رئيس التيار الإسلامي العريض لـ(السوداني): حدود التفويض الشعبي للبرهان ينتهي بالاعتراف بهذه المليشيات

* سنكون في مُقدِّمة طلائع المقاومة الشعبية
نقول للشباب الديسمبريين: لا أحدٌ في التيار الإسلامي يريد أن يُرجع عقارب الساعة
* هذه حربٌ للاستحواذ على السودان أو تفكيكه وأصبحت واقعاً سوف تتسارع معه خُطى حسم المعركة
* هؤلاء لا يرون في ما تقوم به المليشيات من قتلٍ وسحلٍ وتمثيلٍ بالموتى وحرق الأطفال وامتهان النساء والاغتصابات!!!
* الشعب له الحق الأصيل في الدفاع عن نفسه

شارك الخبر

حوار: علي تركماني

قال رئيس التيار الإسلامي العريض ياسر الفاضلابي، إنهم سيكونوا في مُقدِّمة طلائع المقاومة الشعبية، ورأي أنّ مَن يطلقون الدعوات الكاذبة ويذرفون دموع المخادعة بأن تسليح الشعب خطرٌ، وأنه سوف يقود للفوضى والانفلات.. وأوضح في حوار مع (السوداني) أنّ التيار الإسلامي العريض لا يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، مشيراً إلى أن حدود التفويض الشعبي للفريق أول عبد الفتاح البرهان ينتهي عند إعلان مبدأ الاعتراف بهذه المليشيات، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

بدايةً.. بطاقة تعريفية للتيار الإسلامي العريض؟
التيار الإسلامي العريض هو كيانٌ وطنيٌّ جامعٌ للعديد من الأحزاب والتيارات والجماعات، وشاملٌ في طرحه للقضايا، والتعاطي معها، يرتكز على هدي الدين ومقاصد الشرع وكريم أعراف مجتمعنا السوداني، وخير الخيرة البشرية التي تخلقت من خلال التدافع والتواصل البشري، معتبراً ومستوعباً للتنوع والتباين والاختلاف في أصول مجتمعنا، ومتجاوزاً لها في خلق أفق جديد للالتقاء والارتقاء، يُحافظ على الخصوصيات ويبني المشتركات، متعاوناً مع غيره لجلب النفع لبلاده وتمكين رؤى الصلاح للمجتمع، ومتحاوراً مع أمثاله بالحكمة والوعظ الحسن، متنافساً مع المختلفين معه بالوسائل السلمية، شديد الارتباط بوطنه وقضاياه وهموم أهله، متواصلاً مع كل أصعدة العالم بما يحقق النفع ويحفظ السلم ويقشع الظلم، يسعى إلى تحقيق أهدافه المشروعة عبر التأثير في المجتمع والتمكن من السلطة.

ما هي أولوياتكم في المرحلة الحالية؟
في هذه الدورة لا شك أن التيار الإسلامي يملك خطة راتبة يعمل من خلالها للوصول إلى تحقيق أهدافه من خلال رؤيته الكلية وتحديات الواقع، وكما تعلم فإن التكليف وقع علينا لرئاسة التيار في هذا الظرف الحرج وبالغ التعقيد وبلادنا تدخل في أكبر محنة غير مسبوقة، وهي في مواجهة تمرد هذه المليشيات وواجهتها السياسية التي تعمل دول الهيمنة والإمبريالية العالمية على توظيفها في مشروعها الساعي للسيطرة على السودان، إما بالاحتواء عبر حكومة هزيلة وعميلة يصنعها الغرب على عينه ووفق فكره وبرنامجه، ويُمكِّن فيها لعملائه في الداخل حتى يضمن يسر الوصول إلى مطلوباته داخل السودان أو بتقسيم البلاد إلى أجزاءٍ، ولذلك فإن أولى أولويات التيار الإسلامي هي تنوير الرأي العام وتبصيره بما يُحاك ضده، ومن ثم حشد الطاقات الوطنية لمواجهة هذا المشروع الخارجي وهزيمته عبر مشروع وطني يؤمه كل أهل السودان، يؤسس على صميم معتقداتهم، ويحافظ على مكتسباتهم ومدخراتهم ويراعي مصالحهم.

