رجاء حمزة النيل

تكنولوجيا الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي

مع تطور وسائل الاتصالات الحديثة.. ونتيجة لهذا التطور فنحن اليوم نعيش عصر الثورة المعلوماتية الإلكترونية.. وما زاد من فوران هذه الثورة وتمددها واتساعها على مستوى العالم هو استخدام هذه الوسائل الحديثة الجديدة, وكثرة الإقبال عليها من الصغير والكبير وتستخدم من أي مكان عبر الهواتف الذكية المحمولة وأجهزة الحاسوب، ولما كانت تلك الوسائل مفتوحة أمام الجميع في ظل تعدد الثقافات في فضائها, وسرعة تناقل الأخبار كان تأثيرها على المجتمعات عميقاً جداً.. فإذا كنا في تواصلنا العادي على أقل مستوى نتأثر, فكيف بذلك التواصل إذا كان على المستوى الإقليمي والدولي وبوسائل متطورة وسريعة؟! وأشهرها هي “الفيسبوك, واليوتيوب, تويتر, والواتساب”.
لقد أسهمت شبكات التواصل الاجتماعي وتقنيات الإنترنت الحديثة في تغيير المعالم الأساسية للمشهد الإعلامي في عالمنا العربي, فبعد أن كانت عملية التواصل الإعلامي تتم بالطرق التقليدية وتخضع للقيود والرقابة، أصبحت الرسالة الإعلامية اليوم تصل إلى الناس من غير قيود وأصبح المستخدم أكثر جرأة في التعبير عن فكره ورأيه.
وتعرف عملية التواصل بأنها “عملية نقل للمعلومات من شخص إلى آخر, ومن مجموعة إلى أخرى بغرض إيجاد نوع من التفاهم المتبادل بينهما من الأفكار والمعلومات”، فعملية التواصل بالنسبة للإنسان عملية يتم من خلالها تكوين ثقافته واتجاهاته وعلاقاته وبها يتأثر ويُؤثر, فهي عملية هدفها الأساسي “التأثير” ونحن في تواصلنا نتأثر.
إن لوسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا تأثيرات وتغيرات كبيرة على مختلف جوانب الحياة.. الثقافية, والعقدية والفكرية والاجتماعية, والسياسية وغيرها من مناحي الحياة.. ولكن قد يسأل أحد: كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع؟! ولمعرفة ذلك لا بد أن نعرف أولاً- أن الإنسان بطبيعته وغريزته مجبول على عملية الاتصال والتواصل مع غيره, وذلك لإشباع حوائجه والتعايش مع من حوله, وكما هو معروف أن تلبية هذه الحاجات وإشباعها تتم بالتفاعل مع الناس الآخرين في المجتمع سواء كان هذا التفاعل يحدث داخل البيت مع أفراد أسرته أو خارجه بين الأفراد والمؤسسات, ومن خلال هذا التفاعل يبرز جوهر الاتصال وفيه يتبادل الإنسان مع إنسان آخر المعلومة والخبرة.. ويتبادل أيضاً المصلحة والمنفعة، ويقوم به الإنسان بهدف حفظ بقائه في هذه الدنيا التي لا يمكن استمرارها إلا عن طريق الاتصال مع الآخرين، ويمثل الاتصال جوهر العلاقات الاجتماعية وبقدر نجاح الفرد في الاتصال مع الآخرين بقدر نجاحه في الحياة حيث ينعكس ذلك على صحته النفسية والاجتماعية وبقدر نجاح الأمم في تواصلها مع ماضيها بتراثه وفي الاتصال مع الأمم الأخرى بقدر نجاحها في البقاء والاستمرارية والتطور.
فلا شك أنه عند اعتمادنا على تلك الوسائل الاجتماعية في تفاعلنا الاجتماعي (كوسيلة أساسية) سيكون أثرها على أفعالنا ومعلوماتنا وسلوكياتنا وقيمنا وعقائدنا أثرا كبيرا.. حيث تشتمل على إيجابيات وسلبيات، وتحتوي على إيجابيات مفيدة لخدمت الإنسان، ولكن في مقابل ذلك تحتوي على سلبيات هدامة للمجتمع وبالغة الخطورة. ومع تطور وسائل التواصل الحديث، أصبح العالم كالقرية الصغيرة أو غرفة، يمكنك أن تتواصل مع أهلها بكل سهولة.
إن وسائل التواصل الاجتماعي نعمة من نعم الله علينا في هذا العصر لو استخدمت في جانبها الإيجابي، في نشر الإسلام وعقيدته الصحيحة والقيم والعلم النافع. إن الأجيال الإسلامية الماضية التي نشرت الإسلام وصححت عقائد الناس وأديانهم، كانت تفتقد لهذه الوسائل السريعة، ومع ذلك استطاعت أن تخدم الرسالة الإنسانية السماوية وأن توصلها إلينا مع صعوبة التواصل في تلك الأزمنة.
إن الدين الإسلامي الحنيف انتشر عن طريق التواصل مع الغير؛ حيث أن تواصل الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهله وأهل بلدته جعل الإسلام ينتشر, وبذات التواصل صحح عقائدهم, وكذلك تواصله مع أهل المدينة, وكذلك أيضاً تواصله – صلى الله عليه وسلم – مع الشعوب والقبائل, وتواصل أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين, وتواصل الأجيال اللاحقة بعدهم, وذلك تحقيقاً لقوله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) “يوسف 108″؛ لذلك فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة الإسلام ونشر العقيدة الربانية, سيكون له الأثر الإيجابي في أفكار المجتمع وقيمه, مما يكون له أبعاده الأمنية والحماية من فتن هذا العصر بإذن الله.
