حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

الحصة قَمح

شارك الخبر

(1)
في الثلاث سنوات الماضية وعلى التوالي، أثبتت تجارب زراعة القمح في السودان أنّ الفدان وفي عدة مناطق من السودان يُمكن أن يُعطي مثل المُعَدّل العالمي إن لم يكن أكثر، هذا في حالة إعطاء ذات الفدان المُعَدّل العالمي من المُدخلات وهي تحضير علمي وتقاوي جيدة وأسمدة (داب ويوريا وورقي) ومُبيدات (حشائش وآفات) إذا دعا الأمر، وري مُنتظم وَحَصَاد في الوقت المُناسب.. فتجربة الراجحي في نهر النيل والشمالية، وتجربة أمطار في الشمالية، وتجربة نَادِك في شمال كردفان، وقبل ذلك تجربة دال (أسامة داؤود) في الشمالية إذا كَانَ المُتوسِّط في كل هذه التجارب بين ثلاثة أطنان إلى طنين ونصف، وكل هذا التجارب كانت بمُدخلاتٍ مثاليةٍ وري محوري.
(2)
ولكن التجارب التي يُمكن أن يعول عليها هما تَجربتان، الأولى تَجربة دافي في مشاريع النيل الأبيض القديمة، حيث كانت الزراعة في مِسَاحَاتٍ وَاسعةٍ وبالرَّي الانسيابي العَادي، وعلاقات الإنتاج تقوم على الشراكة بين المُزارع والشركة، فكانت إنتاجية الفدان فوق الاثنين طن، بيد أنّ الأهم تجربة، بَعض المُزارعين في مَشروع الجزيرة الذين يُمكن أن يَصل عَدَدهم إلى المئات وقد اتّصلت بعشراتٍ منهم، حيث كان الواحد من هؤلاء ينتج بين الاثنين والثلاثة أطنان في الفدان، والذي مَيّزهم عَن جيرانهم المُدخلات المِثَالِيّة، فتجد مُزارعين في تُرعةٍ واحدةٍ وفي نِمرةٍ وَاحدةٍ يفصل بينهما (أبو ستة) عَرضُه متران، واحد ينتج (25) جوالاً في الفدان، والآخر ينتج خمسة جوالات في الفدان، رغم أنّ الأرض واحدةٌ والماء واحدةٌ والشمس واحدةٌ, فالفرق في كمية المُدخلات..!
ويبقى السؤال، لماذا لا تُعمّم تجارب المُزارعين الأكثر إنتاجاً على كل المُزارعين؟
الإجابة: ضيق ذات اليد، إذ أنّ أسعار الأسمدة (أهم مدخل) مُرتفعة جداً لا يطيقها كل المُزارعين.
(3)
بعد دِراسةٍ مُبَسّطةٍ على تَجارب المُزارعين النّاجحين وصلت إلى خلاصة أنّ التحضير الجيد ثلاث حرثات، وأنّ التقاوي المُناسبة بين (60) إلى (70) كيلو للفدان، وأنّ سماد الداب (100) كيلو للفدان، وسماد اليوريا (300) كيلو للفدان، بهذه المُدخلات يُمكن للفدان أن ينتج بين اثنين إلى ثلاثة أطنان من القمح.
أمّا المُزارعون من ذوي الإنتاج المُتدني فإنّ فدانهم يعطي أقل من (50) كيلو من التقاوي، و(50) كيلو من سماد الداب، و(100) كيلو من سماد اليوريا، وهذا يعني أنّه إذا وفّرنَا المقادير المثالية لستمائة ألف فدان.. لكم أن تتخيّلوا كمية المُنتج من القمح في المُوسم؟ ولا شَكّ في أنّ عند علماء القمح الخبر اليقين وما أكثرهم وأجلهم في السودان.
أمّا السُّؤال، أين هي الستمائة ألف فدان؟ الآن في مشروع الجزيرة، وعلى الخُطة التأشيرية فإن هناك (400) ألف فدان، وهناك مساحات كبيرة خرجت من المُوسم الصيفي بسبب الأمطار والسيول يُمكن إضافتها للعروة الشتوية، هذا بالإضافة لمشاريع النيل الأبيض ونهر النيل والشمالية مُش كدا وبس!! أكاد أجزم مع سعر التركيز المجزي الذي أُعلن عنه لو وُفِّرت المُدخلات بأسعارٍ مُناسبةٍ، يُمكن أن تصل المساحة إلى مليون فدان إذا تَوَفّر الري.. ولكن خلُّونا في (600) ألف دي!! وغداً إن شاء الله نصل إلى ثورة القمح التي ننشدها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.