(تحزَّم وتلزَّم) واصدر قرارك

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

“جميع الأطراف” جملة مطاطة، ليس لها خط نهاية مُحدَّد على امتداد البصر، تماماً كمن يقف على ساحل البحر ويُدقِّق النظر ليرى الساحل الآخر.. فما هي الأطراف التي عناها قائدنا رئيس مجلس السيادة وهو يدعو المجتمع الدولي لحثها على إنجاز التسوية السياسية بحسب (سونا – أخبار السودان) وغيرها من المواقع الإسفيرية؟ ومن هم المقصودون من المدنيين الذين توجهت إليهم الدعوة أو المناشدة للتعاون مع الكل؟

لعل (فطنة) البرهان دفعته من خلال هذه الدعوة المُموَّهة إلى إقناع أو (إفهام) القوى الناشطة في الساحة السياسية الآن أن مستقبل الوطن واستقراره السياسي والافتصادي ليس قاصراً عليها وحدها، ولذا فقد ترك الباب موارباً لإدخال كل أصحاب المبادرات يميناً ووسطًا ويساراً، وإدارة أهلية، وحركات مُسلَّحة، ومؤسسات علمية وتعليمية في صيغة الجمع هذه: “جميع الأطراف”.

ولا شك في أن (السيناريو البرهاني) يستهدف إقناع المجتمع الدولي بأن هذه الأطياف لن تتفق على رؤية موحَّدة، ولن تصل إلى تسوية سياسية ولو التقت على مائدة مستديرة كاستدارة (ميدان عبد المنعم) أو محيط الساحة الخضراء؟

من المؤكد أن كثرة الطرق على إكليشيه: “إنجاز التوافق الوطني” لم تعُد ذات جدوى، ولن تصادف آذاناً صاغية في ظل التباعد والتنافر و (المناقرة) التي تصبغ مسار العلاقات بين كل الكيانات السياسية والمجتمعية، النشط منها والمتحفِّظ والمُحذِّر والمراقب والمتفرِّج والمُتربِّص. كما أن دعوة فخامة الرئيس إلى: ” توسيع قاعدة المشاركة السياسية والعودة إلى المسار الانتقالي في ضوء الموقف المعلن من المكون العسكري بالانسحاب من العملية السياسية”؛ سينظر إليها قبيل اليسار بعين الريبة والشك في النِّية والمقصد، ولا يرون فيها إلا مناورة وتكتيك ماكر لإعادة النظام السابق إلى منصَّة الحُكم! قد يكون الأمر كذلك؛ لكن ما لهم إن أحسنوا الظنَّ في صدق الرجل ونواياه وحدبه على استقرار الوطن وإعادة الطمأنينة إلى المواطن، بالطبع لن يحدث ذلك، فبساط الأطماع ممتد بامتداد نهر النيل، والأفكار لن تلتقي، والرؤى لن تتوحَّد وإن استمرت المجادلات أعواماً؛ بل عقوداً.

في فقه القانون تُعتمد (السوابق القضائية) ويؤخذ بها قرينة أو قاعدة قانونية يؤسَّس عليها، فلماذا يا جيشنا ويا حُماتنا لا تقتدون بسابقة المشير سوار الذهب بتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية لمدة عام، تعقبها انتخابات حرة ونزيهة وشفافة؟ هل في الأمر صعوبة؟ ولماذا تستجير بالخارج كلما شوى الرمض أرجلنا؟ أليس في بلادنا دوْح سامق نستظل به من هجير ولفح الساسة والسياسيين؟

يلزمنا جميعاً ودون أدوات استثناء أن نهيئ في بلادنا المناخ السياسي اللازم لتطبيق ما نتصوره وما نتفق عليه – إن تسنى لنا الاتفاق – من حلول حاسمة لمشكلاتنا السياسية والاقتصادية والأمنية والقبلية.

هيَّا يا بُرهان يا قائد، قرار عاجل وصارم بتشكيل حكومة مدنية ذات مهمة مُحدَّدة ومحدودة، إن (تحزَّمت وتلزَّمت) فسيكون قرارك برداً وسلاماً على المواطن، أما انتظار التوافق بين أقطاب متشاكسة؛ فسيكون عليه إجحافاً وظُلماً وظلاماً.

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.