هل فهمت الدرس يا بشير؟ أجندة عبد الحميد عوض

*في العام 2009م،بدأت المحكمة الجنائية الدولية إجراءاتها في توجيه الاتهام للرئيس،عمرالبشير، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،وفي اليوم الذي أعلن فيه،مدعي المحكمة،حثيات اﻻتهام،أخرجت دولة البشير أثقالها،وخرج أنصارها،زرافات ووحداناً لإدانة القرار وتجديد فروض الولاء والطاعة  للبشير، وكعادتها استخدمت دولة المؤتمرالوطني، أدوات الدولة وإمكانياتها لرفع الروح المعنوية للرجل الجريح،ومن أجل المناسبة نظم شعراء قصائدهم في حضرة الرئيس المبجل وصحبه.
*أما الذين تجرأوا وأعلنوا مساندتهم لقرار المحكمة الجنائية الدولية فقد هددوا بتقطيع أوصالهم وشردوا من بلادهم،كما حدث مع  الأستاذ علي محمود حسنين،عليه الرحمة والبركات.
*اليوم الثلاثاء،توافق الوفد الحكومي المفاوض مع حركات دارفور على مثول البشير،و3 من المطلوبين الآخرين،أمام المحكمة الجنائية الدولية،كمدخل لتحقيق السلام الشامل والعادل،طبقاً لإفاداتهم،وطريقا أنسب للتداوي من جراحات الحرب في دارفور.
الوفد الحكومي الذي أعلن التوفق به،ويا للمفارقة يرأسه الفريق أول،محمد حمدان دقلو،الذي صنعه  البشير لحمايته،إنها ياسادة دروس التاريخ العظيمة التي يتجاهلها  كل الطغاة،وقد كان إعلان الموافقة علانية،عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية التي طارت بالخبر فعم القرى والحضر،فتعامل الشارع مع الحدث، كأن شيئاً لم يكن،ولم يجد البشير من يتعاطف معه أو يخرج  للشارع من أجله ،ولم يحصل على تضامن سوى بقدر في وسائط التواصل اﻻجتماعي ،إنها دروس التاريخ، ياسادة التي  لا يدركها  الطغاة إلا في الساعة الخامسة والعشرين .
*يمثل الفارق بين مكانة البشير في العام 2009م  متوهطاً كرسي السلطة، ومتلفحاً ثوب السلطة وصولجانها،وبين مكانه الحالي سجيناً وسط المجرمين في سجن كوبر،عاملاً مهماً في تحديد المواقف.
*نعم،من بين الذين خرجوا في العام 2009 اناس أخذتهم الحمية في وطنهم وفي شخص يعتبرونه رمز عزتهم،وربما احتفظوا بتلك المشاعر حتى اليوم ،لكن الدرس العظيم الذي يجب استخلاصه هو الكذب والنفاق الذي ضُلل به البشير بواسطة مسئولين في الحزب والحكومة، لدرجة تصديقه أن الشعب معه ويستطيع التضحية بنفسه من أجل خاطر عيونه.
*لو أن الحشود والمهرجانات الخطابية التي كان يستمع إليها البشير على مدار الساعة في زمان الهيبة والصولجان،بها 10 في المئة من المصداقية، لأنفجرت البلاد أمس بمجرد إدلاء المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي المفاوض بتصريحاته،لكنهم  تجار السياسة والمصلحجية الذين يدورون في فلك السلطة أينما ذهبت .
ربما أدرك البشير أمس الدرس،وقد لا يدركه،تمسكاً بالوهم القديم،وفي الحالتين لا يهم الشعب ذلك بقدر أهمية إدراك حكام اليوم لحقيقة زيف التأييد اليومي ونفاق متعهدي الحفلات السياسية،وإن لم يدركوا فسيلحقون عاجلاً أوآجلا بمصيرالبشير، الذي وضحت علامات التخلي عنه في محاكمة له،إذ لم يتكرم عليه كثيرا ممن صنعهم بلحظة تضامن ،أقلها حضور جلسات المحكمة،حيث ساندته أسرته وهيئة دفاع فاشلة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.