المعسرون بالقضارف.. تحديات تواجه الموسم الصيفي

 

 

الخرطوم: رحاب فريني

 

يشهد الموسم الصيفى بولاية القضارف تحديات كبيرة، أبرزها عدم توفير التمويل الكافي، المدخلات من وقود وتقاوي وسماد ومبيدات، وآليات زراعية وحصاد، فضلًا عن تحديات تأمين الموسم، فهل سيشهد القطاع المطري والقضارف خاصة كأكبر ولايات القطاع المطري موسمًا ناجحًا؟

 

إعسار وهروب

كشفت اللجنة المفوضة لمزارعي ولاية القضارف، عن اعسار آلاف المزارعين بالبنك الزراعي، والبنوك التجارية، وقالت اللجنة، إن “مئات” المزارعين بالسجون، بينما هرب الكثيرون وتشردوا بسبب مطاردة الديون بالبنك والسوق.

وأرجع رئيس اللجنة المفوضة لمزارعي القضارف، ياسر علي الصعب، تزايد الإعسار وسط المزارعين إلى عدة أسباب من بينها رفع الدعم عن الوقود، وارتفاع تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة،  إلى جانب تٲخر التمويل الزراعي، مما دفع كثيرًا من المزارعين للجوء للسوق و”الكسر” ومايسمى بـ”الكتفلي” للحصول على احتياجهم من المال اللازم للزراعة، فضلًا عن  عدم التزام شركات التٲمين الزراعي بالسداد للمعسرين، وانخفاض أسعار المحاصيل، ونقص  معدلات الأمطار في بعض المناطق. وكشف الصعب عن خروج أعداد كبيرة من المزارعين عن دائرة الإنتاج  وعدم قدرتهم على الزراعة في الموسم  القادم بسبب إعسارهم التراكمي، وشدد على ضرورة إيجاد حل جذري لقضية الإعسار بمعالجة الأسباب .

قديمة متجددة

وأوضح رئيس اللجنة المفوضة لمزارعي القضارف، خلال حديثه في منتدى  ( الزراعة التحديات والفرص)، بدار الشرطة بالقضارف، أوضح أن تحديات الزراعة ظلت قديمة ومتجددة، ٲجملها في عدم توفر مدخلات العملية الزراعية (التقاوي المحسنة، المبيدات الأسمدة، الآليات، تٲخر التمويل، التسويق). ولفت الصعب للتطور الكبير الذي شهدته الزراعة بالقضارف، من حيث تنوع التركيبة المحصولية، وإدخال محاصيل زراعية واعدة، والتوسع في زراعتها مثل (القطن، التسالي، فول الصويا، زهرة الشمس)، وقال إن مساحات القطن بالقضارف ارتفعت إلى مايقارب (مليون) فدان، وقال رغم ذلك أن استخدام التقانات الحديثة لدى المزارعين لازال محدودًا وليس بالصورة المطلوبة ، وعزا ذلك إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وخاصة التقانات الحديثة من (تقاوي محسنة، أسمدة، وآليات) وأكد أن تذبذب السياسيات الزراعية من قبل الدولة أثر بصورة سالبة على المنتجين.

خارطة إنتاجية

بدوره شدد رئيس لجنة العرض الاقتصادي، المزارع أسامة درزون، على ضرورة وضع خارطة إنتاجية بالولاية تحدد نوع المحاصيل حسب المناطق، ومساحاتها، وقال درزون خلال حديثه في المنتدى، إن القضارف لديها فرص كبيرة واعدة في مجال إنتاج المحاصيل النقدية والحبوب الغذائية، والصناعات المرتبطة بها. ودعا المزارعين لتأسيس شركات “جماعية” متخصصة برأس مال كبير، تتولى مهام توفير الوقود للمزارعين والمدخلات (تقاوي، أسمدة، مبيدات، خيش)، فضلا عن الآليات، وقال يجب النظر بصورة كلية للعملية الزراعية حتى تستوعب المتغيرات التي حدثت، والتطور الزراعي في العالم، وحاجة السوق العالمي ، مؤكدًا أنه لن تكون هناك مشكلة في التسويق إذا قامت شركات من المزارعين تتولى مهمة تصدير المحاصيل، ووضع تكلفة حقيقية علمية مدروسة تساعد المحاصيل في المنافسة الخارجية.

شركات التأمين

فيما انتقد رئيس اللجنة المفوضة لمزارعي القضارف، ياسر الصعب، انتقادات لشركات التأمين، ولوح بمقاضاتها حال عدم التزامها بسداد استحقاقات المزارعين، وتعويضاتهم بطرفها، وقال الصعب إنهم ناهضوا التأمين الزراعي الإجباري واسقطوه بسبب عدم التزام الشركات، وأنها تأخذ أموالهم بالباطل، وأضاف الآن هناك مزارعون ذهبوا لشركات التأمين باختيارهم لكن بعضها لم يلتزم بسداد استحقاقات عملائها المزارعين حسب العقد المبرم ، وأكد أن المزارعين أوفوا بسداد أقساط التأمين  لكن الشركات لم تف لهم ، وهدد برفع دعوى قضائية في مواجهة شركات  التٲمين.

