مقاصد النظرية التفكيكية هل تنسحب على الجيش؟

على الورق… إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

يرى مفكِّرون ونقاد وكُتَّاب كثر ـ من بينهم الشاعر والقاص تمام حسين طعمة ـ أن النظرية التفكيكية لصاحبها ورائدها الفيلسوف الفرنسي جاك رويدا؛ ظهرت ردَّ فعل للبنيوية، وتأخذ في أصلها المعجميِّ معنى الهدم والتخريب، وتجنح إلى التأكيد بأن “من المستحيل أن يوجد نصٌّ ثابتٌ متكاملٌ متماسكٌ بذاته”.

ونحتاً أو استنباطاً من هذا المذهب التفكيكي، ربما ـ نقول ربما ـ استوحت (قحت) ومن شايعها من مجموعة (الإطاري) المناداة المتكررة بتفكيك القوات المسلحة، وإعادة هيكلتها في مسعى لهدم بنائها الصلب الذي ترسخَّت لبِنته في تُربة السودان، وفي وجدان الشعب السوداني منذ نشأتها، وظل يُعضِّدها ويحميها كما تحميه، وتحافظ على كرامته وعزَّته، وهل يعتقد المنادون بتفكيك الجيش استحالة وجود قوات عسكرية متكاملة ومتماسكة بذاتها كما النص؟؟

وكما أن هذا المذهب ـ بحسب طعمة ـ يُقرِّر: “لا يمكن الوصولُ – بشكلٍ من الأشكال – إلى فهمٍ واستيعابٍ كاملٍ أو متماسكٍ للنص الأدبي مهما كان”؛ فإن أعداء الجيش يعتقدون أيضًا استحالة النظر أو الاقتناع بوجود قوات نظامية متماسكة، ونشاطها قاصر على مهماتها وواجباتها الأساسية المنوطة بها، أي حماية الوطن والموطن بمعزل عن التدخل في الشأن السياسي والمدني، ولأنها عاجزة عن اتخاذ جانب الحياد بحسب التجارب؛ يلزم تفكيكها.. هكذا يفكرون.

يقول محمد حمد الصويغ إن ماهية نظرية التفكيك لاتزال مبهمة، فمؤسسها جاك رويدا يتخبط تخبطًاِ عجيبًا في تقديم مفهوم محدد لها، فيعرِّفها بأنها: «محاولة لنسف أسس الخطاب الغربي والمجتمع، الذي قام عليه» ثم يعود ويصفها بأنها كلمة كريهة وصعبة، ولا تعني التحطيم، وليست شعارًا ينطوي على معانٍ سلبية».

هذا التناقض العجيب هو ذاته ما تقع في حبائله (جوقة) المشهد السياسي الماثل الآن، فهي بينما تصر بحماس متصاعد على التفكيك؛ تزعم من ناحية أخرى وبنبرة متراخية أنها لا تستهدف تسريحه أو إلغاءه؛ وإنما بناءه على أسس سليمة تنأى به بعيدًا عن منصة القيادة والسلطة، وتزعم أنها مؤمنة بعقيدته وتاريخه ومجاهداته في الذود عن تراب الوطن.

وكي نستبطن عمق مفردة (تفكيك) دعونا نحتكم إلى قواميس اللغة حتى لا نُتَّهم بالغمز في مقاصد مجموعة ساسة الحاضر ونواياهم الحسنة.

تقول المعاجم مُتفكك الأجزاء: أجزاؤه مفصولة بعضها عن بعض، وفكَّك فلان الجهاز: بالغ في فكه وفصل أجزائه، وتفككت الآلة: تفصَّلت أجزاؤها، وتفككت جُمل الكاتب وأفكاره: لم تكن مترابطة، ومتفكك الأجزاء: أجزاؤه مفصولة بعضها عن بعض، وتفككت روابط الصداقة أي انحلت، والفَكَكُ: انفساخ القدم، والمِفَكُّ: أداة تدار بها المسامير اللولبية لكي تُثَّبَّتَ أَو تُفَك.

فهل يا تُرى أي نوع من المفكات يستخدمه المنادين بتفكيك الجيش (عادي أم نجمة)؟ أي بفصل وحداته عن بعضها بعضًا، وهل يعني إصرارهم على تفكيكه: العمل على تجزئته وحلِّه وتسريح كثير من منسوبيه؟ وهل أجابوا على السؤال: كيف تتوحد كلمة الجيش ومواقفه إذا انفرط عقد وُحدته، وتهلهل ترابط أسلحته وتباعدت قواته؟ وهل يستطيع رئيس الوزراء المدني أن يُملي كلمته و(فرماناته) على قيادات الجيش ووحداته؟ وما هي حدود معلوماته وقدراته ومهاراته في إدارة قوات نظامية وقتالية ذات تاريخ عسكري ناصع يفخر به شعب السودان..؟

لا نُجافي الحقيقة إن شككنا في أن المناداة بتفكيك القوات النظامية ربما تستبطن نوايا ومقاصد غير وطنية، سيقف الشعب في مواجهتها بقوة، ولن يسمح بـ (عراق إفريقي) !!

 

 

 

 

 

شارك الخبر

Comments are closed.