كتبت: هنادي عبد اللطيف
قبل نحو شهرٍ، قرأت خبراً على شريط قناة السودان أنّ والي نهر النيل يقف على التّرتيبات لبدء العام الدراسي. انحصرت هذه التّرتيبات بحسب ما توقّعته أن يقف الوالي على أهم مسألة يمكن أن تقف أمام العام الدراسي بالولاية وهي إيجاد أماكن للوافدين بالمدارس، توقّعت أن تكون هذه هي الترتيبات التي أعلن عنها في الشريط الإخباري.
أسبوعان على بدء العام الدراسي ولم يدخل مُعلِّمٌ الفصل، ولم يدرس طالبٌ، فجُل مدارس الولاية ممتلئة بالوافدين.
وفوق هذا كلّه، لا يوجد كتبٌ ولا حتى إجلاس.. فقط مُعلِّمون وطلاب وفصول مُكتظة بالوافدين.
نستطيع أن نصف قرار بدء العام الدراسي بولاية نهر النيل بالقرار المُتهوِّر والخطأ، وغير المدرَوس في التوقيت غير المُناسب، وقرار لم تدرس تبعاته ولا حتى تحدياته والبلاد تعيش أسوأ أيّامها منذ بدء الحرب منتصف أبريل الماضي.
ولاية نهر النيل من أكثر الولايات التي شهدت نزوح آلاف من وافدي ولاية الخرطوم، حيث امتلأت القرى والمدن واكتظت المدارس بهم لمن لا مأوى لهم.
بدأ العام الدراسي بقرع جرس من إحدى مدارس بمدينة بربر وتوقّف عند ذلك. لا حلٌّ يلوح في الأفق، الوالي عجز عن إيجاد حلٍّ ومكانٍ للوافدين حتى تبدأ الدراسة فعلياً ويستطيع الطلاب دخول فصولهم.
فبقية الولاية اختلفت كل محلية عن غيرها…
مدينة شندي مثلاً، لا زالت مدارسها مُكتظة بالوافدين، فجميع فصول المدرسة امتلأت بالأُسر. ولم يدخل أيِّ طالب الفصل حتى الآن بسبب تواجد الوافدين في الفصول.
أمّا منطقة حجر العسل، فتَمّ تجميد العام الدراسي بحسب إفادة معلمين بسبب الأوضاع الأمنية في المنطقة.
قرار بدء العام الدراسي طُبِّق دون إيجاد حلول للعقبات التي تقف أمامه.. مدارس مُكتظة بالوافدين.. عدم توافر الكتاب المدرسي والإجلاس، إضافةً إلى تكدُّس المدراس بطلاب الوافدين، عقبات حتى مسؤولي الولاية والمحلية عجزوا عن حلها فتركوها للجان الشعبية من أبناء الحي.. تركوا لهم أزمة ترحيل الوافدين من المدارس.. ترحيلهم إلى أين؟ ذلك السؤال الذي لن تجد له إجابة عند أيِّ مسؤول.. جل الإجابات تنحصر في أنّـهم ساعون لإيجاد حلول.
اليوم التقيت بعددٍ من شباب الحي بمنطقة الشقالوة بعد طواف لعددٍ من المدارس، سألتهم عن ما تَمّ بينهم وبين المسؤولين بالمحلية وإيجاد مكان للوافدين؟ كانت الإجابة أنّ المسؤولين في المحلية تركوا لهم عاتق إيجاد حلٍّ وسكنٍ لكل الوافدين بالمدارس وهذا فوق طاقتنا وفوق حدود إمكانياتهم.
فقد تجاوز عدد الوافدين المئات، وباتت مسألة إيجاد مأوى لهم من الصِّعاب التي تُواجههم.
خلال جولة بمدرسة الحميراء لمرحلة الأساس بالشقالوة، لاحظت أنّ المعلمات لم يستطعن دخول مكاتبهن وذلك لوجود إحدى الأسر فيه، واتخذن من إحدى الأشجار مكاناً للجلوس.
هذا هو الوضع الآن بالمدارس، دوام رسمي للمعلمين والمعلمات والطلاب، لكن دون أن يستطيع أحدهم دخول الفصول لتدريس مادته.
فلماذا الاستعجال بفتح المدارس وهي مكتظة بالوافدين، ولم تستطع الولاية إيجاد حلٍّ ومكانٍ بديلٍ لهم!؟ لماذا الإعلان وتنفيذ قرار بدء العام الدراسي ولا حل يلوح في القريب عن إيجاد أماكن للوافدين داخل المدارس..؟
Comments are closed.