همس الكلام 
حسين الخليفة الحسن

الدويم.. مدينة النجباء

شارك الخبر


الدويم مدينة العلم والنور، كَمَا يَحلو لعُشّاقها مُناداتها.. تَرقد الدويم هانئةً، حالمةً على الضفة الغربية من نيلنا العظيم سليل الفراديس مُتوسِّدة رماله السمراء الناعمة.. مدينة يضمّها عشقاً قلب كل من تَعَلّم رسم الحرف ونطق الكلمة.. مدينة كانت من حِسان مُدن الوطن الحبيب.. طوّق أهل السودان عُنقها بقلائد الـوُد والاحترام لإرثها النضالي الحَضاري العَريق، ووضعوها في حَدقات العُيون لأنّها فتحت لهم نوافذ العلم والمعرفة مع توأمتها قلعة العلم والثقافة والإبداع “بخت الرضا”.. كما أفسح لها الوطن حيِّزاً رحباً في ذاكرته.. كَان لرجالها الشوامخ الأفذاذ القَدَح المُعلّى في مُناهضة المُستعمر، وخاضوا اللهيب من أجل إعلاء لواء الاستقلال وإيقاد جذوة الحُرية.. ونذكر منهم: الحاج أحمد سعيد، العمدة محمد حسين عمران، عثمان عمار، أحمد فضيل، جلال عبد الرحيم، مبارك الحاج، صديق نور القبلة، برير الأنصاري وغيرهم من غيّبتهم الذاكرة الهرمة، فمعذرة.
وعندما تمّ اختيار بخت الرضا مَنارةً للعلم والمعرفة بالسودان والعالم العربي “1934” كمعهدٍ لتأهيل وتدريب المُعلِّمين، فَرحَ وابتهجَ مُواطنو مدينة الدويم للحدث التاريخي الفريد، ومدُّوا أياديهم البيضاء بالعون المادي والعيني والأدبي فرحة بالمولود الجديد.
كما فتح رجال الدويم قلوبهم ودُورهم لاستقبال وضيافة زُوّار المعهد فتوطّدت الرابطة، واستقبل المعهد الأطفال وتم استيعابهم كنواة بالمدرسة الأولية “أضخم مدرسة عدداً بالسودان”.. بجانب العلاقة الأسرية الاجتماعية الراسخة بين التوأمين، ازدهرت بينهما علاقة روحية ثقافية، فاعتلى مُفكِّرو ومُثقّفو ومُعلِّمو المَعهد منابر المساجد والأندية بالدويم، كما عَقَدُوا الندوات الثقافية بالساحة أمام مكتبة غانم محمد أفندي عَطّرَ الله مرقده، وتدافع عَاشقو بخت الرضا ومُثقّفو المدينة لحُضُور تلك المُنتديات، ومن هؤلاء نذكر: حسين عمران، حسن سائح، حسين عبد العزيز وأحمد عثمان بخيت.
تفتّحت الأذهان، وانتشر الوعي الفكري والثقافي، وتَضاعَف عَدَد مُصاحبي خير الجليس، كما تقلّصت نسبة الأمية نتيجة هذا الغَزو الثقافي، والغذاء الفكري والروحي.. وهذه المُصاهرة الثقافية الأكاديمية كلها مَهّدَت للمدينة العملاقة أن تنجب للوطن العلماء والمُفكِّرين، رؤساء الوزارات، رُوّاد الخدمة المدنية الذين أثروها بثاقب فكرهم وسديد رأيهم، الأطباء، المُهندسين، رجال الأعمال، وكلاء الوزارات، مُديري الجامعات وعُمداء الكُليّات والخُبراء في شَتّى المَجَالات وغيرهم كُثـرٌ.
وتُواصل مدينة العلم والنور عطاءها السخي للوطن من العُنصر البشري، فها هي تُبادر وتهدي الثورة المجيدة اليوم أحد أبنائها البَرَرَة المُناضل الغَيُور حاتم سيد قطان ليُشارك في بناء الوطن من داخل دهاليز وأروقة ديوان رئيس مجلس الوزراء.. له التّهنئة مِنَ الأهل والأحباب كَافّة، ونأمل أن يشيل الشيلة ويكون عند حُسن الظن “ويملا العين” كسلفه الصالح.
وفّق الله الجميع وحفظ الله الوطن

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.