تشريد وسجون

تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى نحو أكثر من (3) آلاف مزارع من كبار وصغار المزارعين، متعثرين لدى البنوك والمصارف والسوق ، وقال المزارع بمنطقة الرهد، أحمد العمدة، إن المزارعين الآن ما بين سجين وهارب، وبعضهم مختفي داخل المنازل لا يستطيع حتى إفطار رمضان خارج المنزل. وكشف العمدة عن خطاب وجهه والي القضارف للبنك الزراعي بإيقاف ملاحقات المزارعين .

من جانبهم انتقد عدد من المزارعين ديوان الزكاة بالولاية لتماطله في سداد مديونيات المزارعين المعسرين، وفقًا لبند الغارمين، وأشاروا إلى أن 95% من جبايات الزكاة يتم تحصيلها من المزارعين .

وأوضح الأمين عبداللطيف البدوي، أن سبب الإعسار يعود بصورة رئيسية لرفع الدعم عن المحروقات. ودعا البدوي المركز للتدخل لحل مشكلة المزارعين، كما حدث في سنوات سابقة بتقديم دعم مالي للولاية لمواجهة الإعسار، وتوجيه البنوك الحكومية والتجارية بتخفيض سداد السلم.

جدل التمويل

وأكد المزارع الصادق الشريف، إن السبب الرئيسي وراء إعسار المزارعين بشكل مباشر، ضعف التمويل الزراعي، وعدم تغطيته لكافة العمليات الفلاحية، وقال الشريف في حديثه لـ(السوداني)، إن التمويل الزراعي الحالي عبر البنك الزراعي، لايغطي أكثر من 30% من العمليات الفلاحية على أحسن تقدير. وأضاف لذلك إذا كان المزارع يمتلك ثروة حيوانية فإنه يضطر للبيع منها لمقابلة الزراعة، وأحيانًا يضطر لبيع بعض الآليات أو المتحركات، وتابع الشريف:”المزارع الذي ليس لديه ما يمكنه بيعه يضطر إلى”الكسر” من السوق لتغطية نفقات الزراعة وهنا يحدث العجز عن السداد” وزاد الشريف:”ارتفاع تكاليف الإنتاج وتدني الأسعار فضلًا عن تذبذب الأمطار في بعض المناطق لا يساعد المزارعين على السداد ، وقال يتطلع مزارعو القطاع المطري إلى رفع نسبة التمويل ليغطوا كافة العمليات الفلاحية وما يمكن المزارعين في نفس الوقت من تطبيق العمليات الفلاحية.

من جانبه اشار مدير شرطة ولاية القضارف، اللواء شرطة حقوقي، مدثر حسب الرسول، إلى ارتفاع تكلفة التشغيل، بالنسبة لتأمين الموسم الزراعي، وقال إن الشرطة تواجه صعوبات وتحديات في توفير تكاليف التشغيل لتأمين الموسم الزراعي، وأكد مدير شرطة القضارف استعداد الشرطة لحماية وتأمين الموسم الزراعي المقبل، وذلك بعد أن تمت زيادة عدد العربات للدوريات المتحركة ونقاط الارتكاز، بشراء أسطول عربات جديدة لشرطة الولاية، مشيدًا بالدعم الكبير المقدم من حكومة القضارف في سبيل ذلك، وأضاف ندخل الموسم القادم بكامل الجهازية من المتحركات والقوات البشرية، بعد توفير عدد 22  سيارة جديدة، وتدريب عدد كبير من المستجدين ، وحذر مدير الشرطة من عودة عمليات”السالف” بصورة واسعة بالولاية، وقال إن أكبر المشكلات التى تواجه الشرطة في بلاغات النهب والسرقات تنازل المزارعين عن بلاغاتهم من النيابة العامة ، محذرًا من أن هذا الأمر سيفتح الباب واسعًا لعمليات السالف ، ودعا حسب الرسول المزارعين لعدم التنازل عن بلاغاتهم للقضاء على ظواهر السرقات والنهب التي ظهرت مؤخرًا في عدد من المناطق، منوهًا إلى أهمية مشاركة المواطنين في العملية الأمنية بالتبليغ الفوري والرصد والمتابعة للظواهر المخلة بالأمن .

تأمين الموسم

لا يبدو أن الموسم الزراعي يواجه تحديات المدخلات فقط واهتمام جهات التمويل بالتمويل بل يبرز أيضًا التحدي الأمني ، ولعل ذلك ما دفع مدير شرطة ولاية القضارف اللواء شرطة مدثر حسب الرسول  للتأكيد على استعداد الشرطة  لحماية وتأمين الموسم الزراعي الماثل والقادم من خلال الدوريات ونقاط الارتكاز في العديد من القطاعات.

وقال خلال خيمة الصحفيين بالقضارف أمام المزارعين إنه يدخل للموسم القادم بكامل الجهازية  من المتحركات والقوات البشرية مشيرًا لتوفير 22 مركبة وتدريب عدد كبير من المستجدين.

وقال إن أكبر المشكلات التى تواجه الشرطة فى بلاغات النهب والسرقات تنازل المزارعين عن بلاغاتهم من النيابة العامة الشيء الذي يفتح الباب لعمليات السالف داعيا المزارعين لعدم التنازل عن بلاغاتهم للقضاء على ظواهر السرقات والنهب التي ظهرت مؤخرًا في عدد من المناطق كما دعا المزارعين لضرورة المشاركة والمساهمة فى تأمين الموسم الزراعي مشيدا بالدعم الكبير المقدم من حكومة القضارف في سبيل ذلك.

 

شارك الخبر

Comments are closed.