ديموقراطية الضرائب والإَضرابات

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

 

أسواق تجارية – جملة وتجزئة – في كل الولايات تقريباً تسحب المزاليح (جمع مزلاج) على جميع أبوابها، مصانع تخرج عن دائرة الإنتاج وتُسكُر بواباتها الرئيسية (بالضبة والمفتاح)، شركات ومشروعات إنتاجية تنعي نفسها، قطاعات خدمة مدنية تخرج إلى الشوارع رافعة لافتات تُهدَّد بإيقاف تقديم خدماتها وتُعلن العصيان، إضرابات محدودة ومفتوحة واعتصامات هنا وهناك، وحتى محطات الوقود انتقلت إليها الجرثومة المعدية فأعادت (مسدسات الضخ) إلى ثدي مرضعتها، السودان يخرج من الأسواق العالمية للخضر والفاكهة، ارتفاع في رسوم الموانئ لأكثر من ٣٠٠٪، كما تضاعفت – وفق ما أوردت سكاي نيوز عربية وغيرها – رسوم أرضيات الموانئ أربع مرات تقريباً، ورسوم شحن الحاويات إلى٥٠٠٪ من بعض الموانئ، وفاقمت الأزمة الاقتصادية العامة الزيادة التي لحقت بالدولار الجمركي بنسبة ٢٦,٨٪ أي بزيادة ١١٩ جنيهاً عن سعره السابق، وذلك بجانب الأجور المتدنية جدًّا تحت لهيب معدلات تضخم توالي تصاعدها بصورة مريعة أوصلته إلى ٥٠٠٪، وتهاوي معها سعر العملة المحلية إلى الدرك الأسفل بين الاقتصادات العالمية.

ارتفاع ضريبي يتعملق مثل مارد مجنون حقاً، من كان يُصدق أن قانون مصلحة الضرائب سيستخدم يوماً الرقم (١٠٠٠٪) لفرض رسوم ضريبية على مؤسسات النشاط الإنتاجي والصناعي والخدمي، حتى موظفوها أنفسهم ما كان ليدور بخلدهم أن يصل مستوى الزيادة إلى هذا الرقم الفلكي.

الغرف التجارية والصناعية وغرف الصادر والوارد جميعها في حيرة من أمرها، إلى من ترفع شكاواها، ومن يُرخي أُذنيه للاستماع والاستجابة؟

أفلا يُعذر المواطن – والحالة هذه – إذا رطَّب لسانه (محوقلاً) ومستعيذًا من بلايا سنوات ثلاث شداد كالحات أحلن الأخضر إلى يابس، والإنتاج إلى حصيلة صفرية، ويانع التمر إلى بُسْر، وانتعاش الأسواق إلى ركود وكساد.

الوزارات المعنية – معنية بماذا لا ندري – آثرت اتِّباع أقصر وأسرع طريق يُغذي الخزينة العامة: (جيب المواطن)، وهي نظرية اقتصادية سياسية وأخلاقية، اقتصادية يُقصد بها إشراك المواطن في دعم خزينة بلاده، وسياسية تعني تعميق إحساسه وغيرته الوطنية، وأخلاقية تهدف إلى إعادة تربيته عبر تغيير سلوكه المسرف في المجاملات الاجتماعية، وتقصير ظل الصرف المبالغ فيه على سلع هامشية، وإجباره على تقليل نسبة ارتياده للمطاعم الفاخرة والكازينوهات الراقية لمجرد التباهي (بريستيدج)، كل ذلك يستوجب التصفيق للتفكير الاقتصادي المانع للإسراف، والمُشجع على الادخار، والمساعد على إدارة ميزانية الأسر بعقليات متوازنة وراشدة، تفكير علمي يستحق تصفيقًا حارًّا، وهتافًا داويًّا: (بالطول، بالعرض.. اقتصادنا يهز الأرض).

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.