همسة تربوية… إذا أطلقنا للحرية العنان فسوف تعدم نفسها  

الصداقة هي علاقة بين شخصين، وفي الغالب الصديق هو أقرب الأشخاص ، قد تتم الصداقة عن طريق الدراسة أو العمل، والصديق محور الأسرار، ولا أتوقع أن عملية إيجاد الصديق بالعملية السهلة، خصوصاً عندما يصعب عليك أن تحدد شكل الطرف الآخر، فقد تجد غموضاً فيه، أما سهولة الصداقه فهذا يعني أنك قد تجد الشفافية بسرعة في الشخص الآخر، وأهم شيء في الصداقة هو الوفاء وحسن الخلق والتعاون.

 

فالصداقة الحقيقية كالصحة الجيدة، فلا تعرف قيمتها إلا بعد فقدها، فالجميل للجميل والسيء للسيء، وغالباً ما نجد رفقاء السوء أصدقاء، وفي المقابل نجد أصدقاء العرفان ونكران الذات فئة أخرى، وهنا أتذكر تماماً أن الطيور على أشكالها تقعُ.

 

إذن الأخلاق غالباً ما تحكم الشخص في اختيار الطرف الآخر، ويجب ألا يكن الطرف الآخر صديقاً، ما لم تتوفر فيه كل معايير الصداقة، وعليه يجب أن أجد شخصي في شخصه والعكس صحيح، ولازم أحسه في دواخلي حتى يكون صديقاً مفضلاً، وبذلك يمكننا أن نبني صداقة ناجحة، وهي غالباً أقرب للشيء الوجداني، وأنه يشبهني في أشياء كثيرة، وأن أتوافق معه.

 

يصعب علينا أن نخطط مع شخصٍ معين على سبيل المثال، وأقول أريد أن أبني جسراً لصداقة ناجحة معه، وهو الآخر أصلاً لا يشبهني، فكيف له أن يكون صديقاً لي؟ وهناك أيضاً توجد علاقة حب مقارنةً بالصداقة، ومن السهل أن تتطور علاقة الصداقة إلى علاقة حب، ولكن هناك صعوبة بأن يكون الحب صداقة، بالرغم من الشبه المتقارب بينهما، فالحب علاقة قد تكون غير مستقرة، ولكن الصداقة قد تكون طويلة المدى، وهنا تقودني العلاقة بين البنت والولد خصوصاً في المرحلة الجامعية أو العمل، حينما تجمعهم صداقة، وهنا على الأسرة أن تتفهم أن العلاقة بين الجنسين خصوصاً في المرحلة الجامعية لأمرٍ طبيعياً، ولكن ما يحصل اليوم هو العكس تماماً مع بعض الأسر، فيتجنبنَ بعض الفتيات الوضوح، ويملنَ إلى الغموض والكذب وذلك بأن تخزن إسم صديقها في جوالها بإسم بنت كلغز تعرفه هي بنفسها خوفاً أن تعرفها الأسرة، مع أن الأمر بسيط وعادي، والآن الصداقة بين الولد والبنت مرفوض تماماً، ولو طرحنا الأمر في استبيان، لوجدنا الغالبية من الشباب والشابات يحبذون الصداقة، بينما يرفضها أولياء الإمور.

 

ما أجمل أن تبني البنت جسراً للصداقة مع والديها، على أن يكون أساس بنية الجسر هو الوضوح والصدق وحسن النية، وما أجمل من أن تخبر الفتاة والديها بصديقها إن كان لها صديق، ويقابلهم بالتلفون ويحدثهم حين يحدث إبنتهم، حتى يصبح الأمر عادياً، قوامه الحرية والوضوح والصدق والوفاء، وفي المقابل يجب أن نمسك بذمام الأمر، لأننا في ثورة معلومات، تدخل علينا من غير استئذان، فعلى الوالدين أن يتفهموا ذلك جيداً، والتعامل مع صداقة أبنائهم بحنكة ودراية،فالآن وسائل مقومات الصداقة سهلة جداً ومتاحة ما دام هناك توفر في التلفونات والإنترنيت والقنوات الفضائية، وفي نفس الوقت يجب ألا نطلق لحريتنا العنان حتى لا تعدم نفسها، والصداقة عموماً أضحت من من الأوراق الشبابية التي يجب أن تُناقش مع الأسرة بوضوح.

د.عبدالله إبراهيم علي أحمد

خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية

 

us_abdo@hotmail.com

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.