الترتيبات الامنية وتحديات فترة الانتقال

محمد بشير سليمان

إذا كان السلام يعتبر العامل الرئيس لتحقيق الاستقرار الوطني الذي تؤسس عليه التنمية والبناء، فيمكننا القول بأن نجاح اتفاقية الترتيبات الأمنية التي يتحقق عبرها ضمان نجاح اتفاق السلام يمثل أكبر التحديات التي تواجه هذا السلام، في إطار مطلوبات الأمن والاستقرار، سواء كان ذلك عند فترة الانتقال للسلطة الحاكمة الآن، أو لفترة السلطة التي تأتي بعدها انتخابات، انتقالا كاملا من حالة الحرب الى حالة السلام، خروجا من دائرة الاضطراب الوطني الذي لازم الدولة السودانية طوال فترات الحكم الوطني ، فارضا حالة التخلف التي لازمت السودان، وجعلته دولة هشة، وقابلة للتمزق.

من الجانب الآخر فإن نجاح واستمرارية السلام الوطني يحتم أهمية تحديد الفكرة المحورية الوطنية الاستراتيجية المستخلصة من العبر والدروس التي أنتجتها الممارسة السياسية السودانية حكما منذ الاستقلال، وبما يحقق عامل الاستقرار والقوة، والتي أحصرها تحديدا في الهدف الاستراتيجي الوطني الأول ألا وهو (تحقيق الوحدة الوطنية) والتي دونها سيظل الفشل ملازما للدولة السودانية التي تعاني الحياة هشاشة في كل مجالاتها من اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية، وذلك ما يتطلب في ذات الوقت وبادراك عميق ضرورة البناء الوطني، العلمي السليم للقوات المسلحة وساعديها (قوت الشرطة وجهاز المخابرات العامة) تحقيقا وحفاظا على الامن القومي وصونا للسلام والوحدة الوطنية تكاملا مع قوى الدولة الشاملة الاخرى، وقد واتت الآن سانحة تحقيق ذلك، اذا تم النجاح توفيقا في تجاوز عقبات الترتيبات الأمنية.

إن الفشل في تجاوز تحدي عقبات تحقيق السلام من خلال اتفاقية الترتيبات الأمنية من قبل سلطة الانتقال الحاكمة الآن وحركات الكفاح المسلح، يعني مباشرة عودة الدولة السودانية الى اسوأ من الحال السابق تدحرجا نحو الهاوية حيث التفكك الوطني وذلك ما يتطلب الاعتبار لمجموعة من الاعتبارات المبدئية والإجرائية التي من المفترض أن تكون المرشد والهادي السياسي الوطني التي يتطلب النجاح العمل وفقها فهما وادراكا من كافة أطراف اتفاق السلام، ليتم عبر ذلك تجاوز كافة العقبات التي سوف تواجه مسار السلام عبر تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية، هذا مع ضرورة بناء عامل الثقة المسنود بقوة العزيمة والإرادة الوطنية، والمؤمن تخطيطا وتنسيقا بين كافة اجهزة الدولة المركزية والولائية وقيادة حركات الكفاح المسلح والمسنود بقوة الدستور والقانون واللوائح والاجهزة الرقابية وبما يؤكد الضمانات الكافية لمسار اتفاقية الترتيبات الامنية وصولا الى برها الآمن.

القصد
تقديم ورقة دراسية عن الترتيبات الأمنية وكيفية تجاوز تحديات فترة الانتقال.

الاعتبارات التي يتم الأخذ بها لتجاوز تحديات فترة الانتقال
لتحقيق النجاح خروجا آمنا من عقبات تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية لا بد من أن يستوعب الفاعلين فيها من أطراف سلطة الانتقال وحركات الكفاح المسلح من أن يكونوا وحدة في المفاهيم من خلال الاعتبارات التالية:
1. تحقيق الوحدة الوطنية. أن تكون كافة أعمال وإجراءات تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية والانشطة التعريفية والثقافية مصوبة نحو التعضيد على بيان ماهية الوحدة الوطنية أهدافها مطلوباتها وأهميتها لدولة كالسودان. وبحسبان أنها تمثل عامل القوة الوطنية الرئيس الذي يتم عبره تجاوز حالة هشاشة الدولة السودانية ويحافظ على وحدتها ويحمي أمنها القومي استقرارا ويؤدي بتضامن الجميع إلى بنائها وتنميتها حداثة ونهضة و لمؤسسات الدفاع والأمن وبقوميتها الدور الرئيس في ذلك.