 

ما هو موقفكم من الحرب الدائرة الآن في السودان؟
موقف التيار الإسلامي واضح منذ انطلاق الطلقة الأولى، وذلك من خلال التعريف بالمعركة ودوافعها وأبعادها، حيث إنّ التيار يرى تجاوز هذه المعركة للأدوات المستخدمة فيها من تمرد هذه المليشيات أو دفاع وصمت الحاضنة السياسية لها في الداخل، وأن المعركة تتجاوز هذا المظهر المبسط الذي يراه الناس ويتعاملون معه، ولم يمض وقتٌ حتى أسفرت دول عن مواقفها الداعمة للمليشيات، واستقبلت عواصم، المُسوِّقين لرؤيتها والمؤيدين لسلوك تمرُّدها، وأُعيد تشغيل مطارات مهجورة، وتم إنشاء أخرى لتمثل المنطلق لإمداد الميليشيات بما يسعر الحرب، ورأى العالم التدفق الفاضح للمرتزقة الذين تعمل حكومات إقليمية ودولية في تحشيدهم وتجنيدهم، وانزلقت أقلام في تزييف الوعي، وحادت منظمات عن طبيعتها وأسس تكوينها، وبرز قادة أفارقة وعرب خدام لهذا السلوك المنافي للإخوة وحُسن الجوار وأسس الدبلوماسية، وفقدت دول في ظل تهافتها الأخرق على تحصيل أهداف مشغليها حصافة، حتى العدو العاقل الذي يعرف كيف يحصد أهدافه دون أن يرى عليه آثار العداوة.. ولذلك خرج التيار الإسلامي العريض للتصدي لهذا المشروع الإمبريالي العالمي على بلاده، ولن يعود إلى عمله الراتب حتى يعود الوطن إلى سابق عهده وأفضل.

 

ما هي إسهامات التيار الإسلامي في الحرب التي يخوضها الجيش ضد الدعم السريع؟
التيار الإسلامي عبر بطاقته التعريفية هو فصيلٌ متقدمٌ من الفصائل الوطنية.. ولذلك اليوم يضع نفسه على كل الثغور الوطنية المرابطة بالأنفس والأموال وبكل ما يملك.
والأمر الثاني أن التيار الإسلامي يقاتل مثل غيره من أهل الوطن والغيرة من أبناء السودان جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، ويُثمِّن عالياً التضحيات العظيمة التي قدمتها القوات المسلحة دون أن تضن بشيء أو تمن على أحدٍ.
وأكبر ما يدعم به التيار الإسلامي، انتصار القوات المسلحة في معركتها هو خطابه الواثق والمستيقن بأنه ليست ثمة خيار بديل لشعب السودان غير تحقيق النصر في معركة الكرامة الوطنية، والذي نراه بعين اليقين قريباً بإذن الله تعالى.

 

ما هو رأيكم في الحِراك السياسي الداعي لوقف الحرب؟
الشعارات التي تُرفع اليوم لوقف الحرب في كل العواصم من هذه الأحزاب السياسية، تغيب عن الداخل، لأنّ مُطلقيها ومن يتفوّهون بها يدركون عسر مهمتهم في تسويق هذا الشعار لشعب عرف أمرهم، وكشف سرّهم، وهو يعاني نتائج ما قاموا به خلال أربع سنوات عجاف بتوفير لشروط الحرب والتلويح بها في كل مناسبة أو دون مناسبة والتحريض عليها والدفع نحوها، حيث بات في حكم المعلوم للشعب أن هذه الأحزاب لا يمكن أن يكون لها هدفٌ أصيلٌ لوقف الحرب أو البحث عن سلامٍ، وإنما تبقى وراء ذلك خدمة لفصيلها المتمرد واستجمام للمليشيات المُنهكة من مُواجهة القوات المسلحة، وليست دعوات أصيلة، ومما يجعل شك المجتمع واسعاً، إنّها هي نفسها ذات الأحزاب السياسية التي ظلت تتوعد الشعب بالحرب ومثل هذا المصير قبل انطلاق الحرب عبر فصيلها العسكري المُتمرِّد!!
هذه الأحزاب خُيِّل إليها من فراغ فؤادها من أيّة صلة بهذه الأرض ورحمة بهذا الشعب، ومن كثرت ما أرخت أذنها للدول الطامعة في البلاد بأنّ استلام السلطة في الخرطوم أمرٌ سهلٌ ميسورٌ، لا تفصلهم عنه غير سويعاتٍ، ثم يخلوا لهم حكم السودان. فلما كشف الأمر عن وعثاء سفر وطول مسير وسُوء مصير لها في مواجهة الشعب، أخذت تستر عورتها وبوار مشروعها وضلال سعيها بهذه الدعوات “لا للحرب” ولكن!!!
حسناً أخي، دعنا نكون عمليين، لا أحدٌ يريد الحرب، لا أحدٌ يرفض السلام، فليخرجوا إلى الناس داخل البلاد والذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في هذا الشتاء ليقولوا لهم، ما مصير حياتهم التي أُحيلت إلى هذا الجحيم ومن فعل هذا بهم؟! ومن ثَمّ كيف تقف الحرب وما هي سلطتهم على هذه البندقية التي فَقدَ أهلها من مليشيات الدعم السريع السيطرة عليها، وهم يصرحون كل يوم بذلك؟!
أخي، المقولة الخالدة تقول قد تملك القرار في إطلاق الطلقة الأولى، ولكن لن تستطيع أن تتحكم في النهايات، وهكذا فعلت هذه الأحزاب السياسية وفصيلها المسلح، ثُـمّ ها هي اليوم تصرخ هي وفصيلها بـ”لا للحرب”!!

