حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

لم أندهش ولكن تحسرت

شارك الخبر

( 1 )
لم يكن في الأمر مفاجأة عندما صدرت قوائم البتر في وزارة الخارجية والتي شملت شباباً سودانيين نابهين دخلوا الوزارة بكفاءة ذاتية وأخذوا خبرة وتلقوا تدريباً على حساب الدولة وكانوا على استعداد أن يؤدوا واجباً وطنياً وليس لهم انتماء سياسي إلا للوطن وليس في سجلهم العملي إلا التقارير الإيجابية.. فالفصل كان تحت مظلة الهوية السياسية ولكن في داخلها تسربت الأجندات الخاصة.. فالجهة التي قامت بالفصل كانت سياسية بامتياز ولا صلة لها بالقانون أو أي مؤسسة من مؤسسات الضبط العدلية فالأمر المعروف أن هذه ليست أول مجزرة في الخدمة المدنية في عهد هذه الحكومة ولن تكون الأخيرة، فهذه الحكومة تسعى جاهدة أن تبز حكومة الإنقاذ التي سبقتها في الجزر فحكومة الإنقاذ بزت الحكومات التي سبقتها في بقر بطن الخدمة المدنية فالأمر أصبح من ثوابت التغييرات السياسية في السودان , مرة باسم التطهير ومرة باسم الصالح العام والآن باسم إزالة التمكين وما معروف باكر باسم شنو.
(2 )
لن نستغرب إذا فجرت المعارضة التي تتلقى الضربات الآن في خصومتها ونظمت المفصولين من الخارجية وبقية مرافق الدولة الأخرى لا لتعارض الحكومة معارضة مؤسسية ومنظمة ومشروعة لأن هذا ليس مسموحاً به فالإنقاذ من قبل لم تسمح بمعارضة مؤسسية وهذه الحكومة تسير على دربها وسيكون نشاط المعارضة متجهاً نحو الحفر والضرب تحت الحزام والاستعانة بالشيطان من أجل هدم الوطن فالمعارضة السابقة الحاكمة الآن عزلت السودان باللائحة الأمريكية اللعينة والجنائية والحصار الخارجي وهذا ما ستفعله المعارضة الحالية الجديدة سوف تدعم كل ما يحاصر الوطن ويهدد أمنه ويشوه سمعته سوف تعمل على كافة الجبهات الداخلية والخارجية مستعينة بكوادرها النشطة وإمكاناتها الكبيرة وسوف يدعمها ذات الخارج الذي كان يدعم المعارضة السابقة الحاكمة الآن فالمؤامرة على بلادنا أكبر مما نتصور ونحن من غلبنا نعين الشيطان على أنفسنا .
(3 )
اسمينا مباريات الحكومة والمعارضة من قبل بلعبة المبادلة وشد الحبل فنحن في مهرجان مدرسي في ستينيات القرن الماضي والذي سيدفع الثمن هو الوطن وهذا هو الذي يدعو للأسى والحسرة حيث إننا كنا نأمل أو نتمنى أن توقف ثورة ديسمبر المجيدة هذه اللعبة المزدوجة لأنها ثورة ضد الظلم والغطرسة والإنفراد بالقرار فإن كانت الحكومات العسكرية كافرة بالديمقراطية فليس بعد الكفر ذنب فما بال حكومات الثورة الشعبية ؟ . القوانين السارية تحارب الفساد وتلوي أصبع الفاسد حتى يتفرقع منه المخ والشرعية الثورية لا تظلم موظفاً مدنياً من غمار الناس وتحرم الوطن من نبوغه وخبراته وقوانين الخدمة المدنية فيها ما يسيرها على الجادة.
(4 )
لن نقطع العشم والتفاؤل واجب علينا فمازال يحدونا الأمل في النخبة السياسية المتسيدة ففي مجلس الوزراء وفي المجلس السيادي وأحزاب الحرية والتغيير والأحزاب المعارضة نفر خير قلبه على البلاد ووعيه السياسي كبير جداً فالمطلوب الآن أن تجتمع هذه النخبة الخيرة المدركة للمخاطر المحيطة بالبلاد وتوقف هذا المسرح العبثي وتضع مشروعاً للتعافي الوطني يشمل كل قوى البلاد بما فيها العسكرية الحاكمة والعسكرية المعارضة وترتب الأولويات وتبلور الأهداف الوطنية الكبرى وتحشد الطاقات نحوها. هذا الوطن لنا جميعاً ولأجيال قادمة فحرام والله نتركه يضيع من بين أيدينا فاللهم احفظ السودان وأهل السودان.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.