2. الهوية الوطنية. يؤكد الواقع السياسي والاجتماعي السوداني تاريخا ان موضوع الهوية الذي ظل مؤشراً لحالة الوهن التي يعيشها السودان نتيجة لضعف نسيجه الاجتماعي ورؤيته الوطنية السالبة تجاه الدولة والسلطة أن يتم اتخاذ كافة التدابير المفاهيمية والمنهجية والتربوية والإعلامية بتحويل ضعف مفهوم الهوية السودانية سياسيا ومجتمعيا الى مفهوم ايجابي تجاوزا لحال صراعها والسلطة، وبما يفضي معنى وادراكا ايجابيا لدى المستهدفين من اتفاقيات الترتيبات الأمنية، اقتناعا بضرورة صهر عناصر التنوع السوداني بكافة أنواعه في الجسد الوطني، دون ان يتم نفي اي من مكونات هذا التنوع تكوينا لرابطة اجتماعية سياسية قومية تؤدي لخلق الولاء والانتماء الوطني من خلال مفهوم جديد للوحدة الوطنية.
3. الدولة الوطنية (دولة المواطنة). يمثل هذا الاعتبار العامل التطبيقي الذي يؤدي لترسيخ القناعات بالوحدة الوطنية والهوية حيث يأتي هنا التطبيق لمبادئ العدل والمساواة. توازنا في التوزيع للسلطة والثروة على أهل السودان مع اعتبار تنوعهم ووفق معايير معلومة تؤكد ألا ظلم لفئة في هذا السودان، سواء كان ذلك من خلال العامل السكاني أو العامل الجغرافي ليطمئن الناس قناعة بأنهم سواسية في دولة تهدف لتحقيق شعار (كلنا سودانيون) وأن السودان (وطن يسع الجميع).
4. وحدة الهدف. ويقصد به ضرورة أن تكون هذه الوحدة لدى الفاعلين بحسب الاعتبارات التي تم ذكرها سابقا والتي تتمثل في: (تحقيق الوحدة الوطنية والهوية الوطنية والدولة الوطنية) وبما يقوي العمل من أجل تجاوز تحديات اتفاقية الترتيبات الأمنية توطيدا لأركان السلام وتأمين الاستقرار الوطني.
5. التكامل.ان يتم بين كافة الجهات التي تقع عليها مسؤولية تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية وحيث مطلبي التعاون والتنسيق لسد الثغرات وتجاوز الاخطاء والقصور من أجل البناء السليم وتوحيد المفاهيم لكافة أطراف الترتيبات الأمنية من قوات مسلحة وقوات شرطة وجهاز المخابرات العامة ومقاتلي حركات الكفاح المسلح الذين سوف يتم اختيارهم للانتساب للمؤسسات أعلاه بعد تنفيذ فترة اتفاقية الترتيبات الأمنية وبحسب الخطة التي سيتم إعدادها.
6. المسؤولية. دون أن تكون المسؤولية الوطنية في أعلى درجات السلم الوطني لدى كافة الجهات المسؤولة من تنفيذ اتفاق السلام بدءا ثم انعكاسا إيجابيا على اتفاقية الترتيبات الأمنية فسوف يكون الفشل الوطني كارثة لأبعدها وذلك مايتطلب التدقيق في الاختيار لكافة العناصر ذات العلاقة باتفاقية الترتيبات الأمنية وذلك ما يتطلب توفره على مستوى المجلس الأعلى للسلام ومفوضية السلام وإداراتها على كافة المستويات وعلى كافة المؤسسات ذات العلاقة بإعداد وتنفيذ خطط تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية وبناء القدرات تهيؤاً لمرحلة التنفيذ وما قبلها لاتفاقية الترتيبات الأمنية.
