حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

القصة قَمح!

شارك الخبر

(1)
في مقال يوم الخميس، قُلنا إنّ كل مُستويات الحكم الآن في السودان بدءاً بالحكومة الاتحادية، وانتهاءً بالمُستوى المحلي، مُروراً بالمُستوى الولائي مشغولة بتوفير رغيفة الخُبز لسُكّان المُدن وسُكّان القُرى الذين تَمَدّنُوا، هَذا طَبعاً بالإضافة للمهام الأخرى، ولكن الخُبز قفز لخانة الأولوية لأنّ (الجوع كافر وبيقلب أجعص حكومة)!! وقُلنا إنّ البلاد تأكل الآن مِمّا يتصدّق به الأشقاء من القمح..!
عليه، وللأسف الشديد تصبح قضية رغيفة الخُبز، قضية قومية لا بُدّ لها من حلٍّ نهائي حتى لو اضطر الناس لترك أكل القمح نهائياً والاكتفاء بما تجود به أرضهم، أو عمل رغيفة مخلوطة، أو استنباط موارد لشراء القمح، أو إنتاج ما يكفي منه من أرض السودان، ولا نود الخوض هُنا في مسألة مَدَى صلاحية مناخات السُّودان لإنتاج القمح، فالنقاش فيها لم يعد نقاشاً علمياً، إنّما صراع مصالح..!
(2)
دَعُونا نقفز إلى قضيتنا مع القمح اليوم، ففي آخر أيّام حكومة بكري حسن صالح وباقتراحٍ من مبارك الفاضل تَمّ رفع سعر التركيز للقمح ليصبح سعر الجوال 1800 جنيه تشجيعاً للمُزارع، فأعفيت حكومة بكري وجاء بعده معتز موسى الذي تبنّى الاقتراح بدون تردُّدٍ وَأَضَافَ له خمسين جنيهاً للترحيل ليصبح 1850 جنيهاً، وكان لهذا السعر مفعول السحر رغم غلاء المُدخلات ارتفعت المساحة المزروعة في مشروع الجزيرة إلى 350 ألف فدان، كما زادت المساحة في الشمالية والنيل الأبيض وحتى شمال كردفان، كان هذا في مُوسم 2018، فكانت الحصيلة أن اكتفت البلاد من الإنتاج المحلي للقمح لأكثر من أربعة أشهر، وبمُجرّد انتهاء القمح المحلي في ديسمبر، قَامَت قيامة الحكومة و(حدس ما حدس)، ونحن الآن نأكل من (العون الإنساني) طبعاً دا اسم الدّلَـع..!
(3)
قبل أن تُعلن الحكومة سعر التركيز، قام بعض المُزارعين النابهين بتحضير حواشاتهم للموسم الشتوي، أكاد أجزم أن المساحة التي تمّ تحضيرها في مشروع الجزيرة لا تتجاوز المائة ألف فدان، ولكن الحمد لله أعلن سعر التركيز في نهاية الأسبوع الماضي بـ2500 جنيه.. وفي تقديري أنه مُناسبٌ، ويبقى المطلوب الآن توفير كميات كبيرة من المُدخلات (تقاوي، أسمدة ومبيدات) وبأسعارٍ مُناسبةٍ.. وهنا نسأل هل يُمكن أن تحوِّل الحكومة العون الإنساني الذي يأتيها من الأشقاء (السعودية والإمارات) والأصدقاء (ألمانيا وفرنسا)؟ فقد أعلن وزيرا خارجية البلدين عن عشرات الملايين من اليوروهات تبرُّعاً للسودان وثورته, إلى عون تنموي؟ أي يتحوّل إلى مُدخلات إنتاج، علماً بأنّ المملكة العربية السعودية كانت سَبّاقَة في هذا المَجَالِ، إذ وصلت منها خمسين ألف طن سماد للمُوسم الشتوي.
من الآخر كدا، بعد إعلان سعر التركيز المُناسب وإذا تبع ذلك إعلان عن مُدخلات كافية بأسعارٍ مُناسبةٍ (أشارطكم) بأنّ المساحة المَزروعة قمحاً في مُوسم 2020 سوف تقفز إلى 600 ألف فدان، وأنّ العائد يُمكن أن يكون حوالي المليون طن.. يَعني بشيءٍ من (المُباصرة) يُمكن أن تكفي البلاد لعامٍ كاملٍ.. قُـل لـي كيـف؟
غداً إن شاء الله نثبت (الكضبة) دي!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.