كورونا في السودان.. الموقف بعيون دولية

الخرطوم: القسم السياسي

فواجع تتبعها فواجع، وسلبية تفرض نفسها ملونة كل المساحات، فبرغم الاحتفالات التي اكتنفت قلوب السودانيين على خلفية مرور عام على اعتصام القيادة العامة وقاد لكسر شوكة البشير وتنظيمه السرطاني والإطاحة بهم من حكم البلاد، إلا أن جائحة كورونا وكأنما تتواطأ مع فلول الدولة العميقة والنظام البائد في التنغيص على السودانيين، مسجلة رقما جديدا للاصابات ليكون العدد الاجمالي وفق التصريحات الرسمية 29 حالة اصابة بفيروس كورونا، مما أدى إلى وفاة 4 أشخاص، فيما تعافى أربعة آخرون.

الموقف الآن
وبحسب الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية ووزير الإعلام فيصل محمد صالح فإن السلطات أعلنت العزل العام على العاصمة الخرطوم، لثلاثة أسابيع للتطورات الاخيرة، وما وصفه وزير الصحة د. أكرم التوم بمرحلة الانتشار المجتمعي.

وكانت السلطات السودانية أعلنت حظر السفر بين الولايات قبل أن تتبع ذلك بمنع العربات الخاصة من التنقل فيما بينها.

بيد أن الإجراءات التي تم اتخاذها وفقا لتقديرات السلطات لم تكف لجهة عدم التزام السودانيين بالحظر المعلن، فتبع ذلك إعلان رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك، أمر طوارئ في إطار جهود كبح انتشار وباء كورونا، وينص القرار على معاقبة السلطات لمن يخالفون التعليمات بالعقوبات المنصوص عليها في قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997م. وتشمل العقوبات كل شخص يعتدي على الكوادر الطبية أثناء القيام بعملها، فضلا عن اتلاف المنشآت الصحية أو مراكز العمل، وتسري العقوبات أيضا على كل من يتورط في تهريب الأشخاص عبر الحدود أو مساعدتهم على الدخول إلى الأراضي السودانية، فضلا عن معاقبة المتورطين في احتكار الدواء أو الغذاء أو زيادة سعرهما، إضافة إلى نشر شائعات لأجل التضليل بشأن الجائحة. كذلك يتضمن نص القرار ما يتيح معاقبة كل من يخالط المصابين أو المشتبه في إصابتهم أو رفض مباشرة العلاج المقرر من قبل الأطباء، وهذه العقوبات تسري أيضا على من يرفض الحجر الصحي أو يمتنع عن تسليم مصابين.

ولايات الاشتعال.. خطط الاستجابة
وفي الوقت الذي تركز فيه السلطات على الخرطوم باعتبارها أكبر المدن السودانية من حيث التعداد السكاني، إلا أن أنظار المجتمع الدولي ومنظماته كانت تتجه نحو ولايات الاشتعالات أي التي شهدت حربا إبان النظام البائد وتنتظر السلام حالياً.. وعلى المستوى الكلي بحسب تقارير أممية رسمية، قام شركاء الأمم المتحدة بتحديث خطة التأهب والاستجابة القُطرية لفيروس كورونا المستجد لدعم حكومة السودان. وتركز الخطة، التي يتطلب تنفيذها 47 مليون دولار أمريكي، على تدابير الصحة العامة وتغطي مدة ثلاثة أشهر. وسيجري تحديث الخطة على أساس شهري أو إذا تغير الوضع.

وطبقا لذات التقارير فإن تخطيط الاستجابة على مستوى الولايات، شهد انشاء غالبية الولايات لفرق عمل مخصصة ووضعت خطط خاصة، وحملات التوعية بما في ذلك في معسكرات النازحين في ولايتي شمال دارفور وجنوب دارفور.