متطلبات الترتيبات الأمنية خلال الفترة التمهيدية، يقصد بالفترة التمهيدية تلك الفترة التي تبدأ مباشرة بعد إجازة الخطة الاستراتيجية للسلام والتي تكون موضوعاتها محددة في هذه الخطة والتي تستمر عملا إلى حين التوقيع النهائي على اتفاق السلام بين أطراف المفاوضات واعتماده من قبل الهيئة التشريعية للدولة، وللحركات المسلحة اذا كانت لديها هيئة تشريعية وهي فترة تحضيرية يعتمد عليها نجاح اتفاقية الترتيبات الامنية كثيرا وتتضمن الاعداد والتهيؤ الإداري والفني والاجرائي وبما يؤمن النجاح المطلوب تجاوزا للتقصير، جدية في التنفيذ، وبما يحقق عامل الثقة من قبل حركات المسلحة تجاه الجدية وعلى رأسها المجلس الأعلى للسلام ومفوضيته والذي يمثل في ذات الوقت أعلى سلطة في الدولة سيادة وتنفيذا مسنودا بالمؤسسات ذات العلاقة المباشرة باتفاقية الترتيبات الامنية والممثلة في وزارة الدفاع حيث القوات المسلحة ووزارة الداخلية حيث قوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة ، حيث مجلس الوزراء، وأي أطراف أخرى ذات علاقة ، هذا دون التركيز على ماهو مطلوب القيام به من قبل الحركات المسلحة في ذات الفترة بحسبان أن ما ستقوم به مرتبط بمدى رؤيتها للسلام وتتمثل أهم الترتيبات المطلوب إعدادها والعمل لأجل جاهزيتها في الآتي:
1. دراسة تحديد مهددات الأمن القومي السوداني الداخلية والخارجية المحتملة بعد توقيع اتفاق السلام والتي يتم بناء عليها الآتي:
أ.هيكلة وتنظيم مؤسسات الدفاع والأمن وفقا لمطلوبات المرحلة القادمة،
ب.تحديد الأحجام المطلوبة لهذه المؤسسات وفقا لمهددات الأمن القومي والمهام التي سوف تقوم بها دستورا وقانونا عند مرحلة مابعد السلام، ودون إغفال التهيؤ الدائم للحرب. على أن تتم تجزئة خطة البناء التنظيمي إلى مديات زمنية (قريبة ومتوسطة وبعيدة) مع اعتبار المنهج العلمي المتبع في البناء التنظيمي خاصة على مستوى القوات المسلحة بالإضافة لمؤثرات البناء المعروفة من حجم سكاني ومساحة جغرافية ومهددات أمنية وقدرات اقتصادية وعلمية ولعل المطلوب إدراكه هنا من حركات الكفاح المسلح أن تعلم كافة مقاتليها أن أحجام القوة البشرية التي سوف يتم استيعابها بالقوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة مخصوم منها الأعداد التي سوف يتم دمجها في المجتمع وفقا لخطة التسريح مع اعتبارية عامل التوازن المعياري لن تكون بذات حجم كافة قوة المقاتلين لهذه الحركات الذين أيضاً ستطبق فيهم أيضاً المبادئ المعيارية للاستيعاب مع اعتبار شروط الانتساب لهذه المؤسسات (يمكن أن يتم التجاوز في هذه الشروط بمقدار ويحسب ما يتم الاتفاق عليه في الاتفاقية) وهذا مايعني أن هنالك أعداداً من المقاتلين سوف يتم استيعابهم دمجاً في المؤسسات المدنية الأخرى والمشروعات الاقتصادية التي سيتم توفيرها لهم. وهو مايحتاج لتهيئة نفسية وذهنية مبكراً.
جـ.وضع خطة الفتح الاستراتيجي (الانتشار) المستقبلية وفقا لمتطلبات الاستيعاب والسلام مقرونة بمهددات الأمن القومي.
