حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

الثـورة قَمـح

شارك الخبر

(1)
بالأمس قلنا إنّ الحكومة خَطت خَطوة مُتقدِّمة نحو إنجاح مُوسم القمح لعام 2019 – 2020م، وذلك بإعلان سعر التركيز المُناسب وهو 2500 جنيه للجوال زِنة مَائة كيلو، بعد أن كَانَ في الموسم السابق 1850 جنيهاً، وقد كان لذلك السعر أَثرٌ إيجابيٌّ, والأهم أنّه قد صرف للمُزارعين كل مُستحقاتهم رغم ظُرُوف الثورة وعدم الاستقرار السياسي، فكان لذلك الأثر الأكبر في إنجاح العروة الصيفية المَاثلة، أمّا السعر الجديد فقد وصفناه بالمُناسب، ولكن ذلك شريطة أن يصحبه توفير المدخلات وبسعرٍ مُناسبٍ, وعلى أن تصل في أوَانِها عَن طَريق البنك الزراعي والإدارات الزراعية، فإذا حَدَثَ هذا يُمكن أن تَرتفع المِسَاحة المَزروعة قَمحاً إلى مليون فدان، فالجزيرة وحدها بها الآن 600 ألف فدان ويُمكن أن يُضاف لها 200 ألف فدان فَشَلَت في العروة الصيفية لأسبابٍ مُختلفةٍ، لكن خلُّونا على الـ400 ألف فدان المُؤشِّرة رسمياً لعوامل الري وإصرار البعض على مَحاصيل شتوية أُخــرى مُربحَــة.
الشمالية ونهر النيل والنيل الأبيض وحلفا الجديدة والرهد .غيرها يُمكن أن تعطينا 400 ألف فدان، ولكن خلُّونا على 200 ألف فدان وترك البقية للمحاصيل الأُخــرى.
إذن يا جماعة الخير 600 ألف فدان قمح لهذا المُوسم ما عايزة أيِّ قُومَـة نَفـس..!
(2)
بالأمس حدّدنا المقادير المثالية من المُدخلات للفدان الواحد لكي ينتج أكثر من اِثنين طَن، وذلك من كرّاس مُزارع مُهتمٍ و(قَادِّي رياضيات) وهو العبد لله، وقلنا عِند عُلماء القمح الأجلاء الخبر اليقين، ومن تلك الدراسة يُمكننا أن نقول: زراعة 600 ألف فدان تحتاج إلى 180 ألف طَن سَماد يُوريا (300 كيلو للفدان)، و60 ألف طن سماد داب (100 كيلو للفدان) – هذان أهم عُنصرين في المُدخلات – وأقل من 10 آلاف طَن سَماد ورقي وكميات أقل من المُبيدات، هذا بافتراض أنّ التقاوي مَوجودة بالبلاد، وبعد الدُّخول على الإنترنت والاطّلاع على الأسعار العالمية للأسمدة وصلت إلى خلاصة أنّ البلاد مُحتاجة الآن مبلغ 250 مليون دولار لكل تلك الكميات ليكون الناتج أكثر من طنيْن للفدان، وبهذا يكون مُجمل الإنتاج أكثر من مليون ومائة وعشرين ألف طن من القمح وهذه مع (المُباصرة) سوف تكفي حاجة البلاد لمدة عام، بعبارة أخرى لو (كَرّبت الحكومة بطنها) ووفّرت 250 مليون دولار سوف تُوفِّر للبلاد قمحاً قيمته أكثر من مليار دولار (ما تنسوا أن المُدخلات سوف تُباع للمُزارع بالجنيه السوداني)، وبهذا سوف تسترد الحكومة الكثير من قيمة المُدخلات وعَلى حَسب دعهما.
(3)
لو تكرّمت حكومة الثورة وسَمعت كلام (المُطرطشين) أعلاه، فإنّ قمح هذا المُوسم عبارة عن ضَربة جزاء (مُقشّرة) أمَامها وفي مَقدُورها أن تُحرز هدفاً ثورياً يُقيم الدنيا ولا يقعدها.. وبالمُناسبة شهدت البلاد مثل هذا الهدف من قبل، ولَكِن الفساد وتَقليب المَصَالِح الشّخصية، وربّما ضُغُوط خارجية جعل الحكومة يَومها تَرجع وتُسجِّل ثلاثة أهداف عكسية في مرماها، ولكننا نعيش اليوم حالةً ثوريةً حَقيقيّة وعُيُون الشعب مُفتّحة، وأيِّ هدفٍ ثوري لن يسمح الشعب بهدفٍ عكسي ضده، ولكن مَن يسمع مَن؟ وللحديث بقية إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.