ببساطة… عادل عبد العزيز الفكي

الإعفاءات للمشروعات الاستثمارية ما بين الإلغاء والإبقاء

على أيام رئيس مجلس الوزراء الأسبق الأستاذ معتز موسى تمت استضافتي مع رؤساء تحرير وكتاب أعمدة لأحد اجتماعات مجلس الوزراء، وقد تم في هذا الاجتماع استعراض تعديل على قانون الاستثمار تم بموجبه إلغاء الإعفاءات الواردة في قانون الاستثمار، واستمع الاجتماع لمداخلات من مدير الضرائب ومدير الجمارك مؤيدة للإلغاء. أخذت فرصة للحديث واعترضت بقوة على هذا الإلغاء، من زاوية أن الإعفاءات بموجب قانون الاستثمار محفزة وجاذبة للاستثمارات التي يحتاج لها الاقتصاد الوطني، وأن وجود فساد أو خلل في منح هذه الإعفاءات لا يبرر إلغاءها بالكلية. وقلت: المطلوب محاربة الفساد مع الاستمرار في منح الإعفاءات. لم يتم الأخذ برأيي، وأجيز التعديل الذي أوقف هذه الإعفاءات. غير أن المجلس العسكري الانتقالي بعد ثورة ديسمبر أعاد هذه الإعفاءات.
مؤخراً أصدر وزير المالية قراراً بتشكيل لجنة لمراجعة الإعفاءات، أتمنى أن تستمع اللجنة للاقتصاديين ورجال الأعمال وغيرهم ولا تكتفي بالنظرة (المحاسبية) التي ترى في الإعفاءات إهدارا لموارد ضريبية تزيد في موارد الحكومة.
حاولت أن أتتبع ما ورد بشأن الإعفاءات في (مشروع البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة)، وهي وثيقة منشورة باسم قوى إعلان الحرية والتغيير وتاريخها أكتوبر 2019. لقد وجدت في هذه الوثيقة تناقضاً غريباً، فقد ورد في البند (7-1) صفحة 38 تحت العنوان الفرعي: (الضرائب هي المصدر الأساسي لموازنة الدولة) ما يلي: (ضمان التنسيق بين الجهات المسؤولة عن الاستثمار وديوان الضرائب لتقليل الهدر الضريبي حيث أثبتت الدراسات أن الإعفاءات الضريبية تعتبر من أدنى أولويات المستثمرين).
بينما ورد صفحة 68 من نفس الوثيقة ما يلي: (الأثر الاقتصادي للإعفاءات:
العديد من الإعفاءات الجمركية والضرائبية وغيرها … وقد يتحفظ البعض على هذه الإعفاءات لاعتقادهم بأنها تخفض إيرادات الدولة.. و هذا تحفظ ( محاسبي) وليس اقتصاديا لأنه ينظر فقط إلى الأرقام بموازنة الدولة دون أي بعد اقتصادي تنموي. كيف ولماذا؟ يعاني الاقتصاد السوداني حاليا من بطء حركة آلة الاقتصاد الوطني بشكل كبير أوصلنا إلى النقطة الأقرب إلى التوقف الكامل لآلة الاقتصاد الوطني. وعليه يصبح التحرك الاقتصادي السريع والعاجل هو تحريك آلة الاقتصاد الوطني…. ومثلها مثل أي آلة تحتاج آلة الاقتصاد الوطني إلى وقود لكي تتحرك بشكل سريع وعاجل ووقودها هو الحوافز الاقتصادية المتمثلة في الإعفاءات التي تحفز الاقتصاد الوطني وتؤدي إلى الدوران السريع لآلة الاقتصاد الوطني ويقود هذا بدوره إلى انتعاش جميع الأنشطة الاقتصادية بالقطاعات المختلفة من صادر ووارد وتصنيع وزراعة وتجارة محلية وخدمات وغير ذلك.. ونتاج ذلك كله سيكون زيادة إيرادات الدولةمن جمارك وضرائب ورسوم حكومية مختلفة بمعدل يفوق بكثير الرقم الذي سيخصم من موازنة الدولة بسبب الإعفاءات المشار إليها في هذه الدراسة بالإضافة إلى الزيادة التي ستحدث في معدل النمو الاقتصادي بالبلاد).
تعليق: أؤيد بلا تحفظ الرؤية الأخيرة. وأرجو أن تزيل قوى إعلان الحرية والتغيير ما ورد من تناقض بالوثيقة. والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.