2. إعداد وتهيئة بيئة الإيواء بكافة متطلباتها ارتباطا بخطة الفتح الاستراتيجي للقوات المسلحة وخطط الانتشار لقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة (مسؤولية دولة).
3. تحديد المتطلبات الامدادية (اللوجستية) والبدء في ترتيبات تأمينها داخليا وخارجيا وبحسب أسبقية مراحل الخطة الاستراتيجية (مسؤولية دولة).
4. تحديد حجم المتطلبات المالية وتقديمها لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي حسب مراحل خطة البناء الاستراتيجي مقرونة بخطة الاستيعاب لمقاتلي الحركات المسلحة في كافة المؤسسات، مشتملة الهيكل الراتبي ومكملاته من علاوات وغيرها (مسؤولية دولة).
5. إعداد الخطة الاجتماعية من إسكان، شؤون صحية، تعليم ومشروعات اقتصادية… إلخ وترتيب التدابير المالية لذلك (مسؤولية دولة).
6. اعداد خطط متطلبات التسريح والدمج الإدارية والمالية لمنسوبي مؤسسات الدفاع متضمنة الاستحقاقات المالية التقاعدية والإدارية لفترة ما بعد التسريح على أن تشمل مسرحي مقاتلي الحركات المسلحة عند بدء تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية (مسؤولية دولة).
7. إعداد خطة التدريب متضمنة كافة مراحلها والتي تمثل أهم الخطط صياغة وتغييراً في المفاهيم بناء لروح الفريق في إطار متطلبات الروح الوطنية (القومية) بناء للجيش السوداني الجديد.على أن تتم ذات الخطة على مستوى قوات الشرطة وجهاز المخابرات (على الدولة تأمين مطلوباتها المادية والعينية).
8. إعداد الخطة الإعلامية والمعنوية والنفسية والثقافية تكاملا مع الخطة التدريبية وبما يقوي ويدفع بقضية الصياغة بابعادها الوطنية (القومية) وحدة وهوية ومواطنة بناء لمؤسسات الدفاع في ظل الديمقراطية ودولة المؤسسات بعيدا عن روح الشمولية والحكم الدكتاتوري الذي اكد فشله في حكم دولة كالسودان بتعددها الإثني والسياسي والثقافي.(تقوم الدولة بتأمين مطلوباتها البشرية، والمادية والعينية).
9. حصر وإحصاء حجم القوة البشرية العاملة الآن بكل من القوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة كأحد مطلوبات الهيكلة والبناء التنظيمي وفقا لمراحله الاستراتيجية الثلاث وذلك للآتي:
أ.تحديد حجم القوة التي سوف يتم تسريحها وفقا لاتفاقية الترتيبات الأمنية.
ب.القيام بإعداد خطة الاستيعاب الجديدة للقوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة والتي سوف تعتمد في إطار مفهوم دولة المواطنة وقومية القوات المسلحة، آخذة بمعايير الكثافة السكانية والجغرافيا معا أو بالاثنين معا كضرورات وطنية يصعب تجاوزها بحسب الواقع المتصارع الآن هدفا لأن تساعد في تجاوز حالات الاحتقان الوطني والمجتمعي الذي يتحدث عن التقسيم غير العادل أو المتوازن نسبيا للسلطة في كافة المؤسسات تاثيرا على قوميتها ولدرجة ان يطالب البعض بان يتم الاستيعاب لهذه المؤسسات نزولا حتى بطون القبائل كواقع لايمكن إهماله، وهذا ماينعكس على الموجود الآن من القوة البشرية على مستوى القوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة لتكون المعالجة العلمية الاحصائية في هذا آنيا إعداداً لاستيعاب مقاتلي حركات الكفاح المسلح وبذات المفهوم مع ارتباط ذلك بالخطة الاستراتيجية لبناء القوات المسلحة وما تم ذكره سابقا عن أسس البناء التنظيمي التي يأتي في مقدمتها القدرات الاقتصادية للدولة.
