تحليل سياسي… محمد لطيف

ما قال كمال ساتي.. وما لم يقل..!(2)

من سعى للآخر.. البائع أم المشتري..؟! هذا هو السؤال الذي انتهيت إليه بالأمس.. أما الإجابة فهي عندي قطعية بوقائعها.. ورغم أنني وعروة وحدنا كنا الشهود على هذه الواقعة.. مما يجعل متاحاً إنكارها لمن أراد.. إلا أن الله قد شاء أن يجعل عروة نفسه شاهداً على نفسه.. فذات يوم اتصل بي أحد الزملاء لينبهني لضرورة الإطلاع على أخيرة (السوداني) الصادرة في ذلك اليوم.. وبالفعل طلبت الصحيفة وقرأت.. ويا لهول ما قرأت.. مقال بقلم أحد كتاب الصحيفة وقتها من وثيقي الصلة بعروة.. المقال يبدأ بمقدمة في تمجيد عروة.. ثم أسطر عن الوفاء.. ثم فقرة كاملة عن الغدر.. ثم كيف أن أحدهم.. والذي هو أنا.. قد حاولت الغدر بعروة.. الذي قال إنه انتشلني من الشارع.. ومنحني وضعاً في صحيفته كما زعم الكاتب.. ولعل الكاتب لم يكن يعلم أن عروة هو من زارني في مكتبي بطيبة برس.. ذات صباح باكر ليعرض علي؛ ويلح في العرض أن أكون ضمن مؤسسي (السوداني).. أما طيبة برس فقد كانت في ذلك الوقت تحديداً؛ تدير عدداً من التعاقدات الكبيرة؛ طويلة الأمد.. أحدها مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتدريب الصحافيين الشباب.. وآخر مع الاتحاد الإفريقي لإصدار صحيفة (عافية دارفور)، التي كان يرأس تحريرها الأستاذ خالد عبد العزيز ونطبع منها مائة ألف نسخة توزع على معسكرات النازحين وكافة المواقع ذات الصلة بقضية دارفور في ولاياتها والعاصمة.. وقال الكاتب؛ سامحه الله، إنني حاولت ابتزاز عروة، ومارست عليه ضغوطاً لبيع ممتلكاته، مستغلاً وجوده في السجن.. كُتب كل هذا ونشر في الصحيفة التي كان يرأس عروة تحريرها حينئذ.. أصدقكم القول، إنني لم أصدق عينيّ، وكنت على يقين أن القصة مصدرها عروة، ولكن قناعتي بأنه لا يستحق مجرد الاتصال جعلتني أتجاوزه.. فاتصلت بالكاتب، الذي ظل مستعصماً بالصمت لعدة أيام.. ثم رد على هاتفي ليقول لي: (أنا في الأبيض لمَا أرجع بحكي ليك كل حاجة).. ولم يفعل، ولم يكن متاحاً سؤاله بعد ذلك.. هذه واقعة لم أحدث بها حتى نفسي إلا الآن.. وعروة هو من أراد ذلك..!
وإليكم القصة: كنت قد غادرت (السوداني) منذ فترة، وقبل ذلك المقال الغريب، اتصل بي صديق من رجال الأعمال يسألني إن كنت على اتصال بمحجوب عروة..؟ وإن كنت أعلم أنه يعرض مطبعته للبيع..؟ كان ردي لذلك الصديق على الفور: “لا علم لي بشيء، ولكني لا استبعد ذلك”.. سألني مجدداً لماذا..؟ فكان ردي: “لأنني دائماً أقول إن عروة أفضل من يؤسس الصحف، ولكنه في ذات الوقت أسرع من يدمرها”..!.. وأمام إصرار الصديق، وإلحاحه عليّ، وعدته بالاتصال بعروة، فبدأت رحلة ما حسبتها تطول، في البحث عن عروة..!
كانت في انتظاري ثلاث مفاجآت، الأولى أن كل هواتف عروة التي أعرفها ظلت مغلقة ولعدة أيام.. والثاني أن ما من أحد سألته عن عروة إلا وكانت الإجابة، لا علم لي.. حتى أنني ظننت أن الأرض قد انشقت……! أما المفاجأة الثالثة والأخيرة فلن تتسع لها مساحة اليوم.. فإلى الغد..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.