من يعوض البريء؟

استفهامات اليوم من سخونتها بدأت من العنوان.
الصحفي المصري محمود حسين مراسل قناة الجزيرة محبوس يجدد حبسه بتكرار ممل حتى بلغ الأربع سنوات . هل ارتكب جرماً لو عرض على المحكمة عقوبته أقل من هذا وتريد السلطات ان تستغل عَرَجْ القانون وتكيد له وتنتقم منه بهذه الطريقة.
ما كنت أحسب مثل هذا موجودٌ في السودان إلا بعد الوقفة التي وقفها أبناء الشيخ العبيد ود بدر وأقاربهم ومريدوهم أمام النيابة العامة أمس السبت 4/4/2020 م الذين قالوا ان ابنهم الشريف بدر محبوس على ذمة التحقيق منذ خمسة أشهر يجدد حبسه كل أسبوعين مطالبين بالإفراج عنه او تقديمه لمحاكمة. وهو مطلب وجيه حداً والوقفة حضارية كالتي نراها في ميادين العالم الكل يحمل ورقة فيها عبارة بعيداً عن الصخب والتهريج والكاميرات تصور. وأنهم يطمعون في ان تتعامل معهم النيابة بمثل هذا الرقي وتستجيب لطلبهم إما الإفراج او المحاكمة.
الغريب أنهم قالوا إن الشريف لم يحقق معه إلا نصف ساعة فقط في اليوم الأول من حضوره بنفسه الى النيابة العامة وبعدها لم يسأله أحد وكل هذه الأشهر لم يعرض لتحقيق ولم يقدم لمحكمة فقط تجديد الحبس كل أسبوعين بحجة عدم اكتمال التحري. بالله بعيداً عن جرم الشريف أو براءته فهذا من اختصاص القضاء ولا يلقى على عواهنه بالمزاج، اتفقنا أو اختلفنا مع المتهم. والذي يحفظ الكل ماذا بعد كلمة المتهم العبارة الشهيرة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته).
سؤال ملح لكل من شارك في صياغة هذا القانون او ناقشه او أجازه: منْ يعوض المتهم الذي مكث في الحراسة ستة أشهر؟ وهي الحد الأقصى للنيابة بعده عليها مجبرة تقديم المتهم للمحكمة. السؤال إذا ما برأ القضاء المتهم الذي حبس بالحد الأعلى ستة أشهر من يعوضه هذه الشهور؟ الذي فتح البلاغ أم النيابة أم ديوان الحسبة والمظالم (هل مازال هذا الجسم موجوداً؟ وكم مظلمة ردَ).

العدالة من شعارات هذه الثورة ومن العدالة أن تقدم المتهم للقضاء في أسرع وقت بلا تسويف مقصود او غير مقصود. إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصف مطل الغني بالظلم (مطل الغني ظلم) أي الذي يستطيع سداد دينه ويماطل في ذلك وصف بالظلم وكيف بمن يماطل في تقديم متهم للقضاء؟ في رأيي ظلم تكعيب.
أتمنى أن تشمل الثورة إصلاح القوانين المعيبة. هذا ان لم تكن الثورة ذات نفسها وضعت من القوانين ما هو أشد عيباً (قانون لجنة التمكين والتي يمكن ان نضيف إليها والتمكين المضاد).
قناعتي الخاصة ما لم تختف هذه الأحزاب العقائدية والأحزاب الطائفية لن تقوم لهذا السودان قائمة. وهذه مسئولية الأجيال القادمة. تكوين أحزاب بلا هوى آيدلوجي ولا طائفي.
اعدلوا هو أقرب للتقوى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.