دارفور أولاً
ففي ولاية وسط دارفور أنشأت حكومة الولاية لجنة عليا لتفشي المرض برئاسة وزير الصحة الولائي ومنظمة الصحة العالمية، فضلا عن انشاء ثلاث وحدات حجر صحي بحسب ما اوردت تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وطالعتها(السوداني)، بما في ذلك مركز حجر صحي في زالنجي، كما يجري تعزيز أنشطة المياه والمرافق الصحية والنظافة الصحية، بالإضافة إلى الالتزام بتوفير حصص غذائية لمدة 2-3 أشهر.

توعوياً شهدت الولاية حملات ورسائل التوعية حول الوقاية من الفيروس بدعم من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). وقد قامت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة الولائية بتوفير تدريب لبناء القدرات للعاملين في مجال الرعاية الصحية على فيروس كورونا المستجد.

في المقابل شهدت ولاية شمال دارفور تشكيل لجنة مخصصة برئاسة الأمين العام لحكومة الولاية، وتشمل الوزارات التنفيذية ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية.

وطبقا للتقارير الأممية فإن اليوناميد دعمت وحدة الحجر الصحي في الفاشر بمولدات كهربائية وسيارتي إسعاف في وضع الاستعداد، كما قدمت منظمة الصحة العالمية الحوافز والمعدات واللوازم الطبية.. وشهدت معسكرات النازحين انطلاق حملات التوعية.

تقييم الوضع في الفاشر طبقا للتقارير الولائية ينتظر وضع قائمة بالاحتياجات الرئيسية في المياه والمرافق الصحية والنظافة في مركز حجر صحي زمزم والمستشفيات في الفاشر وغيرها من المرافق الصحية.

أما ولاية جنوب دارفور، فشهدت إغلاق للمعبر الحدودي مع جنوب السودان، ونقلت التقارير الأممية إنشاء لجنة فنية في الولاية للتصدي لفيروس كورونا، برئاسة المدير العام لوزارة الصحة وممثلين عن إدارة المياه والمرافق الصحية الحكومية ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف والمنظمات غير الحكومية الدولية. كما وضعت سلطات ولاية جنوب دارفور خطة تأهب واستجابة.

وتم تحديد مستشفيات نيالا والتركي وديقارِس مراكز للحجر الصحي، وتحتوي هذه المرافق على ما مجموعه 58 سريراً ووحدتين للعناية المركزة.

ولاية غرب دارفور شهدت ذات الترتيبات وتراس لجنتها الوالي، وتم إنشاء مركز حجر صحي واحد خارج مدينة الجنينة، فضلا عن تواصل رسائل التوعية حول الوقاية في جميع أنحاء الولاية عبر وسائل الإعلام المختلفة – وقد دعمت اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية جميع الجهود.

النيل الأزرق وجنوب كردفان
في النيل الازرق تم إنشاء لجنة صحية طارئة برئاسة وزارة الصحة الولائية، وتضم اللجنة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والوزارات التنفيذية ذات الصلة، بيد أنه لا يوجد أي مركز حجر صحي بالولاية.
أما في ولاية جنوب كردفان تشكلت لجنة برئاسة الوالي لتوفير القيادة وتعبئة الموارد، يشترك في رئاسة هذه اللجنة الفنية مدير الصحة بالولاية ومنظمة الصحة العالمية وتضم وكالات الأمم المتحدة وممثلي المنظمات غير الحكومية الوطنية/ والمنظمات غير الحكومية الدولية لضمان تنفيذ التدابير الوقائية، ويجري حالياً تحسين خدمات المياه والمرافق الصحية والنظافة العامة.

وبحسب التقارير الاممية فإن القوة الأمنية المؤقتة لأبيي ستقوم بإنشاء منطقة حجر صحي داخل مبانيها، وستكون عيادة القوة الأمنية المؤقتة جزءاً من منظومة الرصد لوزارة الصحة الولائية، كما جرى توفير معدات الوقاية الشخصية لأفراد القوة الأمنية المؤقتة، بالاضافة الى كل ذلك تم توفير خدمة الإسعاف لنقاط دخول اللاجئين.

