واقع سياسي مرتبك: ماراثون سياسي بلا نقطة نهاية

على الورق

إبراهيم الصافي

(رسونا على برٍّ يا عالم)، أُصبنا بدوار الرأس، ونوشك على الدخول في إغماءة طويلة، لا ندري أنصحو بعدها أم نستسلم للراحة الأبدية؟
فالسودان الآن يكاد يشهق شهقة الموت وهو يستغيث مُتحسِّرا متمثلاً بتصرُّف قول الشاعر العرجي:
(أَضاعوني) وَأَيَّ (شعب) أَضاعُوا
لِيَومِ كَريهَةٍ و(ضياع) ثَغرِ
وَخَلَّوني لِمعتَرَكِ المَنايا
وَقَد شَرَعَت أَسِنَّتُها لِنَحرى
مفارقات وتناقضات في الواقع السياسي تُثير الدوار، والشعب لا يدري فيمن يثق، ومن يُصدِّق، ورش واجتماعات ولقاءات بالداخل والخارج، توصيات وتأكيدات تنساب من أفواه كل السادة صُنَّاع الفعل السياسي، (لخبطة) وبلبلة وأخبار كدفق المطر تُحدث تشويشاً هائلاً في عقل جمهور حائر ومُتنازَع بين هذا وذاك.
يسأل الشعب: ما هذا؟! والإجابة: (ماراثون) سياسي بلا نقطة نهاية، لا دروع تكريم ولا ميداليات، فمعظم المتسابقين يترنَّحون، يتساقطون، ثم ينهضون لمواصلة المنافسة بإصرار بالغ، ودون ذلك المُهج والأرواح، وحتى الآن لا ندري من يفوز ومن يخسر.
الأخبار المتواترة يوميًّا تكشف لنا ان ثمة تناطح ومناورات وتغبيش وتمويه يمارسه الجميع عبر مختلف صوالين الضيافة، فالقاهرة تستضيف، جوبا أيضًا تستضيف، الخرطوم مائجة، الشرق ينتفض، الغرب يئن من السيولة الأمنية، قوى خارجية تفد بغية إقناع أطراف بالإطاري؛ بل فرضه تحت الترغيب، وإن لم يكن؛ فإن سيف الضغط والتهديد مُسلط على الرقاب.
سلسلة الاجتماعات تواصلت طوال الأيام الماضية برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي بحضور نائبه والأطراف الموقعة، وأخرى ما زالت تخضع للإغراء و (الهدهدة) وإلا ستُجبر على التوقيع عنوة.
ومن يريد استبيان ما يحدث فليقرأ: مجلس السيادة يؤكد الوصول إلى صيغة نهائية للإعلان السياسي، ويُرتِّب للتوقيع عليه، تِرك يتهم جهات بإحداث فتنة في مجتمع الشرق، الشيوعي يُجدِّد رفضه لمشروع الإعلان السياسي، واعتبر أنّ الخطوة هدفها إشراك مناوي وجبريل في السلطة وفقًا لمصالح أجنبية، والبعث العربي الاشتراكي يُقلِّل من إمكانية أن يؤدي توقيع الإعلان السياسي الجديد المزمع توقيعه إلى نجاح العملية السياسية.
إجمالاً فإن الحديث عن سودان يسع الجميع تدلقه كل الألسنة على اختلاف ولاءاتها وانتماءاتها، ولا يعدو ان يكون عملية تجميلية و(مساحيق) تضعها الأحزاب والكتل السياسية بغرض التمويه على الشعب وإيهامه بمثالية مقاصدها… والضحية في هذه الكوميديا العبثية أنا وأنت، وهما، وهم وهن.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.