 

ما هو موقفكم من المقاومة الشعبية التي عمّت مدن السودان؟
نحن في التيار الإسلامي لا نقول بدعوى من يجهلون حقائق الأمور أو المرجفين، في أن المقاومة نتجت عن رأي الشعب في تقصير القوات المسلحة أو التشكيك في دورها الوطني، ولكن عكس ذلك تماماً، فإنّ الشعب ظَلّ يقدم نفسه للقوات المسلحة ولا يتقدمها، ويقاتل معها مما يهزم دعاوى المرجفين، فمن يقاتل إلى جوارك لا يمكن أن يخونك، ومن يسندك لا يمكن أن يفعل ذلك وهو يتهمك، ولكن كما قلت لك، هنالك ملابساتٌ كثيرةٌ في هذه المعركة تطلبت هذا الدخول المشرف للشعب والترحيب الكبير من القوات المسلحة بهذه المشاركة، وأولها طبيعة المعركة، فإن هذه المليشيات وهنا أعني قيادتها الغائبة، لم تكن تدرك حجم المعركة وما يترتّب عليها، وهذه حقيقة كل من يصير خَادِماً لمشروع ليس له فيه غير أجر العامل الأجير، وهذا واضحٌ في غياب الأهداف عن قيادة هذه المليشيات، حيث بدأت بالرحلة القصيرة الموعودة لاستلام السلطة، وذلك بتحييد الرئيس سواء بالاعتقال أو الاغتيال، ومضى إلى فرض الاتفاق الإطاري، ثم إلى استعادة الديمقراطية، ثم إلى حرب الكيزان، ثم إلى دولة 56، ثم الدعوة إلى وقف الحرب!!
وكل هذا يوضح لك بأن وسع هذه الحرب التي كما حيدت عن وعي التيار بها، بأنها حرب للاستحواذ على السودان أو تفكيكه، ولذلك
ظلت القوات المسلحة تقوم بمهامها الوطنية وأدوارها البطولية دون أن تسقط حق الشعب الأصيل في إسنادها بالمال والرجال، ويستنفر نفسه بالدخول إلى ميادين التدريب والقتال، وهو اليوم يتقدم خطوة أكثر حسماً بإعلان المقاومة الشعبية، وهذه الخطوة إذا أردت أن تدرك حجمها، أسمع إلى ما ترتّب بعدها من حِرِاكٍ للمليشيات وحواضنهم السياسية وعواصمهم الداعمة لهم، بل الأمر جعل الولايات المتحدة الأمريكية التي ظلت تتجاهل أمر السودان وما يفعل به، إلى تبني مفاوضات برعايتها، وذلك في سباق مع تشكل المقاومة الشعبية والتي عمّت المدن والبوادي وأصبحت واقعاً سوف تتسارع معه خطى حسم المعركة.
إننا في التيار الإسلامي، نُرتِّب الأمور ترتيبات منطقية، بأن الشعب هو صاحب الحق الأصيل في الدفاع عن نفسه، وهو يُفوِّض قواته المسلحة بالاضطلاع بهذه المهمة في ما تسع وتتحمّل، وهو لها عونٌ وظهيرٌ، ولكن حينما تكون الحرب شاملةً تستهدف وجود الشعب بمثلما يحدث الآن في السودان، فإن حضور الشعب يكون أصيلاً ومطلوباً، وهو اليوم يفعل.
ومن يطلقون الدعوات الكاذبة ويذرفون دموع المخادعة بأن تسليح الشعب خطرٌ، وأنه سوف يقود للفوضى والانفلات، هؤلاء لا يرون في ما تقوم به المليشيات من قتلٍ وسحلٍ وتمثيلٍ بالموتى وحرق الأطفال وامتهان النساء والاغتصابات!!! لا يرون في هذه فوضى، لأنها تحدث من فصيلهم المسلح الذي ينتظرون النصر على يديه، ولكن يخافون أن يحمل الشعب الأعزل الذي وقع ضحية للمليشيات التي تعينه هدفاً لها ولمطامعها، لأنّ الشعب هو مَن يُحدِّد كل خياراته المستقبلية، وفي أولها مَن العميل ومَن الأصيل؟! ولذلك، نحن جزءٌ من هذا الشعب ومعه، وقطعاً سوف نكون في مقدمة طلائع المقاومة الشعبية هذه.

