة من الصحفيين.
*يومئذ وجدها المرشح مبارك الفاضل فرصة ليهاجم أجهزة الإعلام الحكومية، وذلك لعدم حياديتها واستقلاليتها لكن الصحفي بإذاعة أم درمان الحاج أحمد المصطفى انبرى بالرد بأن أجهزة الإعلام تلك تتبع للحكومة أياً كانت، ولو أصبح مبارك الفاضل يوماً في الحكومة ستهتم بحكومته، ومع طول أمد الحادثة أجد نفسي مدينا باعتذار للزميل الحاج أحمد المصطفى إن لم يكن نقلي دقيقاً لحديثه لكني متأكد أن روح المداخلة تمضي في ذلك الاتجاه.
*هذا المفهوم لا يقتصر للأسف عند الحاج أحمد المصطفى وحده، بل يسيطر على غالب العاملين في الأجهزة الحكومية، متناسين أن تلك المؤسسات هي ملك للدولة وليس الحكومة، والذي يمتلك شهادة بحثها هو دافع الضرائب الذي يتكفل برواتبهم ومخصصاتهم وحوافزهم، بالتالي لا يدفعها الحاكمون من جيوبهم أو مما ورثوه من مال آبائهم وأمهاتهم.
* بعد الثورة واتجاه أنظار العالم نحو السودان، كان بإمكانها وكالة السودان للأنباء، أن تتحول إلى مرجع أساس للوكالات العالمية في الشأن السوداني، لكن إدارتها بقيادة السكرتير الصحفي السابق، للرئيس المعزول عمر البشير اختارت أن تقدم أسوأ النماذج في عدم المهنية والانحياز الأعمى واللااستقلالية، ولم تستفد مطلقاً من مُناخات الحرية والمعلومات المتدفقة على “أطراف الشوارع”، وارتضت لنفسها أن تكون بوقاً للسلطان.
*لكم أن تتخيلوا على سبيل المثال كل وكالات العالم وقنواته الفضائية وصحفه ومواقعه الإلكترونية، صوبت اهتمامها، السبت الماضي، نحو مواكب “العدالة أولاً” التي خرج فيها الملايين للشوارع للمطالبة بالقصاص للشهداء، وأعدت تلك الوسائل الإعلامية، أشكالاً من التحرير الصحفي بما يشمل الخبر والتقرير والحوار والاستطلاعات والصور ومقاطع الفيديو، في وقت عملت فيه سونا بمبدأ “أضان الحامل طرشا”، وحتى حينما وقعت أحداث مدينة السوكي الدامية تجاهلتها الوكالة وتغابت أمس حتى عن حادثة دهس 4 أشخاص من أسرة واحدة بأم درمان رغم بعده الإنساني العميق.
*الأنكى والأمر، أن إدارة سونا الموالية للثورة المضادة ذهبت أبعد من ذلك بكثير حينما خصصت منبرها لاستضافة أحزاب وتجمعات وهمية ومصنوعة، لتستخدم أسلحتها الصدئة للنيل من الثورة والثوار، هل سمع أحدكم بالقوى الثورية والمجلس الأعلى لمنسقية القوى الشبابية، وحزب مستقبل السودان وتجمع شباب السودان القومي، وتضامن الثوار الأحرار وحزب الدعم الوطني وهلمجرا؟
*تستضيف فيه الوكالة تلك النكرات وتتعامى في الوقت إدارتها المرتبطة بمصالح الدولة العميقة عن الكتل والأحزاب والتجمعات التي صنعت الثورة، وإذا كان ذلك غير مقنع لعبد الله جاد الله وصحبه، وهذا من حقهم الشخصي، فعليهم فقط التعامل بواقعية لأن تلك الأحزاب هي التي تعيد البناء الوطني والاجتماعي.
*أخيراً
ما يحدث في سونا هذا الأيام، لا يجعل إدارتها هدفاً للتغيير في المستقبل، بل يطرح سؤالا أهم حول جدوى استمراريتها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.