جـ. البدء في إعداد الوحدات التي سوف تنفتح في مراكز الإيواء والاستيعاب التي سيتم فيها تجميع مقاتلي حركات الكافح المسلح بعد تجميعهم الابتدائي بمعسكرات هذه الحركات عقب توقيع اتفاق السلام هذا مع ضرورة مراعاة حسن الاختيار للقادة من ذوي القدوة والسلوك الحسن والكفاءة وبعد النظر مع الادراك الكامل لأهمية المرحلة في ابعادها الوطنية والخاصة بالقوات المسلحة والشرطة والمخابرات العامة وبما يمكنها من بناء الثقة وتثبيتها سلوكاً يؤدي لقناعات إيجابية تترسخ في عقول ونفوس مقاتلي الحركات المسلحة خلال فترة الاستيعاب والتدريب تحولا الى التأقلم ثم الاندماج في الجسد الوطني الواحد.
د. بناء القدرات للوحدات التي سوف تكون مشاركة لمقاتلي حركات الكفاح المسلح خلال فترة التعارف والتدريب مع تامين مطلوبات هذه الخطة من قدرات بشرية علمية وخبرات في المجالات العسكرية الامنية القانونية السياسية الاجتماعية الثقافية النفسية الاعلامية لتحقيق تأهيل وبناء هذه الوحدات / القوات اعدادا لها لاهم مراحل تنفيذ الاتفاقية الامنية على ان تكون هذه القدرات البشرية محايدة اللهم الا في الشأن الوطني، مع امكانية الاستفادة والاستعانة بأي مؤسسات ذات علاقة في هذا الشأن داخليا ، واقليميا، ودوليا.
هـ. تكوين اللجان المشتركة( الحكومة الانتقالية) من كافة الجهات ذات العلاقة باتفاقية الترتيبات الامنية للمتابعة والمراقبة والمحاسبة عند اي خطأ خاصة اذا اكدت المعلومات ان فاعله يهدف من ورائه لا عاقة مسيرة اتفاقية الترتيبات الامنية، وهو مايعني استهداف السلام في ذاته. (تتم اضافة منسوبي الحركات المسلحة لهذه اللجان لاحقا).
و. اعداد القوانين واللوائح التي تحكم مسار اتفاقية الترتيبات الامنية وبما يضعف ان لم يكن يوقف احتمالات الاخطاء المؤسسية والفردية لكل الجهات والافراد الذين سوف يتعاملون مع اتفاقية الترتيبات الامنية، وكذلك الاوامر المستديمة وسياقات العمل الثابتة.
ز. الحفاظ انضباطا وتنفيذا وإجراءات على إيقاف اطلاق النار عند الفترة التمهيدية ومايتبعها من فترات لاحقة حتى مرحلة التجميع لمقاتلي الحركات المسلحة الابتدائية في معسكرات الحركات بعد التوقيع النهائي لاتفاق السلام، وان يكون ذلك مضبوطا بالاوامر العملياتية التي تحدد فيها كافة الاجراءات المطلوب تنفيذها من قبل الوحدات ذات العلاقة والتي من بين اهمية ضبط التحركات عبر الاجراءات التي تتم حتى مرحلة التصديق مع التصديق النهائي، مسافة ومناطق الامان ما بين معسكرات التجميع الاولى لمقاتلي الحركات المسلحة والقوات المسلحة ، حجم القوات التي يسمح بتحركها مجمعة نوع السلاح وعياره الذي مسموح بحمله اثناء هذه التحركات من عدمه، الاجراءات التي سيتم القيام بها من قبل الاطراف خاصة قوات السلطة الحاكمة عند حدوث اي اختراق من قبل وحداتها. ويبرز هنا دور اللجان آنفة الذكر.
