عمر الدقير يكتب: صوت الحكمة والعقل سيطغى على هدير البنادق

– تحل اليوم ذكرى انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي نفذته القوات المسلحة والدعم السريع بمشاركة ظاهرة ومستترة من فلول النظام المباد ومساندة من مجموعات أخرى بعضها في حقيقته ليس من معدن حدث ثورة ديسمبر المجيدة – إن لم يكن نقيضاً لها – وبعضها مدفوعاً بحسابات صغرى وخاطئة .. جاء الانقلاب لإنجاز “إجراءات تصحيحية” كما قال بيانه الأول، ولكنه لم ينجز شيئاً سوى أنْ عَفّر فضاء الوطن برائحة الغاز والبارود، وغطّى أرضه بالتعب ورَوَاها بالدم.

– نهضت قوى الثورة لمقاومة الانقلاب منذ فجر يومه الأول وظلت تواجهه بسؤال فقدان الشرعية مقروناً برفض الاستسلام لسلطته كأمرٍ واقع – رغم إسرافه في القمع والبطش الذي كان ضحاياه الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين – حتى استطاعت إجباره على التراجع والقبول باسترداد مسار التحول المدني الديموقراطي.. ومرةً أخرى تحركت قوى الشر المتربصة بثورة ديسمبر لتقطع الطريق على مسيرتها بتفجير حرب ١٥ أبريل، متجردة من أي وازع إنساني أو أخلاقي يقيم وزناً لكلفتها العالية وتداعياتها الكارثية على الوطن وشعبه.

– مثلما هزم شعبنا نظم الاستبداد بوحدته، فهو قادر على خلاص وطنه من ويلات هذه الحرب وتداعياتها وشرط ذلك هو تنسيق وتكامل جهود القوى الوطنية المنحازة للسلام والتحول الديموقراطي في جبهة عريضة تتوافق على رؤية واضحة تشخص كارثة الحرب ومسبباتها وتداعياتها وتضع لها المعالجات.. وفي هذا السياق، فإن مما يشرع نافذة الأمل انعقاد الاجتماع التحضيري لتأسيس تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية “تقدم”، بأديس أبابا، حيث يحتشد طيفٌ واسع من القوى السياسية ولجان المقاومة وحركات الكفاح المسلح والنقابات والمهنيين ومبادرات ومنظمات من المجتمع المدني.

يعتبر هذا الاجتماع خطوةً أولى، ويختتم أعماله صباح الغد بقلوبٍ مفتوحة وأيادٍ ممدودة لبلوغ وحدة القوى المدنية المنحازة للسلام والديمقراطية – في كيان جامع يقوم على المؤسسية والشفافية والالتزام بأجندة ثورة ديسمبر المجيدة – لنزع المشروعية عن الحرب والعمل على إنهائها واشتقاق مسار سلمي للتأسيس الجماعي لواقع ديموقراطي نهضوي في وطن موحد ومستقر.

– جولة المفاوضات الجديدة في منبر جدة، المقرر انطلاقها صباح غدٍ الخميس، تسبقها أمنيات ملايين السودانيين بأن يطغى صوت الحكمة والعقل على هدير البنادق.. والمؤمل أن تعتمد هذه الجولة منهجاً جديداً يستشرف المستقبل بما يفضي لالتزام الطرفين بوقف إطلاق النار في جميع جبهات القتال وإخلاء المناطق السكنية والأعيان المدنية من الوجود العسكري لفتح الطريق لجهود معالجة الكارثة الانسانية وضمان حق السودانيين في الأمن والطمأنينة وكافة الخدمات الأساسية وممارسة حياتهم الطبيعية، ومن ثَمّ مخاطبة قضايا الأزمة الوطنية بكل أبعادها عبر عملية سياسية جامعة تضع الوطن على سكة التحول المدني الديموقراطي باتِّجاه تحقيق غايات ثورة ديسمبر المجيدة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.