كانت مبنى لجهاز الأمن مكتبة (تندلتي العامة) منارة معرفية سامقة

الخرطوم: محاسن أحمد عبدالله

تعتبر المكتبات العامة عنصراً رئيسياً وفاعلاً لصياغة ثقافة المجتمع من خلال ما تتيحه للأفراد من فرص التواصل، وتعلم المهارات الخاصة باكتساب المعرفة والبحث عن الحقائق والتفاكر وتبادل الآراء، وتوفير الفرص للفرد من أجل التعلم الذاتي الكفيل بتحويله إلى فرد مبدع ملم بكل قضايا مجتمعه ومحيطه، وهو الأمر الذي يتمخض عنه ثقافة مجتمعية رفيعة، كذلك تعتبر وسيلة ضامنة لحفظ الإرث الثقافي الخاص لكل مجتمع، الذي يشكل عنصراً رئيسياً لا غنى للثقافة عنه.
تنمية المواهب
هنالك جانب مهم في رسالة المكتبة العامة وسط مجتمعها، يتمثل في اكتشاف أصحاب المواهب المختلفة من تصوير ورسم وموسيقى وغيره، وإبراز تلك المواهب في المكتبة العامة من خلال وضع آلية تجذب وتدفع الموهوبين للتسابق لإبراز مواهبهم في تلك المكتبات، وبدورهم يقوم أولئك الموهوبون بتنمية أفراد المجتمع الآخرين من خلال تدريسهم وتدريبهم على تلك المواهب، وعرض مواهبهم في تلك المكتبات.
فكرة المكتبة
في بدايات عام 2007م تداعى نفر معطونون بحب هذه البلد عبر الوسائط لمناقشة قضاياها وخدمتها والتخطيط والعمل على تطورها شكلوا على إثرها جمعية تطوير تندلتي (أونلاين)، ووضعوا خططاً وبرامج طموحة تغطي الجوانب كافة؛ الاقتصادية والخدمية، الرياضية، الثقافية والاجتماعية وغيرها .
ومن تلك المشاريع برزت فكرة المكتبة العامة ضمن مشروع أكبر، وهو المركز الثقافي الشامل وقتها لم يجد المشروع النور، وظلت الفكرة موجودة، ولم تبارح خيال أصحابها ينتظرون الوقت المناسب ويحدوهم الأمل في تحقيقها، فكانت الثورة المجيدة بعثاً جديداً في إحياء المشاريع الطموحة، ومن بينها هذا المشروع العظيم، ومما دفع بخطوات قيامها أن شباباً وثاباً واعياً قاد خطاً آخر لضرورة قيام مكتبة في تندلتي، فتلاقت المساعي، وتلاقحت الأفكار، ودفعت بعضها، وشُدتِ العزيمة لأن يصبح الأمر واقعاً طموحاً تتقاصر دونه كل الأطروحات، فكان قروب المكتبة قد ضم لفيفاً من المهتمين والداعمين من مختلف الأعمار والمشارب والأفكار، توحدوا خلف المشروع، وكل ينظر له بدافع شخصي مكتمل الإيمان والدوافع متشرب بالعزيمة والإصرار وقوة الإرادة، فكان التفاكر والتخطيط بروح عالية وأيادٍ متشابكة تدعمه خبرات وتجارب عظيمة مسنودة بعنفوان الشباب وطاقاته الجبارة وعزيمته الكبيرة .
تعاون وثيق
لجان المقاومة التي أفرغت دارها لتحتضن المكتبة، فتمت صيانة الدار وتأهيلها وتزيينها مقراً للمكتبة، ومن ثم كانت انطلاقة المشروع في رحلة الوجود والبقاء والنمو والتطور، مدفوعاً بعزيمة أهل تندلتي بجميع أطيافهم ومشاربهم، ودعم محبي العلم والثقافة والعلوم الإنسانية على امتداد البسيطة، وهي جهد خالص لتعاون وثيق بين المواطنين والحكومة، ونموذج رائع يمكن محاكاته لسد حاجة بلدنا لتنمية القدرات وإبراز المواهب، وتظل شاهداً ممتداً على تاريخ المدينة، وحاكى حسن صنيع أبنائها الرواد في التصدي لمعضلاتها مثل بناء المدارس والأندية وحفر الآبار ودور العبادة.
أهداف المكتبة
من أبرز أهداف المكتبة تعزيز محو الأمية الشاملة، بما في ذلك محو الأمية الإعلامية والمعلومات، ومهارات القراءة والكتابة الرقمية، والعمل بمثابة قلب المجتمع البحثي والأكاديمي.
الحفاظ على الثقافة والتراث والوصول إليها على وجه الخصوص، رفع الوعي وبناء القدرات من خلال إقامة الفعاليات والمؤتمرات والاجتماعات لدعم رفع الوعي، تنظيم وحضور ورش عمل؛ لمُساعدة المكتبيين على تنمية مهاراتهم في جمع البيانات وعرض حالات توضح كيف تُسهم المكتبات في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، تنظيم وحضور ورش عمل يُعدها خبراء حول موضوعات أهداف التنمية المُستدامة، ويُمكن أن يُقدموا المشورة المُتعلقة بكيفية حشد الدعم، أو دعم اللقاءات مع صُناع السياسات.
موقع المكتبة
تقع المكتبة جنوب مستشفى تندلتي الجامعي، وكانت قبلها مبنى لجهاز أمن الحكم البائد، منذ بداياته حتي العام ٢٠١٢، المكتبة لديها عدد من الداعمين، وهم دار عزة للطباعة والنشر، مكتبة مركز عبد الكريم ميرغني، المكتبة الخاصة للبروفيسور كمال بشرى، ،المكتبة الخاصة للراحل أحمد حسن فحل، المكتبة الخاصة للأستاذ صديق جمعة النور، المكتبة الخاصة للشيخ الدكتور عماد الدين بكري أبو حراز، المكتبة الخاصة للشيخ البروفيسور عصام أحمد البشير، ،المكتبة الخاصة الأستاذة ميادة معتصم، المكتبة الخاصة للأستاذ أحمد عبد الكريم الكنزي.
كما تستقبل المكتبة التبرعات العينية من الكتب والدوريات عبر مراكز مختلفة في ولاية الخرطوم.
المركز الثقافي
المكتبة ما هي إلا مستهل لمشروع طموح يتمثل في المركز الثقافي بمدينة تندلتي ليكون بداية عهد لحراك ثقافي وعطاء متجدد، يسهم في بناء إنسان المدينة، ورفع مستوى وعيه، وتفجير طاقاته، وتنمية قدراته، وسينشأ المشروع على مساحة تتجاوز أحد عشر ألف متر مربع، يشمل قاعات ومكاتب ودوراً للأنشطة المتعددة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.