 

ماذا تقول للشعب السوداني في الظروف الاستثنائية الآن؟
أقول إن كانت هنالك رسائل واجبة، فإنّ الرسالة الأولى هي للشعب السوداني.. صحيح وقفتكم بخط النار جنباً إلى جنب مع قواتكم المسلحة مهما طالت وطال طريقها فأنتم تُعلِّمون الشعوب درساً بأنّ الأوطان أغلى من الأنفس وأكبر من الذات وفوق المصالح، وحتى يعود السودان كما نشتهي ونتمنّى، يلزمكم إدراك ابعاد المعركة التي لن تنتهي بمُجرّد إعلان القائد العام النصر على هذا العالم المُتكالب على بلادنا، ولكن يلزمنا شوط من السعي الوطني في إصلاح ما خرّبته الحرب من إصلاح النفوس والدمار الاجتماعي والمؤسسي، لقوام الدولة التي تشبه الشعب وتعبر عنه، لا مستلبة في هويتها. والتخريب الثقافي وصياغة الوجدان السوداني من جديد قبل الإعمار في المباني والذي هو أيسر وأسهل من غيره.
ورسالتي في بريد القوات المسلحة السودانية أقول لهم إنّ التضحيات التي قدمتموها عظيمة وستظل خالدة في معركة لم يتم بعد الفراغ من ترسيم حدودها، وإنّ البلد تنتظر منكم الضرب بيد من حديد على من مد يده عبثاً بهذا الوطن، والمجاملة في ذلك خيانة لدماء الشهداء وخيانة للشعب، وإنّ الشعب ينتظر منكم أن لا تسلموا هذه الحكومة إلا عبر صندوق الانتخابات لمن يختاره الشعب.
ورسالتي الى رئيس مجلس السيادة، أقول له: نحن لا تعنينا خيارات العالم الاستعماري وما تريد الدول الإمبريالية، ونرجو أن لا تمدن عينك إلى مرادهم ولا تلتفت لقراراتهم وانظر إلى شعبك وأرعى مصالحه، وأعلم أنه لن يغير في خيارات الشعب إن كان المتمرد الهالك حيّاً أو ميِّتاً، وليس مسموحاً التفاوض على الخيارات المصيرية للشعب والتي دفع ثمنها الشعب وما يزال، وإنّ حدود التفويض الشعبي لك ينتهي عند إعلان مبدأ الاعتراف بهذه المليشيات التي امتهنت السرقة والسلب والنهب والاغتصاب والحرق للبلاد، فسر ونحن معك وسوف يستقيم لك الناس ما استقمت على عهدهم.

أمّا رسالتي الرابعة إلى الشباب الديسمبري، اقرأوا التاريخ جيداً، واعلموا بأنه لا أحدٌ في التيار الإسلامي يريد أن يرجع عقارب الساعة إلى الوراء فيما حدث من تغييرٍ، وسوف نحافظ قبلكم على المكتسبات في الحرية والسلام والعدالة وبناء دولة المؤسسات إن كنتم قد خرجتم لذلك، ولكن نذكِّركم ما كنا نقوله لكم ونخشاه من السير خلف الشعارات الجوفاء، فقد سقط نظام الإنقاذ وقبلَ أهله بالتغيير السياسي، ولكن اسلمتونا إلى التغيير الاجتماعي والذي كان مقدمة موضوعية ولازمة وضرورية عن أولئك لما يحدث اليوم من حرب تستهدف التغيير الديمغرافي لهذا الوطن لنا ولكم، ولكن لا بد من حوار يرسم معالم الثوابت الوطنية وقضايا التنوع والتي تقبل الخلاف.

