عندما يكون السلوك الطلابي ثقافة مجتمع

د.عبدالله إبراهيم علي أحمد

هي ليست دعوة للانخراط بتسجيل طلابنا بالمدارس الإنجليزية، وليست المدارس الإنجليزية بالمدارس التي نفضلها كليةً على مدارسنا العربية، بالعكس مدارسنا العربية خصوصاً هنا بدولة قطر بحكم إقامتي فيها، جيدة بل ممتازة، تحتوي على أفضل التقنيات التعليمية والبيئة الصفية الجيدة، وبرغم تحسن السلوك الطلابي الذي يسير على قدم وساق إلى الأمام، إلا أنه مقارنةً بالمدارس الإنجليزية نجده يختلف تماماً، فمن ملاحظاتي أن سياسة الضبط السلوكي بالمدارس الأجنبية أضحت معايشة ومغروسة في وجدان الطلاب بالفطرة، فلم يعد هناك ما نسمية بسوء سلوك، ولم يعد هناك احتياج بأن تُعلق سياسة الضبط السلوكي على جدران الصفوف الدراسية، وحتى وإن وجدناها، لم يكن لها أثر كبير بتعليقها على حيطان المدرسة، حيث أن الطالب أصلاً تجاوز هذه المرحلة، وهي مرحلة أن يكون منضبطاً سلوكياً، فالسلوك بهذه المدارس ثقافة مجتمعية.
التقيت بعددٍ من أولياء الأمور بمدرسة أجنبية فسألتهم عن تواصل المدرسة معهم بخصوص السلوك الطلابي وكم مرة غاب الطالب عن المدرسة وهل تغيب بعذر؟ وهل سبق أن تواصلت معكم المدرسة بخصوص سلوك طلابكم ؟
فكان الرد أن السلوك الطلابي يحسه الطالب وجدانياً ويعمل به كما نحسه نحن أولياء الأمور كذلك، فهو قيمة تربوية يتعلمها ابننا بالفطرة ويتعلمه منذ نعومة أظفاره، فجاء الإحساس به ليس لأن قوانين السلوك المدرسي مكتوبة و معلقة على ممرات المدرسة وأركانها، ولكنها قيمة لا ينفع بدونها الطالب ولا يمكن أن يتعلم لطالما أنه سيئ السلوك، وأما عن غياب الطالب عن مدرسته، فكان الرد لماذا يغيب الطالب وهو الذي يحب مدرسته أكثر من بيته، فقال أحدهم عندما أريد معاقبة ابني عن المدرسه أتركه في البيت وأمنعه عن الذهاب إليها، ما سمعته يستحق الإشادة والوقفه، فهذه ثقافة مجتمعية منبتها أسرة الطالب برغم أن معظمهم غير مسلمين، فكيف لنا نحن المسلمين أن نقبل ما دون ذلك؟
لا نرضى بالتأكيد بأن نكون أقل منهم انضباطاً وانتباهاً، فنحن الشموخ المستمد من ديننا الإسلامي مولد هذه الأفكار وجذور الأخلاق الفاضلة والانضباط السلوكي.
أما عن طريقة تعلمهم، فلهم طريقة التعلم الإبداعي (creative learning) وتعلم كيفية التعلم (learning to learn) وهي طريقة تعكس روعة أداء الطلاب معتمدين على أنفسهم تماماً، ويديرون أنفسهم بأنفسهم في طريقة التعلم الذاتي (self independent learning) وطبعاً هذه الطرائق ليست بغريبة علينا بمدارسنا العربية ولكن دافعية الطلاب (motivation) تقف عقبة في تحقيق هذه الأنظمة، فماذا نحن فاعلون مع دافعية تعلم الطلاب؟
وعموماً دائماً ما تكثر الأخطاء السلوكية بالمدرسة مع الأقران والأصحاب من الطلاب، لذلك علينا بتربية الأبناء سلوكياً، وبذل المزيد من الجهود لتحسين دافعية التعلم، وما أن حصل تشويش أثناء الحصة الدراسية من أحد الطلاب أو شغب، وإلا نلاحظ قلة الانتباه والفهم.
إذن الإزعاج والانتباه خطان متوازيان لا يلتقيان أبداً، فعلينا بالإنصات حين يشرح المدرس درسه، لذلك الانتباه والاستماع للمعلم والزملاء بالصف الدراسي الواحد، يساعدان في الفهم، ومن ثم ارتفاع في التحصيل الأكاديمي.
السلوك السلبي يؤثر، وبالقضاء عليه يمكننا ضبط الصف بشكلٍ جيد، وهذا يوفر المناخ الملائم لتقديم أفضل ما لدينا لتحقيق أهداف الدرس، وفي المقابل إدارة الصف فنٌ من الفنون، وفكر لا يعرفه إلا الماهرون الحقيقيون، وبمجرد إدارتنا للصف بصورة جيدة، يعني أننا قضينا على ظاهرة السلوك السلبي في الصفوف الدراسية، وعلى المعلم عدم بداية الدرس حتى يقوم الطلاب بتنظيف الصف الدراسي، وجمع القصاصات والأوراق الملقاة على أرضية الصف، وليكن المدرس أول المبادرين، حينها سوف ينخرط الطلاب في الاشتراك، والعمل على تفعيل هذه القيمة، وبالتالي نكون قد قمنا بتفعيل قيمة النظافة، وغرسنا في الطلاب قيمة السلوك الحسن والذي يجب أن يكون، وبعدها يتم الإنصات والإصغاء إلى المعلم عن رضا وليس بالغصب، وتعم الاستفادة من الحصة الدراسية لطالما انتبهنا وأوقفنا أي سلوك يعمل على إعاقة سير الحصة الدراسية، حينها نحصل على ارتفاع في مخرجات التعلم، عليه ومن ما تبين من أفكار تم طرحها، يتضح جلياً أن الانضباط السلوكي يعمل بطريقةٍ إيجابية على رفع المستوى الأكاديمي للطلاب.

خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية
الدوحة – قطر

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.