المنفذ البحري.. تفاصيل أخرى
وفي الوقت الذي اشار وزير الصحة د. اكرم التوم الى نقص تشهده البلاد في الادوية وأدوات الوقاية، إلا ان كثيرين يرون ان ما قدم من دعم حتى اللحظة يكشف بشكل واضح مدى تمتع الوزير بعلاقات اممية مع المنظمات الدولية توصف بالجيدة جدا، وان النقص لا يعدو ان يكون في طريقه للسد..

بيد ان قراءة اخرى للمشهد تعيد السلبية مجددا للمشهد، لجهة أن اجراءات الوقاية من الفيروس تتضمن ابقاء السفن التي تمر عبر قناة السويس إلى بورتسودان في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً، وطبقا للتقارير الاممية فإن ذلك ينسحب على الشحنات من الصين ومصر واليابان وإيران وكوريا الجنوبية وأوروبا، ومن ثم فثمة مخاوف من أن تؤخر تلك الاجراءات شحنات الأدوية الحيوية واللوازم الطبية. فضلا عن المدى الزمني الذي تستغرقه اجراءات التخليص الجمركي ما بين 3-4 أسابيع في حالة عدم حدوث أي انقطاع، الامر الذي دفع الامم المتحدة للمطالبة بالافراج السريع عن جميع الشحنات والإمدادات استثنائيا.

جهود خاصة
مبادرات كثيفة اكتنفت الشارع السوداني على خلفية اعلان الحظر المؤقت قبل ان يصدر القرار بالحظر الكلي، واستعاد السودانيون ما وصفوه بقيم الثورة في ميدان الاعتصام بتقديم المساعدة لبعضهم البعض، خصوصا وانهم مقبولون على شهر رمضان، في ظل معطى بأن معظم الشعب يعمل في القطاع الخاص ..

وبرزت مؤخرا عدة مبادرات لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد، وطبقا لرصد المنظمات الدولية، فإن اتحاد رجال الأعمال وشركات الاتصالات والاتحاد المصرفي تعهدوا بتقديم 200 مليون جنيه سوداني اي ما يعادل حوالي 2 مليون دولار دفعة أولى لدعم الخطة الصحية للحكومة لمواجهة كورونا .

وطبقا لمتابعات (السوداني) تم تدشين مبادرة من قبل شركة (ح) لـ(بائعات الشاي) في الخرطوم وبحري وأمدرمان وتزويدهن بأدوات التعقيم ومواد التوعية، فضلا عن قيام شركات صابون بتوزيع منتجاتها لذات الجهة، بينما قامت إحدى شركات الاتصال بتقديم 3,000 سترة طبية واقية للطاقم الطبي في المستشفيات، فيما تبرعت شركة (ك) بـ 65,000 لتر من كحول الإيثانول؛ كما تبرعت شركة (ت) بالجلسرين.
وطبقا للتقارير الاممية فإن لجنة الصيادلة المركزية اشرفت على تقديم شركة التقطير الحديثة والتقطير الأفريقي الإمدادات اللازمة لإنتاج المطهرات التي توزعت في المرافق الصحية، بينما وفر اتحاد العمال مواد التعبئة للمطهرات.. كما قامت شركة (م) بالتعاون مع وزارة الصحة الاتحادية بحملة تعقيم في مواقع مختلفة ووزعت مطهرات الأيدي والصابون.

وقامت مجموعة مهندسي جامعة السودان بإنشاء محطات متنقلة لغسل اليدين جرى توزيعها في مناطق عالية الخطورة، كما أنشأ باحثون سودانيون لوحة معلومات فيروس كورونا المستجد لتكون مصدراً مركزياً للمعلومات لتنسيق أنشطة وأدوار المبادرات الاجتماعية والتطوعية وفرق العمل الميدانية العاملة ضد وباء فيروس كورونا المستجد في السودان.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.