يتم وفي فترة لاحقة. اي حين تبدأ الاجراءات النهائية لمفاوضات السلام بين اطراف النزاع اخطار قادة الحركات المسلحة خاصة من يتم اختيارهم لهذه المفاوضات بهذه المتطلبات التمهيدية والطلب بضرورة اعتبارها والاخذ بها بل والاخذ بتلك التي سوف تفيد بشأن الاستعدادات الابتدائية لهذه الحركات بشأن السلام والتي عليها في ذات الوقت ولدعم عملية التفاوض ان تؤسس في داخلها لذات الاجراءات عملا متقدما يمكن من تحقيق سلامة الاجراءات وقتا وتنفيذا وتهيئة ذهنية ونفسية لمقاتليها مع تاكيد للجدية بشأن تحقيق السلام.

الترتيبات التي على حركات الكفاح المسلح القيام بها في ما بين الفترة التمهيدية وفترة مفاوضات السلام.
1. التنوير والتعريف المستمرين لمقاتليها بالاستعدادات التي تجري داخل الحركات لمفاوضات السلام خاصة اعلان المبادئ والاجراءات والتدابير التي تقوم بها السلطة الانتقالية في سبيل نجاح مفاوضات السلام مقرونة بها اتفاقية الترتيبات الامنية.
2. اتخاذ كافة الاجراءات التي يتحقق بها التنفيذ الفاعل لاتفاق إيقاف إطلاق النار، مع التعريف بماهية السلام وضرورته لبناء الدولة السودانية الجديدة في إطار الاعتبارات والمفاهيم التي سبق بيانها مع العمل لأن يتم ذلك عبر لجان مشتركة من طرف الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح.
3. البدء في استطلاع وتحديد المناطق التي سيتم فيها التجميع الأولي لمقاتلي الحركات المسلحة ، وتهيئتها لمرحلة الايواء مع القوات المسلحة، وقوات الشرطة والمخابرات العامة.
4. إعداد الخطط الإدارية والإمدادية التي يحتاجها المقاتلون عند فترة التجميع الابتدائي.
5. إعداد كشوفات الحصر الأولي والإحصاء المهني والفني لمقاتلي هذه الحركات وان يتضمن من بين ذلك القبيلة، والحالة الاجتماعية ومكان الميلاد مع اعتبارية المصداقية والشفافية عند القيام بهذا تجاوزا للسلبيات التي صاحبت اتفاقية اديس ابابا التي تمت في 1972 حيث كانت الاخطاء التي صاحبتها في ماتم ذكره احد الاسباب الرئيسة التي ادت لانهيارها، مقرونة بعدم المصداقية والشفافية والمحسوبية.
6. التبصير المستمر بمسار مفاوضات السلام مع الحكومة الانتقالية. ماذا تم وإلى اين تسير المفاوضات مع اخذ آراء المقاتلين عند التنوير وبما يؤكد انهم غير متجاوزين احدا بآرائهم مع الاجابة على كافة تساؤلاتهم.

أعمال مابعد توقيع اتفاق السلام
تعتبر هذه الفترة او المرحلة من اهم واخطر مسار مفاوضات السلام والتي تتكامل فيها الرؤى والمستويات وتتوحد فيها المفاهيم بين اطراف المفاوضات وحدة في كافة قضايا السلام والتي تاتي على رأسها كيفية تنفيذ اتفاقية الترتيبات الامنية تخطيطا وعملا مشتركا، تقوية كل المطلوبات والترتيبات التي سبق الاعداد لها والتي يمكن ألا تقل مدتها عن ستة شهور، وان يتم فيها القيام بالآتي:
1. التنوير المشترك والمفصل بكامل اتفاق السلام لكافة الوحدات التابعة للحكومة الانتقالية مع الاهتمام الاكبر بالوحدات التي يقع عليها تنفيذ الاتفاقية والافضل هنا ان يتم هذا في شكل لجان مشتركة لتاكيد وحدة الرؤى والاهداف بين الاطراف الموقعة على اتفاقية السلام والتي من بينها اتفاقية الترتيبات الامنية.
2. البدء في تنفيذ خطة تجميع مقاتلي حركات الكفاح المسلح في معسكرات ابتدائية بهدف تحقيق المزيد من التعريف بالاتفاقية تهيئة ذهنية ونفسية في إطار مفهوم السودان الجديد ودولة المواطنة وبيان أن الاتفاقية حققت كافة الاهداف التي قاتلوا من أجلها.
