الاتفاق والاختلاف

الطريق الثالث - بكري المدني

السؤال المحير عقب توقيع مجموعة من قوى الحرية والتغيير أمس اتفاقا سياسيا مع المجلس العسكري الانتقالي ليس هو: لماذا قبلت المجموعة الموقعة الإقبال على هذه الخطوة دون الآخرين الذين يشكلون معها تحالف إعلان قوى الحرية والتغيير؟ ولكن السؤال هو: لماذا قبل المجلس العسكري الانتقالي وهو سلطة أمر الواقع توقيع اتفاق مع مجموعة من قوى الحرية والتغيير في ظل غياب مجموعة أخرى يمثلها الحزب الشيوعي (أحد أكثر أحزاب قوى الحرية والتغيير فعالية أثناء وبعد التغيير فى 11ابريل) والحركات التي تمثل الجبهة الثورية وعلى رأسها حركة العدل والمساواة (جبريل إبراهيم) وحركة جيش تحرير السودان (اركو مناوي) والحركة الشعبية لتحرير السودان -قطاع الشمال؟!

دون التقليل من قيمة المجموعة التي وقعت اتفاقا مع المجلس العسكري من قوى الحرية والتغيير، ولكن وجود قوى سياسية وعسكرية مؤثرة مثل القوى التي ذكرتها عاليا يخصم من قيمة الاتفاق السياسي ومن تأثير الحكومة التي ستنتج عنه وذلك لوجود الذين ذكرت خارجها!

كان حريا بالمجلس العسكري الاشتراط على قوى الحرية والتغيير الاتفاق فيما بينها ولو بنسبة غالبة على التوافق على الاتفاق السياسي ثم التوقيع عليه مجتمعين دون القبول بتوقيع مجموعة لا تضم إليها الحزب الشيوعي والحركات المسلحة.

قد يقول قائل وهو صادق إن توافق كافة القوى السياسية والمسلحة على التوقيع أمر صعب، ولكن أن يوقع على الاتفاق المعني الحزب الناصري ليس مثل أن يرفضه الحزب الشيوعي!

واضح أن المجلس العسكري يدفع اليوم خطأ تقديره الأول، وهو قبول فكرة أن تشكل قوى الحرية والتغيير حكومة الفترة الانتقالية، فهذه القوى وبعد أن اشترطت عزل الآخرين بحجة المشاركة في النظام السابق، فشلت في أن تتفق هي نفسها فيما بينها ناهيك عن أن تتفق مع المجلس العسكري مجتمعة.

إن المتعارف عليه في ظروف متماثلة وقد حدث ذلك من قبل في السودان هو أن يشكل المجلس العسكري حكومة انتقالية لفترة قصيرة ومحددة تنتهي بإقامة فترة انتخابات تشارك فيها الأحزاب متنافسة على السلطة ويفوز بها من يختاره الشعب.
ولكن المجلس العسكري مضى لمراضاة أحزاب قوى الحرية والتغيير موافقا إياها في عزل الآخرين وفي تحديد عمر طويل للحكومة: ووافق على حقها في تشكيل مستويات الحكومة ومنحها حق التشريع لها فماذا كانت النتيجة؟! لقد فشلت قوى الحرية والتغيير في أن تتفق على تلك المنحة الغالية!

لا أعرف على أي نحو من (الترقيع) و(التلتيق) ستتم معالجة أمر أحزاب وحركات قوى الحرية والتغيير التي رفضت الاتفاق، وما يزال هناك الاتفاق الصعب على الإعلان الدستوري وتكوين المجلس التشريعي، ولكن واضح أن المجلس والمجموعة الموقعة معه من قوى الحرية والتغيير ستواجه وضعا معقدا في فترة مهما طالت فهي محدودة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.