الرواية الأولى مجدي عبدالعزيز

نموذج أُمناء مستشفى أُمدرمان

شارك الخبر

لإن مثلت مدينة أمدرمان ومجتمعها أيقونة للتمازج الوطني بذخرها بجميع سحنات السودانيين من مختلف أرجاء البلد، ورمزت إلى التعايش الأهلي والسلمي باحتضانها للعديد من الطوائف والجاليات قديماً وحديثاً كالطائفة القبطبية والجالية الهندية وبقايا المهاجرين من أصقاع عديدة من دول العالم والإقليم ، أُعتبرت أمدرمان أيضاً مدينة رائدة في العمل الأهلي المؤسس والداعم للمؤسسات التعليمية والصحية والخيرية من لدن معهد أمدرمان العلمي في العام ١٩١٢م الذي تغنت به الأغنية الأمدرمانية الوطنية الخالدة في الفؤاد ترعاه العناية والتي جاء فيها (ما بخش مدرسة المبشر عندي معهد وطني العزيز) مروراً بإنشاء المدرسة الأهلية في العام ١٩٢٦م والتي تبعها إنشاء معهد القرش الصناعي في العام ١٩٣١م ،، وأسهم مواطنو أمدرمان في تأسيس ودعم العديد من المدارس الأهلية والمراكز الصحية الوقفية ـ منها التي حملت أسماء رموز الخير كالراحل عبدالمنعم محمد والحاجة سكينة وغيرهما، بل حتى ارتادوا ودعموا وأسسوا لمؤسسات التعليم العالي الأهلي كجامعات الأحفاد وجامعة أُمدرمان الأهلية .
مستشفى أُمدرمان التعليمي ـ شيخ مستشفيات السودان ـ رغم أنه أُنشئ عقب مستشفى الخرطوم الذي أُسس في العام ١٩٠٤م إلا أنه يستحق هذا اللقب لأنه ظل يقدم خدماته لأكثر من ٤٠ ٪ من أهل السودان وظل يقصده العديد من المرضى من مختلف أرجاء السودان خاصة مناطق الغرب والشمال والجنوب غربي النيل ، ومازال مستشفى أمدرمان التعليمي في مقدمة المستشفيات عطاءًً لمرضاه ولطلاب الطب من مختلف الجامعات .
كعادتهم تداعي أهل امدرمان برموز خيرة من بنيها للاهتمام بشأن المستشفى العريق بعد أن جددت الدولة نهج الشراكة المجتمعية والأهلية لإدارة الخدمات والمرافق وكونت العديد من مجالس الأمناء للمرافق الصحية ومن ضمنها مجلس أمناء وإدارة مستشفى أمدرمان الذي قاد مسيرته في العقد الماضي أحد أبنائها من الخبراء الدوليين الراحل أمير عبدالله خليل ـ طيب الله ثراه – لتحقق الشراكة الرسمية والأهلية نموذجها في أعلى مستوياتها وتنتج مكتسبات وإنجازات ملموسة للمستشفى تمثلت في إعادة تأهيل ودعم قسم الطوارئ والإصابات وقسم العناية المركزة اللذين يقدمان الخدمات بالمجان، وكذلك تأهيل العنابر والغرف ، وشهد المستشفى دخول خدمات جديدة كغسيل الكلي .. وبدعم لا محدود من مسؤولي الصحة السابقين كبروفسير مأمون حميدة ود. سمية أكد استقبل مستشفى أمدرمان لأول مرة مركز قسطرة القلب ومركز جراحة المخ والأعصاب ، ومن أكبر إنجازات مجلس أمناء مستشفى أمدرمان هو إنشاء مستشفى البقعة (١) كذراع استثماري لدعم المستشفى وتم وضع حجر الأساس للبقعة (٢) بعد التزام عدد من المقتدرين الخيرين إكمال بنائه.
قائمة شرف من أبناء ورموز أمدرمان على سبيل المثال لا الحصر أمثال البروفسور عبدالرحيم كرار رئيس مجلس الإدارة الحالي، والنطاس البارع د.عبدالمنعم الشفيع ، وبروفسور قاسم بدري، ورجال الأعمال الخيرين صالح عبدالرحمن يعقوب وأحمد البدوي محمد الأمين حامد وناجي عبدالكريم ، والقامة الإعلامية د. بخيتة أمين ، ومعتصم قرشي وبشرى محمود ، يستحقون الثناء على الصبر ومواصلة الجهد في ظروف معلومة حالياً تتطلب وجود الأوفياء وأهل العطاء حتى لا تتراجع هذه المسيرة الخيرة .
أردت من عرضي لهذا النموذج لفت الانتباه ، مؤملاً في ضرورة استمرار الدولة في دعم نهج الشراكة المجتمعية لتساهم في تسيير المرافق الصحية ذات البعد الحساس وفي تحقيق وتوفير الصحة للمواطنين دون أن يقعدهم المرض عن ممارسة أنشطة حياتهم وأداء واجباتهم نظراً للحالة غير المرضية التي تعتري المستشفيات حالياً، وهذا النهج أحد المخارج من حالة الأزمات التي تعيشها بلادنا الآن وتطبيقه ممكن ومتاح على العديد من المرافق ومؤسسات الخدمات الأخرى ، فقط مطلوب التنظيم والصلاحيات المقننة، وأملي أن تظل تجربة مجلس أمناء مستشفى أُمدرمان (الأهلي) مثالا بائناً يحتذى لإدارة الأهالي لكافة شؤونهم وقضاياهم في مختلف المناحي .. وإلى الملتقى .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.