حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

آبي أحمد في السودان

شارك الخبر

(1)
الحَفَاوة التي قُوبِل بها رئيس الوزراء الإثيوبي في السودان في يوم التوقيع على الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية في 17 أغسطس الجاري، تلك الحفاوة التي ميّزته على بقية الضيوف، ليست لأن إثيوبيا قامت بدور الوسيط في المُفاوضات التي أدّت للوثيقة، إلا لكان موسى فكي أحق بالحفاوة، بل هي امتدادٌ للإعجاب الذي حُظي به آبي أحمد منذ صُعُوده لسدة الحكم في بلاده، حَيث أظهر هُناك سِياسَة جَعلت نَجمه سَاطعاً في كُلِّ أفريقيا، بعبارةٍ أُخرى لقد كُنّا مُعجبين ومُتابعين لِسَيَاسَة آبي أحمد في دَاخِل بلاده.. آبي أحمد وهو من الهامش الإثيوبي، لكنه جاء للحكم من نفس المُؤسّسة (الاستبالشمنت) التي جاء منها سلفاه ملس زيناوي وديسالين، ولكنه كانت له كاريزميته التي استطاع بها قلب الطَاولة وتَلبية كل مُتطلبات وتطلُّعات شعبه فَكَانَ مَا كَانَ.
(2)
مَصادر الشّرعيّة عند علماء السياسة ثلاثة, قانونية (انتخابات وكدا)، وتقليدية (وراثية) وكاريزمية (شخصية ملهمة)، تجارب أفريقيا الأخيرة أثبتت أنّ أكثرها فاعلية هي تلك التي قامت على إعجاب وتبعية لقائدٍ مُلهمٍ (كاريزمي) حَدَثَ هذا في غَانَا وفي تنزانيا وفي رُواندا وأخيراً في إثيوبيا.. أمّا نحن في السُّودان، فَقَد كان آخر قائد كاريزمي تشهده بلادنا هو مُحمّد أحمد المهدي الذي استطاع أن يجمع كل السُّودان حول راية ثورته الدينية.. أمّا دولة المهدية فأمرها مُختلفٌ وهذه قصة أخرى.
بعد الاستقلال كُنّا وما زلنا في انتظار قائد كاريزمي مثل نهرو وعبد الناصر ومانديلا، وظهور آبي أحمد في جنبتنا الشرقية زاد أشواقنا لهذه القيادة.
الخراب الذي تركه النظام السابق جعلنا نُوقن أنه لا حكومة مُنتخبة ولا حكومة عسكرية أخرى قادرة على إصلاحه، لذلك رفضنا مُناصفة العساكر في الحكم وأبعدنا الانتخابات، لقد أصبحنا مهيأين أكثر من أيِّ وقتٍ مضى لهذه القيادة الكاريزمية.
(3)
تَعَرّفَ الشعب السوداني على حمدوك إثر رفضه لوزارة المالية في ظل النظام السابق، ثُمّ برز اسمه كرئيس وزراء في الفترة الانتقالية مُرشّحاً من قِبل الجماهير أكرِّر من قِبل الجماهير، ثُمّ وقع الاختيار عليه من الطرفين العَسكري و”قحت” دُون كثير (ملاوة)، فكان حُضُوره إلى السودان يوم الأربعاء الماضي وأدائه القَسَم، فكانت تَصريحاته المُقتضبة في المطار وبعد أدائه للقَسَم ثم المقابلة التلفزيونية التي قام بها الاستاذ فيصل محمد صالح لقناة النيل الازرق لها مفعول السحر في زيادة القناعة به، وإذا أضفنا لهذا خلفيته الاجتماعية (من مناطق الهامش) وتدريبه الأكاديمي والعملي وسيرته الذاتية الباذخة، كل هذا جعلنا نشعر (مُجَرّد شُعور حتى الآن) إنّنا أمام قيادة كاريزمية سُودانية.. قد يكون في هذا حُكمٌ مُتسرعٌ، ولكن المثل السُّوداني يقول (الصبي من تبته, والخريف من رشته, والعرس من بشته)، ولكن المُهم هو أنّه لدينا الآن قابلية عالية لقيادة كاريزمية والبلاد في حَاجَةٍ لها.
ويبقى السُّؤال، هل يُمكن أن يَكون عبد الله حمدوك هو هذا القائد المُنتظر؟ دَعُونا نبدأ بالعَقَبات التي تَقف أمَامَهُ أولاً.. وليكن هذا مقالنا ليوم الغد إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.