حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

يا ميلة بختك يا سودان

شارك الخبر

(1)
سد النهضة وبسعته الخرافية 74 مليار متر مكعب أصبح أمرا واقعا، فإثيوبيا التي تعمل بذكاء استغلت عدم الاستقرار السياسي في مصر الذي ظهر في أخريات عهد مبارك وما تبعه من ثورة ومرسي وإخوان ورابعة وسيسي، واستغلت ضعف السودان وخفة وزنه السياسي، فحمست شعبها مذكرة إياه بأن الماء ماؤها والأرض أرضها وما في ود مقنعة يمكن أن يحرمها من مواردها ومضت لا تألو على جهد الى أن صنعت سدا تسير بذكره الركبان، والمشكلة الآن في مدة ملء السد وطريقة إدارته، فهذا يعني ان القضية أصبحت إجرائية طالما أن الموضوع متفق عليه . لكن يبدو ان هناك متغيراً في الأوضاع وهو أن مصر استقرت سياسيا وعاد نظام الحكم فيها أقوى مما كان في عهد مبارك، بينما اثيوبيا بدأت عليها ملامح عدم الاستقرار وهذا يعني أن مصر يمكن أن تجعل من الخلاف الإجرائي خلافا موضوعيا فترجع بالسد الى 14 مليار متر مكعب . فمياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة أو موت.
(2)
أما حبيبنا –بكسر الحاء- السودان، فهو دولة ممر ودولة منبع بالنسبة للنيل الأزرق وسد النهضة بالنسبة له فيه شيء من الفوائد وفيه مضار لا نود الخوض فيها هنا .
وبالتمعن يجب عدم استبعاد سوء النية فيه إلا فما الداعي لـ 74 مليار متر مكعب بينما 14 مليار متر مكعب يمكن أن تعطي ذات الكمية من الكهرباء ؟ ثم لماذا القرب الشديد من الحدود السودانية, 15 كيلو متراً فقط ، بينما يمكن أن يكون على بعد عشرات الكيلو مترات ؟ وبالمناسبة هناك رأي فني قوي يقول إن هذا السد لن ينتج6000 ميغاوات من الكهرباء إنما 1500 فقط فان ذلك كذلك فإن السد للمياه وليس للكهرباء، وفي هذه الحالة ما على السودان إلا أن (يخم ويصر) ومع ذلك كان يمكن للسودان أن يلعب بوليتكا ويعظم فوائده من السد ويقلل مضاره وكان يمكن أن يكون بين الدولتين مثل (دوار جمل نسيبته أكان لقاه يغني واكان ما لقاه يغني) أي مثل الرجل الذي خرج في فزع جمل نسيبته فإذا وجدته سوف يكبر في نظرها وإذا لم يجده سوف يشفي غليله منها, هذا مع عدم التفريط في مصالحه الاستراتيجية.
ولكن للأسف ما زال خط الانحدار نحو الضعف متصاعدا في السودان لذلك سيظل ملطشة بين البلدين، وكمان جابت ليها أمريكا.
(3)
عندما توقفت المحادثات بين البلدان الثلاثة ووصلت الى طريق مسدود حول ملء السد وطريقة تشغيله، اقترحت مصر إدخال طرف جديد ورنت ببصرها نحو الولايات المتحدة، فالتقطت الأخيرة القفاز فجمعت وزراء الخارجية والري في البلدان الثلاثة في واشنطون أربع مرات ورأس الجلسات وزير الخزانة الأمريكي مع مندوب من البنك الدولي وتم التوصل الى مسودة اتفاق، وفي اللحظات الأخيرة رفضت إثيوبيا التوقيع عليها ثم تبعها السودان فوقعت مصر منفردة، فقامت قيامة مصر وحدث ما حدث من تطورات ذكرناها بالأمس هنا، فعاد السودان وقرر الموافقة على التوقيع على مسودة واشنطون. فالأسئلة هنا تترى ما هو مضمون هذه الوثيقة؟ هل تم الوصول إليها على حساب السودان بإجباره على التنازل عن شيء من حصته؟ أين موقف السودان المستقل؟ في الحالة الأولى كان تابعاً لإثيوبيا، وفي الحالة الثانية أصبح تابعا لمصر، أها تاني نقول شنو، خليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.