إن الدعوة إلى الله تعالى فريضة عظيمة من الفرائض التي خص الله بها الأنبياء والرسل الكرام – عليهم أفضل الصلاة والسلام – وجعلها من بعدهم مهمة ورسالة التابعين والآخذين بمنهجهم الذين عليهم أن يبلغوا دين الله تعالى لبني البشر في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة تحقيقاً لقوله عز وجل: (قُل هَذِهِ سَبِيلِي…) كما جاء الآية السابقة.. (وأدعو فعل أمر).. إذن فنحن جميعاً ملزمون بأن نبلغ ما نعلم ما استطعنا.
ووسائل التواصل الاجتماعي بما تقدمه من إمكانيات، وبما تتمتع به من قبول لدى شعوب العالم تعتبر من أهم الوسائل وأسرعها في هذا العصر لنشر الإسلام وعقيدته الصحيحة في شتى أنحاء العالم حتى تحقق هذه الفريضة العظيمة فريضة الدعوة إلى الله وتصحيح عقائد الناس والأخذ بأيديهم إلى الصراط المستقيم، وننبه الدعاة والعلماء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، إلى ضرورة المشاركة في هذه المواقع، وعمل صفحات شخصية لكثير من العلماء والدعاة لمخاطبة الجماهير ونشر الإسلام والعقيدة الصحيحة داخل العالم العربي والإسلامي وخارجه.
كما أن المواقع الإسلامية التي تخدم الإسلام والمسلمين وتسعى لنشر الدعوة الإسلامية في العالم وتثقيف الناس بالإسلام والعقيدة الصحيحة سارعت هي الأخرى إلى المشاركة في التفاعل مع مستخدمي وسائل التوصل الاجتماعي، حيث يصل إليهم كل ما تبثه هذه المواقع من أنشطة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي وسائل حرة يمكن من خلالها التواصل المفتوح مع أعداد كبيرة وأجناس متنوعة من البشر في شتى بقاع الأرض، لنشر الإسلام ومبادئه والتحذير من الشرك والضلال وتثقيف المسلمين في جميع أنحاء العالم بالعقيدة السليمة ونبذ ما يخالفها.. ونستطيع من خلالها فعل ذلك بكل سهولة من دون أي موانع نظامية أو سياسية أو رقابية، ويمكننا بذلك نشر الإسلام والعقيدة والصحيحة والعلم النافع، ونشيع ثقافة الإخاء بين قارات العالم وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام لتثقيف الشباب المسلم من خلال الوعظ والإرشاد من أجل إشاعة الفضيلة وردع الرذيلة وذلك لأنه يمكن لتقنيات الحاسوب وشبكة الإنترنت أن تصل إلى مجموعات كبيرة من البشر لم تصلهم رسالة الإسلام بسبب وجوده بمجتمعات مغلقة فكرياً وإعلامياً أو بسبب عدم وصول جهود الدعوة الإسلامية ويمكن لهاذه التقنيات، أيضاً أن تصحح المفاهيم والأفكار التي تتعمد بعض المجتمعات بها تشويه صورة الإسلام وتنشر المفاهيم المغلوطة عنه.
فقد استطاع أحد الدعاة السعوديين – في السعودية – أن يقنع فتاة “كندية” بالدخول في الإسلام وذلك من خلال تواصله معها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتعريفها بالإسلام وسماحته وعقيدته الصحيحة المتوافقة مع الفطرة الإنسانية, وقال الداعية: إن الفتاة الكندية التي تعيش في بلدها حالياً كانت تستعد للاحتفال بزواجها, وجاء الإسلام متواكباً مع فرحة الزواج الجديد بعد عدة محاورات ونقاشات والتأكد من اقتناعها بالإسلام عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وبرامج المحادثة “سكايبي” حيث نطقت الشهادة بحضور والدها؟!! وقال صلى الله عليه وسلم: “لأن يهدي الله بك رجلٌ واحدٌ خير لك من حمر النعم”، وفي رواية: (خير لك من الدنيا وما فيها).. يا سلام يا أخوتي على هذا السقف العالي من التتويج والكرم.. تكنولوجيا الاتصال لها أهمية بالغة في التأثير على الشعوب والمجتمعات في عصر العولمة التي أصبح العالم فيها قرية كونية صغيرة؛ فتأثيرها على القيم والثوابت التي تحظى بعناية المجتمع ولما يحدثه من فقدان تماسك النسيج الاجتماعي والتضامن الذى هو أساس وعزة كل أمة.. وفي (إحصائية) وجدوا أن المسلمين لم يستغلوا هذا “الإنترنت” إلا بنسبة ضئيلة جداً بنسبة (10%) بينما يستغلها أصحاب التبشير للعقائد الباطلة والفاسدة بنسبة (60%).
وانطلاقاً من هذا المفهوم، تعالوا يا أخوتي نضع أيدنا في أيدي بعض جميعاً (مجازاً) من الآن وننطلق في “حملة” تفعيل وتنشيط صفحاتنا على (مواقع التواصل الاجتماعي) لنشر الإسلام والعقيدة الصحيحة والعلم النافع (الصحيح بعد التثبت) وكل خير، وتكون بذلك كتبت صفحات تاريخ حياتك الناصع الأبيض بماء العيون؟!! وتكون وضعت بصمتك في الحياة تشهد لك حياً وميتاً (وتكون صدقة جارية لك). اكتبوا تاريخكم وضعوا بصمتكم في حياتكم يا إخوتي، الإنسان تاريخ وبصمة تحكي له وتحكي عنه.. والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.