3. اكتمال خطة الحصر والإحصاء بصورتها النهائية لمقاتلي الحركات المسلحة.
4. بدء المرحلة الحقيقية لحصر الاسلحة وكافة مواد تموين القتال الاخرى بواسطة لجان فنية مشتركة مع مراعاة ان يتم هذا الحصر بالدقة التي تؤكد انه لم تترك قطعة سلاح خارج دائرة الحصر وهنا تاتي الشفافية والمصداقية كاهم عاملين في ذلك ، وتاكيدا على جدية خطوات السلام حيث مطلب الثقة على ان يتم تسليم كل ماتم حصره واحصاءه لمستودعات القوات المسلحة وتحت اشراف ومسؤولية مفوضية السلام، كمرحلة ابتدائية.
5. ضرورة البيان النهائي لاتفاقية الترتيبات الامنية للمقاتلين تعريفا بها، بالاضافة الي ما حدد عن الاستيعاب للقوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة عن منهجية الاستيعاب والمعايير التي سوف يتم بناء عليها التعيين لهذه المؤسسات في إطار القومية وعبر لجان الاستيعاب والتنسيب للمقاتلين بعد فترة التمازج التي ستتم عند الحاقهم بمعسكرات التدريب المشترك وصولا للانصهار مع رفقائهم من القوات المسلحة والشرطة والمخابرات العامة سوف تاخذ بالآتي:
أ.ان التنسيب ثم التوزيع لهذه المؤسسات سوف يكون قوميا ووفق خطة البناء التنظيمي ومراحلها وبحسب الأعداد المحددة لكل مرحلة.

ب. ان التوزيع سوف يتجاوز المناطقية في بعده القومي ، وبحيث تتم التنقلات لكافة ارجاء السودان وفق خطة انفتاح (انتشار) القوات المسلحة وقوات الشرطة والمخابرات العامة مع ضرورة ان يحدد المبدأ العام لذلك في اتفاقية الترتيبات الأمنية.
جـ. بيان الشروط التي يتم عبرها الانتساب لكل من القوات المسلحة وقوات الشرطة والمخابرات العامة والتي يحكمها القانون واللوائح.
د. تقوم قيادة مقاتلي حركات الكفاح المسلح بتحديد الأقدمية العسكرية لهذه القوات مع إعداد كشوفات مفصلة بذلك، يتم تسليمها للجان المشتركة بين الأطراف لتصنيفها ومن ثم تحديد الأقدمية الكلية.(ضباط ورتب أخرى) داخل كشوفات الأقدمية لرصفائهم بالقوات المسلحة وقوات الشرطة والمخابرات العامة في ما يعرف بالكشف العام الموحد.
6. أن يوضع في هذه الفترة، جدول المصفوفة الزمنية لتنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية تفصيلا حتى مرحلة ما يمكن أن نسميه الذوبان في الجسم الواحد.

مرحلة تطبيق اتفاقية الترتيبات الأمنية
تمثل هذه المرحلة قمة ماهو مطلوب الوصول اليه تطبيقا لاتفاقية الترتيبات الأمنية من خلال ما سبق ذكره من اعتبارات وإجراءات وإعداد للخطط خلال الفترات التي حددت كمسار لاتفاقية الترتيبات الامنية والانتقال والتي تتطلب مع ماحددته الخطط والترتيبات المطلوبة الآتية:
1. أن يقوم المجلس الاعلى للسلام ومفوضية السلام بتكوين كافة اللجان من سياسية وفنية وإدارية وأمنية (مشتركة) بمهامها تنفيذا لواجباتها، متابعة لمسار هذه المرحلة تواجدا ميدانيا في مناطق ومعسكرات الايواء والتدريب مع استمرارية التنوير للمستهدفين وبما يحقق الثقة ويدفع في اتجاه القناعات الوطنية لدى مقاتلي الحركات المسلحة، علاجا ميدانيا لكل العقبات وإلى حين انتهاء فترة التدريب ثم التوزيع.
