الطريق الثالث – بكري المدني

الصحافة وحكومة الثورة

كان أول من أعلن عن حالة (الجفاف) بين الصحافة وحكومة الثورة هو وزير الإعلام الأستاذ فيصل محمد صالح عندما أوردت (القدس العربي (على لسانه) أن العدد الأكبر من الصحف معاد للثورة (وربما لم يكن السيد الوزير دقيقا في حكمه أو لم تكن القدس العربي أمينة في نقلها ولكن الحقيقة أن هناك جفافا واضحا في العلاقة بين الصحافة وحكومة الثورة).
أسباب توتر العلاقة بين الصحافة وحكومة الثورة بدأت قبل تشكيل الحكومة الحالية وذلك لما بادر بعض النشطاء الصحف والصحفيين بالعداء والذي ما لبث أن انتقل من بعد لبعض قيادات قوى الحرية والتغيير وحتى قبل نجاح الثورة انتشرت العديد من (اللايفات) والمنشورات التي تتوعد الصحفيين.
لما نجحت الثورة أصبح التعامل مع الصحافة والصحفيين يشوبه نوع من الاستخفاف والاستهداف الصريح أحيانا من قبل بعض أنصار الثورة وقيادات قوى الحرية والتغيير وحكومتهم من بعد والمفارقة أن الحالة السلطوية هذي شملت صحفيين من ضمن أجسام قوى الحرية والتغيير!
السبب وراء موقف السلطة وقواها من الصحف هو تصنيف الأخيرة -كما نسب لوزير الإعلام -بأن غالب الصحف معادية للثورة أو كما يصنف غالب النشطاء وقيادات قوى الحرية الصحف والصحفيين بأنهم يتبعون للنظام السابق!
الغريب في الأمر أن النظام السابق كان يتهم الصحافة بخدمة أجندة المعارضة حد تجريدها من الوطنية في بعض الأحوال وكان الاتهام يتحول في كثير من الأحيان لأحكام بالمصادرة والمنع وحظر الإعلان وسبق أن أمر الرئيس السابق في يوم واحد بمصادرة 14 صحيفة من أصل 20!
إن مواقف الصحافة والصحفيين طوال سنوات النظام السابق في سبيل الحريات والحقوق العامة وخطها الواضح في قضية الفساد وقيادتها للرأي العام وريادتها في الموقف السياسية لا تحتاج شهادة من القوى السياسية مقارنة بالتضحيات والثبات.
المقارنة بين الصحافة والكتابة في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة (النت) غير عادلة وغير منصفة من واقع ما يترتب على النشر الصحفي الموثق تحت ظل قوانين وإجراءات كانت معلومة للجميع وبين كتابات لا تحدها سقوف ولا تحيط بها إجراءات في شبكة الإنترنت.
يقيني أن الصحافة ستظل على عهدها القديم بالتزام الجادة وستبقى هي والسلطة زائلة، أما القلة الناشزة في الوسط الصحفي والتي قلبت ظهر المجن لمؤسساتها ولزملائها فإن تاريخها مع قدوم الحركة الشعبية وبعض الحركات المسلحة يعيد نفسه مع قوى الحرية والتغيير!
على الحكومة الانتقالية الحالية وقواها المساندة أن تراجع موقفها من الصحافة والصحفيين وأن تدرك أنها لن تكون أغلى على الصحافة من حكومة الديمقراطية الثالثة!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.