السكة الحديد .. بيت خبرة عالمي !

تحليل سياسي: محمد لطيف
في ذات الميقات الذي كانت تنطلق فيه سيارات الدفع الرباعي ( مثيرة الغبار والجدل ) متجهة نحو نهر النيل .. تقل في جوفها المسئول السيادي الرفيع .. ووفده المرافق .. كان وفد آخر يتمسك رئيسه بدخول مدينة عطبرة .. عاصمة الحديد والنار .. على متن قطار النيل .. كان تبرير رئيس الوفد ذاك لخطوته تلك .. أنه يهدف لدعم السكة الحديد .. ولفت الأنظار لأهميتها .. ولئن بدا للوهلة الأولى أنها محض عبارة عاطفية .. فقد كانت المفاجأة أن اجتماعا للوفد عقده بعطبره .. وبمقر السكة الحديد .. أثبت ان تلك العبارة .. وتلك الرحلة .. وذلك الوفد .. كانوا يحملون للسكة الحديد اكبر مما توقع اكثر المراقبين تفاؤلا .. نعني هنا زيارة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة .. رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية في السودان .. ووفده المرافق .. لولاية نهر النيل خلال الأسبوع الماضي .. فاجأ السيد فولكر بيرتس مرافقيه أنه يرغب في السفر بالقطار .. كان مجرد شيوع هذا النبأ كافيا أن تفتح له المدينة .. بل وكل الولاية ابوابها .. ترحيبا وتقديرا .. فستظل عطبرة وفية للسكة الحديد .. كما كانت هي وفية لها .. قبل أن ينقض عليها محمد الحسن الأمين ورهطه بليل بهيم .. !
لسنا هنا بصدد الحديث عن زيارة السيد فولكر .. رغم أنها تستحق أن نفرد لها مساحة مقدرة .. لأهمية ما احتوت عليها من رسائل وإشارات ودلالات .. فبجانب كل الأنشطة والمقابلات السياسية .. فقد كان الرجل حريصا على زيارة .. راجل كدباس .. الشيخ الجعلي .. وهي زيارة تعني الكثير .. لمن لا يزال يراهن أن الطرق الصوفية .. كانت وستظل .. ركائز للسلام والمحبة والتسامح في السودان .. ثم رغم كل ما ناقش من قضايا .. كان الرجل حريصا على إطلالة على قطاع التعدين .. في ولاية هي الأكبر فيها .. حتى الآثار الاجتماعية لهذا النشاط .. في ما عرف بزواج القاصرات جراء الثراء المفاجيء للشباب صغار السن .. وجد مساحته من النقاش .. ثم كانت جامعة وادي النيل محطة مهمة في زيارة فولكر التقى فيها بالأساتذة والطلاب و الشباب والنساء وحتى لجان المقاومة ..ولم ينس أن يقف على آثارنا التي ما انفكت تقاوم الرمال عند البجراوية .. !
إذن .. لئن كانت كل هذه من ملامح زيارة تلك البعثة الأممية الى نهر النيل .. التى قيل إن حكومتها بقيادة الدكتورة آمنة الفكي قد أحسنت ترتيبها وإخراجها .. فإن الذي يعنينا في كل ذلك .. هو ذلك الاهتمام المتعاظم الذى حظيت به السكة الحديد .. ولأن ( الخواجات ) لا مجال عندهم للعواطف .. فإن عبارة الاهتمام بالسكة الحديد ولفت الأنظار اليها .. التى أطلقها فولكر في الخرطوم .. كانت تكشف في عطبرة عن برنامج عمل متكامل .. فالاجتماع الذى عقدته بعثة فولكر مع إدارة السكة الحديد وقياداتها ومهندسيها وعمالها.. بعد جولة تفقدية حقيقية داخل ورشها .. حضره السيد إدي روو .. وإدي روو لمن لا يعلم .. هو ممثل برنامج الغذاء العالمي في السودان .. وبرنامج الغذاء العالمي .. لمن لا يعلم ايضا .. يكاد يكون اكبر مستخدم لمواعين النقل في السودان .. روو الذي وقعت منظمته مع السكة الحديد .. اضخم عقد لنقل مختلف البضائع من سلع وأغذية ومنقولات لمختلف أنحاء السودان .. قال في ذلك الاجتماع إفادة لافتة ومهمة .. قال إن ما يميز السكة الحديد .. وشجعهم على التعاقد معها .. أن العاملين فيها .. يعرفون مشاكلها .. ويستطيعون إيجاد الحلول لها .. أي أن السكة الحديد ..المؤسسة التي حرصت الحكومة الانتقالية على إيلائها الاهتمام اللازم .. يعتبرها برنامج الغذاء العالمي .. بيت خبرة وطنيت مكتفيا ذاتيا .. فهكذا .. ولأول مرة نجد أنفسنا أمام مؤسسة وطنية قادرة على معالجة مشاكلها .. دون عون خارجي ..فأنعم بها من شهادة .. ومرحبا بصفحة جديدة في تاريخ السكة الحديد ..! ولنا عودة .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.