2. أن تقوم اللجان الاختصاصية (القوات المسلحة ، وقوات الشرطة والمخابرات العامة وقوات حركات الكفاح المسلح) بالمتابعة في دائرة اختصاصها وجودا ميدانيا لاحتواء ومعالجة أي عقبات أو مشاكل في وقتها.
3. تنشأ مفوضية السلام وكذلك اللجان آنفة الذكر غرف متابعة لها بهدف المعرفة الآنية والمستمرة بكل مجريات الاحداث مع التبليغ عن مسار تنفيذ الواجبات والمهام التي حددتها الخطط والمعالجة الآنية لأي تقاطعات للجهات الأعلى.
4. لتحقيق النجاح المطلوب لا بد من تأمين كافة المطلوبات التي حددتها الخطط المعدة سلفا تفاديا لأي تقصير يحسب سلبا على مسار هذه الفترة.
5. يتم في هذه المرحلة اعداد كشوفات التوزيع استعدادا للتنفيذ عقب الفترة التي حددتها اتفاقية الترتيبات الامنية، او التي يتم الاتفاق عليها بين اطراف التفاوض وان يتم اطلاع المعنيين بها مبكرا.
6. تسير مع ماذكر اعلاه إجراءات التسريح والدمج للقوات – الافراد من اطراف القوات المسلحة وقوات الشرطة والمخابرات العامة ومقاتلي الحركات المسلحة ووفقا للخطط المعدة مسبقا مع مطلوبات التميز اداء وبما يعطي الاحساس للمسرحين بانهم سوف ينتقلون لحال افضل مما كانوا عليه تجاوزا لأي انعكاسات سلبية تنتج من سوء التنفيذ. في أي مرحلة من مراحل هذه الفترة (المجلس الأعلى للسلام – مفوضية السلام).

  1. الاعداد المبكر توفيرا لكافة متطلبات الخطط تركيزا على الجوانب المادية ، الاحتياجات العينية ، المطلوبات الفنية _المجلس الاعلى للسلام ، مجلس السيادة ، مجلس الوزراء ، مفوضية السلام ، الولايات … إلخ)

خاتمة
اذا كان السلام وبتحدياته التي تكاد تكون عصية مما جعله يفرض نفسه كهدف استراتيجي اول لحكومة الفترة الانتقالية فلا شك ان اتفاقية الترتيبات الامنية وبتعقيداتها الشائكة سوف تكون عامل النجاح الاول لهذا السلام تحقيقا للاستقرار الوطني التام انطلاقا نحو البناء والتنمية لدولة الحداثة والنهضة (السودان الجديد) اذا احسن التخطيط العلمي والتدبير المتقن وقويت العزيمة والإرادة ، وكانت كافة الاعمال موقوتة ودون ذلك فلن يتم التغلب والانتصار على تحديات فترة الانتقال لهذه الاتفاقية لتكون العاقبة فشلا لا شك سيؤدي لانهيار السلام فتكون الكارثة انهيار وسقوط وطن بكامله.

إن ما أوردته الدراسة بيانا لمطلوبات تحديات الترتيبات الامنية بفتراتها الزمنية المحددة، يتطلب عملا دؤوبا ياخذ بالاعتبارات التي تم ذكرها مع اعتبار عامل الزمن والواجبات الموقوتة تعاونا وتنسيقا عند أداء الواجبات التي يحددها المجلس الأعلى للسلام، ومفوضيته بالقوانين واللوائح والتوجيهات مع مشاركة حقيقية من كافة مؤسسات الدولة المركزية ، والولايات وفوق ذلك تنسيقا متعاونا ومسؤولا تكاملا مع قيادات حركات الكفاح المسلح والذي لا شك ان تم احكامه وضوحا في الهدف وادراكا للمسؤوليات مع الدقة تنفيذا وتجويدا فسوف يتم قطف الثمار تجاوزا للتحديات ليكون نجاحا تحقق من خلاله الجذابة ثم القبول رضاء وسلاما ينعم به سودان المستقبل المسالم، استقرارا وسلاما.
والسلام.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.