مع تقهقر الغزو الروسي، الوحدة العالمية وراء أوكرانيا هي أسرع طريق لإنهاء الحرب

قبل عام، شنت روسيا غزوا وحشيا وغير مبرر على أوكرانيا، وهي جارة مستقلة وذات سيادة. يعاني الرجال والنساء والأطفال الأوكرانيون الآن من اثنى عشر شهرا من الاعتداء الشامل. فُقد الأحباء، تفرقت العائلات، وتمزقت الأرواح. استهدفت روسيا عمداً المدن والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك مرافق الطاقة. وباتت هذه الهجمات تحرم المدنيين من التدفئة والكهرباء المنقذة للحياة خلال أشهر الشتاء القاسية.

ومع ذلك، استخف النظام الروسي باستمرار من عزم الشعب الأوكراني. في بداية الغزو، اعتقدت روسيا أنها ستطغى على أوكرانيا وتستولي عليها في غضون ثلاثة أيام فقط. خلال العام الماضي، دفعت القوات المسلحة الأوكرانية روسيا إلى الوراء على عكس التوقعات. حررت أوكرانيا الآن أكثر من نصف الأراضي الإضافية التي استولت عليها روسيا منذ 24 فبراير 2022. وتفقد روسيا يوميا قوات أكثر مما كانت تفقده في الشهر الأول من الغزو. من الواضح أن الغزو في تراجع.

 

كذلك قللت روسيا من شأن الوحدة الدولية دعما لأوكرانيا. في أكتوبر الماضي سمع المجتمع الدولي نداء أوكرانيا و وقف 143 عضوا في الأمم المتحدة إلى جانب الحرية والسيادة والسلامة الإقليمية. وهذه المبادئ هي، في نهاية المطاف، حجر الأساس لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ الاتحاد الأفريقي: النظام الدولي الذي يعتمد عليه سلامنا وأمننا الجماعيّان. وفي جميع أنحاء العالم، نعلم أن الوضع في عالم يمكن فيه للمعتدين أن يعيدوا رسم الحدود الوطنية بالقوة سيكون كارثيا. وستكون القارة الأفريقية بحدودها العديدة المتنازع عليها معرضة للخطر بشكل خاص. ردا على ذلك، وقفت البلدان في جميع أنحاء القارة والعالم معا في إدانة الغزو الروسي. ستجتمع الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم للتصويت على قرار يدعو إلى سلام عادل في أوكرانيا على أساس المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة. ونأمل أن يصوت السودان مؤيدا.

تسبب الهجوم الروسي أيضاً في معاناة مواطني العديد من البلدان الأخرى. وفي السودان، من المتوقع أن يحتاج 15.8 مليون شخصا – أي ما يقرب من ثلث السكان – إلى مساعدات إنسانية هذا العام. من المؤكد أن الأزمة السياسية والاقتصادية الداخلية أدت إلى زيادات كبيرة في الأسعار. ولكن تفاقمت هذه التحديات بسبب نقص الغذاء العالمي الناجم عن الغزو الروسي. قبل الحرب، كانت الدول الأفريقية تستورد أكثر من 12٪ من القمح من أوكرانيا. ومع ذلك، فإن استهداف روسيا المستمر للبنية التحتية الزراعية الرئيسية في أوكرانيا، بما في ذلك صوامع الحبوب، قد عطّل بشكل كبير صادرات أوكرانيا الغذائية.

 

كذلك عطلت الحرب قدرة أوكرانيا على تصدير الأسمدة، مما ألقى بظلاله على المحاصيل المستقبلية. إذا لم يتمكن المزارعون من الوصول إلى الأسمدة أو تحمل تكاليفها، فهناك خطر من أن تتعمق أزمة غذاء عام 2022 وتستمر هذا العام وما بعده. يقدر بنك التنمية الأفريقي أن أفريقيا قد تفقد 20٪ من إنتاج الغذاء خلال موسمي الحصاد المقبلين.

ونظرا لأزمة الغذاء العالمية، امتنعنا عمدا عن فرض عقوبات على صادرات الأغذية أو الأسمدة من روسيا إلى بلدان ثالثة. كما دعمنا الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة لفتح المجال أمام صادرات الحبوب عبر البحر الأسود. ومنذ دخول هذه المبادرة حيز التنفيذ، غادرت أكثر من 700 سفينة تحمل 20 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى موانئ البحر الأسود، وسُلمت إلى أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط. في نوفمبر 2022، أعلنت أوكرانيا أن مبادرة الحبوب من أوكرانيا ستوفر القمح للسودان، إلى جانب إثيوبيا وكينيا وغيرهما.

 

إن السبيل المستدام الوحيد للمضي قدما هو إنهاء الحرب، وما تسببت فيه من عدم يقين ومعاناة. أقصر طريق هو أن توقف روسيا عدوانها غير القانوني على أوكرانيا. إذا أنهت روسيا هجومها فلن يكون هناك المزيد من إراقة الدماء – ولكن إذا توقفت أوكرانيا عن الدفاع عن نفسها فلن يكون هناك أوكرانيا. تواصل أوكرانيا وشركاؤها السعي إلى حل دبلوماسي لتحقيق تلك الغاية. ومع ذلك، حتى الآن، لم تبد روسيا أي استعداد للدخول في عملية دبلوماسية حقيقية. وبدلا من ذلك، زادت روسيا من هجماتها على المدنيين والبنية التحتية المدنية – في انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي.

 

إن السماح لروسيا بإطالة أمد الحرب من شأنه أن يضمن المزيد من العدوان، والمزيد من انعدام الأمن الغذائي، وإطالة أمد الانكماش الاقتصادي العالمي. اليوم، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يجب على المجتمع الدولي الدفاع عن المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة ضد العدوان الروسي – لأوكرانيا ولنا جميعا الذين نسعى جاهدين للعيش في عالم مستقر وسلمي.

 

[رؤساء بعثات كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وبولندا والمملكة المتحدة ووفد الاتحاد الأوروبي]

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.