بعد الازمات المتفاقمة في الوقود والدقيق وقطوعات الكهرباء انعدم الهواء بحيث أصبح الحصول على (أكسجين) للمرضى في المستشفيات والصيدليات غاية صعبة أن لم تكن مستحيلة والأكسجين ليس دواء يفترض وجود بديل.
مشاهد مزعجة حد الخوف لبعض مرافقي المرضى وهم يبحثون عن أكسجين لذويهم دونما جدوى والمرضى يشهقون ملء صدورهم في سبيل الحصول على هواء للبقاء على قيد الحياة .
إن تركيب الأكسجين واحدة من أسهل عمليات التصنيع واقلها كلفة ومن المفترض أن يكون متوفرا للمحتاجين في المستشفيات وفي متناول اليد بالصيدليات .
ارتفع الطلب على الأكسجين بسبب كورونا وأصبح الحصول عليه يتطلب معرفة و(واسطة) ومالا وليس أسهل من تحضير الأكسجين إلا المحاليل التي يحتاجها من يفقد سوائل ويكون في حاجة للتغذية عبر الاوردة والمحاليل ليست الا (ملح وماء) في الأصل ولكنها باتت اليوم شحيحة حد دخولها السوق السوداء!
واضح أن الصحة في السودان تودع منها هي الأخرى إضافة للتعليم ولأسباب كثيرة على رأسها ضعف الإدارة والرقابة التى جعلت كل شيء يدخل السوق الأسود!
إن الشيء الوحيد الذي لم ينعدم بالكامل تماما حتى اليوم هو (الأمن) وإن حدثت فيه الكثير من الثغرات المقلقة والمتسعة يوما بعد الآخر والأيدي على القلوب من وقوع الانفلات الكامل والمتوقع في اية لحظة نتيجة التردي في كل شيء .
إن حالنا اليوم أسوأ من أحوال الدول التي تعيش حروبا واقتتالا في الشوارع فكل شيء قد انهار تقريبا واختلط الحابل بالنابل
وأصبح بالامكان الحصول على وقود مخزن في مستشفى ودواء مخبأ في المنطقة الصناعية او قد لا تجد أي شيء في اي مكان سواء كان مخصصا له او مخبأ فيه !
ضاعت هيبة الدولة تماما بل وغابت الدولة عن حياتنا وهذا واقع يتطلب تحركا سريعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون التفكير او الحديث عن إسقاط الحكومة القائمة عن طريق التظاهر (الثورة) فذلك لن يقدم بديلا او يحقق استقرارا كما أن الانقلاب العسكري سيهدد مصير البلاد في هذه المرحلة .
المطلوب الآن وقبل فوات الأوان الإسراع في تشكيل الحكومة حسب اتفاق جوبا ولعل في القادمين رجاء في إقامة جهاز حكم قوي واستعادة هيبة الدولة التي غابت .
إن ترتيب شكل الحكومة الجديدة ربما يكون الأمل الأخير في وقف التدهور الشامل ومنع البلاد من الانزلاق في منحدر لا تقوم بعده.
الوضع يتطلب احساسا عاليا بالمسؤولية واستشعارا بالخطر الذي يتهدد الجميع وفي هذا مدعاة لتجاوز أي خلافات بشأن التشكيل الجديد والتضحية بالأقل في سبيل الكل.
