لا أحد يراك غيري

همسة تربوية…د. عبدالله إبراهيم علي أحمد

شارك الخبر

 

 

 

عندما نتعامل مع الأنثى نجد فيها رقة المشاعر وجميل التعامل، أمرها عجيب وقليلٌ من يفهمها، تتسم بالرقة والعطف وتبكي حين تبتعد عن زوجها أو صغيرها وهذا شيء طبيعي، فأقوى عظماء الأرض ينهارون أمام بكاء امرأة، وهي لا تريد مستحيلاً ولكن الذي تريده من الرجل هو التعامل معها برفق مثل ما يتعامل مع شقيقته، أحياناً تصمت الأنثى أمام من تحب وتأتي الكلمات على هيئة دموع، وقد تكون الأنثى حباً عظيماً  أو  كيداََ عظيماً على حسب ما يعاملها الرجل تماماً، غير أنها تحب أن تُعامل مثل ما يُعامل الصغير، لكن في المقابل متى قست فإنها لا تخلو من مشاعر العطف.

وعموماً تتجلى رسالة المرأة برعاية أولادها وتربيتهم التربية المبنية على الأخلاق والدين، كما تتجلى أهمية المرأة حين تجاهد من أجل أبنائها، وهنا تحضرني قصة يقول فيها الراوي:

وصلنا إلى بيتٍ قد اشتعلت فيه النيران، وفي البيت أم لها ثلاثة أطفال، وقد بدأ الحريق في إحدى الغرف، فحاولت الأم الخروج بأولادها من الأبواب فإذا هي مغلقة، ثم صعدت سريعاً مع أطفالها الثلاثة إلى سطح المنزل لكي تخرج من بابه فوجدته مغلقاً، حاولت أن تفتحه فما استطاعت، كررت ذلك عدة مرات فأعياها التكرار، ثم تعالى الدخان في المنزل وبدأ  النَّفَس يصعب عليها وعلى أبنائها، احتضنت صغارها وضمتهم إلى صدرها وهم على الأرض حتى لا يصل الدخان الخانِق إليهم، وكأنها تريد أن تستنشق الدخان كله وتحمي صغارها، وصل فريق الدفاع المدني إلى المنزل، فوجدوها ملقاةً على بطنها، رفعوها فإذا بأبنائها الثلاثة تحتها أموات، كأنها طيرٌ يحنُو على أفراخِه ويحميهم من الخطر.

يقول الراوي: وجدنا أطراف أصابع يدها مهشمةً، وأظافرها مقطوعة، فقد كانت تحاول فتح الباب مرة، ثم تعود إلى أطفالها لتحميهم من لهيب النار وخَنَقِ الدخان مرةً أخرى، حتى ماتت وهيَ تُجَسِّد أروع أنواع التضحية والحنان والعطف والرحمة.

نعم هي الأنثى الأخت والزوجة والأم، لها أهميتها في كل مكان، تحمل من المؤهلات والشهادات العلمية ما يمكنها من تعليم الأجيال، ولقد شهدت لها الساحة بأنها ارتقت وتعلمت، بل نافست الرجل في كثير من المجالات، وبعضهن تفوقنَ على الرجال في نيل الشهادات، فضلاً عن أهمية المرأة في المجتمع حين تجاهد كما يجاهد الرجل، وتحضرني صيحة المرأة حين قالت:

(أنا امرأة لا أنحنى إلا في صلاتي، ولا أصمت إلا عندما ينعدم كلامي).

إذاً لنرجع خطوة ونتأمل، وقد يختلف معي البعض غير أن البعض سيوافقني في أن دور المرأة عظيم، وفضلها علينا كبير، واحترامها لنا كثير، فلنحفظ لها الجميل، فإن أحببتها عشقتك، فهي تداوي وهي محمومة وتواسي وهي مهمومة وتسهر  وهي مُتعبة وتحزن مع من لا تعرف، لذلك لا تطرق باب قلب الأنثى وأنت لا تحمل معك حقائب الاهتمام، فعندما تغار الأنثى، لنرسم قُبلة على يدها ولندعها تشعر بأنها نعمة من نعم الله علينا، وهي لا تستطيع نسيان شخصٍ أحبته، فتظل تراقبه عن بُعد، لذلك أعطِ المرأة الحنان تمتلكها وبالهيام تذوبها وبالوفاء تسحرها وبالغرام تأسرها.

أخيراً يقول الرجل في المرأة ما يريد، ولكنها تفعل به ما تريد، والأنثى تستطيع أن تربي طفلاً بلا أب لكن لا يمكن للرجل أن يربي طفلاً بلا أم، هنا روعة الأنثى التي لم يزدها الزواج كرامةً ولن ينقصها الطلاق أنوثةً، نعم هي الأنثى مربية الأجيال، عطاء بلا حدود، تعمل كل الممكن وبعض المستحيل، تضرب الأرض بقوة وتنظر إلى السماء بصلابة، هي الأم التي تسهر الليالي من أجل أولادها إذا أحل بهم المرض، وتقف شامخة متعاونة ومبادرة في خدمة زوجها، وكأن لسان حالها يقول لا أحد يراك غيري

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.