لينا يعقوب – لأجل كلمة

المتوهمون!

تصيبني الحيرة وأنا أقرأ خلال أوقات متقاربة، كتابات ومداخلات بعض الأفراد الذين أوهموا البلاد والعباد أنهم مكتشفو كلمة “الحريات”، يرفعون شعاراتها، ويدعون احترامها، لكنهم للأسف لا يؤمنون بها، بل لا يحتملونها..!
مقولة “من ينكر الحرية على الآخرين لا يستحقها لنفسه”، قيلت لوصف هؤلاء!
يتحدثون عن الثورة كأنهم الناطقون باسمها، ويتشدقون بمسمى المدافعين عن الحريات، وهم يحاربونها، ويضيقون بالآراء الأخرى ويدعون احترامها!
بعضٌ من هؤلاء، يتصف بشيء من الغباء، فمثلاً يستنكر أن تورد قناة أو وكالة أو صحيفة خبراً خارج أسوارهم الضيقة، وكأن المؤسسات الإعلامية خُلقت لتعبر عن نفسها لا عن جميع الأطياف، وكأنها وُجدت كي تضع الناس في “فتيل” بحيث لا يعرفون كيف يفكر خصومهم أو أعداؤهم أو المخالفون لرأيهم.. فيجب بحسب هؤلاء أن تريهم اتجاهاً واحداً، وتُسمعهم مقولة واحدة، وتكتب لهم عبارات محددة، وإلا فأنت تريد إجهاض الثورة..!
بالمناسبة، أي ثورة يتحدثون عنها؟!
بلا شك أنها ليست الثورة الحقيقية التي خرج لها ملايين المواطنين في ربوع البلاد، لإسقاط نظام اعتاد على الديكتاتورية والظلم والكبت والفساد..
الحرية التي نادى بها الملايين، أن تقول ما تريد، وتعتنق ما تريد، وتفعل ما تريد، طالما أنك لا تؤذي الآخر.
الحرية أن لا تضايقك أو تعتقلك أو تسيء إليك جهة نظامية أو أمنية بسبب رأيك وموقفك وانتمائك..
أولئك الذين يدّعون الحريات، لا يلجأون كعادة المتحررين فكرياً، لمناقشة موضوعك سلباً أو إيجاباً، إنما يقفزون لآخر المراحل التي تسبق السلب والاعتقال وهي تصنيفك، ليس وفق معايير معروفة، فهذه حريتهم، لكن وفق زواياهم الضيقة، من منطلقاتهم التنظيمية والحزبية والأيدولوجية، ثم بعد ذلك يسوقون أنفسهم في السودان والعالم أنهم من المدافعين عن الحريات الصحفية وحقوق الإنسان..!
 يمسكون قلمهم الأحمر للتصحيح وهم الذين لم يضعوا امتحاناً من قبل!
ليت هذه الفئة، رغم قلتها، تكثر من قراءة كتب الحريات، وتعيد مذاكرة بعض مؤلفات الصحافة لتعي ما هي الحرية!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.