خالد مُحمّد إسماعيل

الحزب الشيوعي.. ماذا يريد؟

شارك الخبر

استطيع القول، إنّ القوى السياسية السودانية قاطبةً قد رحّبت بالإعلانيْن السياسي والدستوري اللذين وقّعهما مُؤخّراً المجلس العسكري الانتقالي وقِوى إعلان الحُرية والتّغيير برعاية الوساطة الأفريقية والإثيوبية، إلا واحداً من هذه القِوى لم يُرحِّب وهو الحزب الشيوعي السوداني، ورغم أنّ الوثيقة الدستورية قد لَبّت مُعظم المطالب المدنية للثورة، إلا أنّ الشيوعي كعادته لا يعجبه العجب ولا الصيام في رَجب كَمَا يقول المَثل! والحزب الشيوعي السوداني يُشكِّل دوماً مصدر عراقيل في الممارسة السياسية السودانية، فهو من قبل قد استطاع الولوج إلى السلطة عبر انقلاب مايو ٦٩، ثُمّ حاول وأد نظام مايو نفسه الذي أتى به لولا يقظة الرئيس الراحل جعفر نميري الذي أجهض هذه المُحاولات في مهدها! فالشيوعيون قومٌ لا تستطيع أن تعرف منهم ماذا يُريدون، فإذا خاطبتهم من اليمين إلى اليسار، يُخاطبونك من اليسار إلى اليمين! والشيوعيون يزعمون أنّهم لسان حال الغلابة والمسحوقين من الشعب! وهم الذين سحقوا هذا الشعب في الجزيرة أبا وفي ود نوباوي! وهم الذين صادروا مُمتلكات القطاع الخاص السوداني أوما يُعرف بالتأميم والتاريخ شاهد على ذلك، فثقافة الشيوعيين استئصالية إقصائية شمولية، بدليل أنهّم ضد التّعدُّدية الحزبية ومن كان ضدهم فهو إمبريالي ينبغي التّخلُّص منه، والتاريخ شاهدٌ على أفعال الحزب الشيوعي بدءاً من الكرملين مُروراً بأوروبا وأفريقيا، والتاريخ يذكرنا كيف أنّ الزعيم الشيوعي السوفيتي السابق ليونيد برجنيڤ نتاج لحماقه تمالكته قد دكا بدباباته العاصمة التّشيكية براغ في رمشة عين وجعلها كان لم تغنِ بالأمس! وبرجنيڤ هذا كَان يَطمح أن يجعل من الكرة الأرضية كرة حمراء، وليته يدري من بعده أنّ الميدان الأحمر في قلب موسكو لم يَعد أحمر، فالتجربة الشيوعية إذا كانت قَد فَشَلت في عقر دارها مُوسكو، فكيف لها أن تنجح في بيئات خارج بيئتها الأم مثل السودان وموروثاته تلفظ الماركسية فكراً وتطبيقاً، وإذا كانت الماركسية نفسها لم تَسد ولم تصمد طويلاً في منشأها رغم برنامج إصلاح الدولة “البروسترويكا” الذي وَضَعَهُ ميخائيل غُورباتشوف وهو آخر زعيم سُوفيتي، إلا أنّه لم يحل دُون تَفكُّك الاتحاد السوفيتي إلى دولٍ كَانَ قَد تَكُون منها قِسراً لأنّه بَاتَ رجل أوروبا المريض the sick man of europe وحتى بعدما خلفه بوريس ايلتسين كأول زعيم بعد تَفَكُّك الاتحاد السوفيتي في العام ١٩٩٠م محا آثار الشيوعية السابقة من الدولة الوليدة “روسيا”.. إذن كيف لها أن تسود في بلاد هي دخيلة عليها؟!
والآن وصلنا إلى مرحلة تكوين الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك ومع هذا تجدهم مُتحفِّظين عليها، رغم أنها قد تَوَافَقت عليها مُعظم أطياف ومُكوِّنات الشعب السوداني.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.