أمّا كياناتنا الأهلية وبيوتنا الدينة، أقول لهم إنّ هذه الحرب اللعينة بكل ما فيها من أسى وحملت من أسفٍ، لكنها كانت زلزالاً وغربالاً، وضع الجميع في مواجهة أنفسهم، والتاريخ سيكتب من نصر الوطن وكان على الموعد والعشم، ومن خذل الوطن لبعض تقديرات، لا يمكن أن تكون مساحة لاجتهاد محمود، لأنّ قضية الوطن ليست من جنس القضايا التي يثاب المجتهد فيها حيثما أخطأ وأصاب. وعليه، يجب أن يقوم مشروع للتضامن الوطني والمُعلن من قبل كياناتنا الأهلية والبيوتات الدينية، نثبت فيه أنفسنا في معركة الوطن اليوم، ويجب أن نتجرد بأن نصبح حمى لأي مجرم ارتكب جريمة في حق وطنه وأهله، وأن ندير حواراً فيما بيننا نكون فيه قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسنا، وأن نخرج بالتوبة من لم يكن لتقدير أثر وقع الناس، وأن يعمل القانون في كل من أسهم في حق وطنه وشعبه ولو بشطر كلمة، وأن لا نأخذ أحداً بذنب أحد، ويجب أن يراعي الحوار لغة التواصل، فلا نكن ميّالين للاتهام، وإنما للتخطئة أقرب، ولا نكون حريصين على التجريم، وإنما إلى التلاوم أقرب.
نضع نصب أعيننا الوطن ومستقبله.

أما الأحزاب السياسية، فأقول لها أثبتت الممارسات السياسية السابقة بأنه لا يمكن لحزب أو جماعة أو مجموعة احتكار الوطن وإقصاء الآخرين، غير أن هذه الحرب أخرجت أحزاباً من دائرة الفعل السياسي إلى التخابر والتآمر على الوطن والاستعانة بالأعداء عليه، بل والتصريح بذلك، فالقانون يجري مجراه والشعب يقول كلمته. إنّ الدين علّمنا أن ننازل حزب الشيطان إذا حفظ قواعد التنافس الشريف الحر المُعلن، بأن ندعو من نشاء ويدعو من يشاء، ثم يقوم الشعب حكماً، ولكن من ابتغى غير سبيل السودانيين وضمر لهم الشر واستعان بالأعداء على شعبه لأجل مكاسبه الذاتية ومطامعه الرخيصة، فلن يكون له بيننا مكانٌ.
وأما من له قضية مهما كانت حجّته، فالأفضل أن يجري الحوار على أرض الوطن التنافس على شروطه والرضاء بحكمه.
أما العالم والمنظمات الدولية ما نؤد التأكيد عليه، بأن هذا البلد حر مستقل وسوف يظل مهما أرادت بعض الدول جرّه إلى منزلق الفوضى وأتون الصراع، وما يزال فيه بقية من معالم يقف الناس عندها، وذكرى من تاريخ يجمعه دين ولغة وعيش مشترك.
لقد كان وما يزال مدخلنا إلى العالم، السلام في التواصل ورعاية الجوار واحترام الشعوب وخياراتها، وعلى ذلك فإننا نتواصل مع كل الدول التي تعرف الأعراف وتلتزم حدود التعامل معنا، وأن نرعى المصالح المتبادلة في علاقة تقوم على العزة والكرامة والاستقلال الوطني، ويجب أن يدرك من بدل وبادر بالاعتداء علينا أو أصبح ظهيراً لمن أجرم في حق وطنه، فإنّنا قد نكظم الغيظ حيناً ونحبس اللسان تقديراً للأولويات وكف الأذى، لأمر يبلغ مداه، ولكن حقوق الوطن لا تسقط بالتقادُم ولا يمحوها التسامُح، ودخلنا إلى هذه المنظمات بل وساهمنا في تأسيس بعضها على عهود الانتماء المُعلن، ولكن شهدنا اليوم انحرافاً بيِّناً وميلاً واضحاً عن كل عهد ملزم، وسوف نسلك كل السُّبل الكفيلة بحفظ حقوق بلادنا، وإلّا فإنّ هذه المنظمات ليست إلّا مسلك طوعي قُصد منه التنسيق، وسوف يكون لنا رأيٌ إن لم تعد الأداة الصالحة لتحقيق تلك الأهداف.
أما رسالتي الأخيرة، فهي إلى أهل التيار الإسلامي الغرباء في هذا الزمان العصيب من عُمر دولتنا وأمتنا أن قدرنا أن نتمثل فكرتنا والتي هي من صميم الدين الحق.
وعليه، فإنِّي أدعوكم إلى مضاعفة جهودكم في خدمة شعبكم وحراسة وطنكم والإعراض عن الجاهلين، فليس الوقت لهوامش الأمور، فإن الأولويات تترتب على نداء الوطن وحوجته، علينا أن نكون على ثغور المرابطين بحسب الوسائل المطلوبة.

اليوم يحتاجكم الوطن في معركة الكرامة والتحرير، وعهدي بكم بأنكم لن تقعدوا خلافه ولن تتثاقلوا عند ندائه، ولن تضنوا عليه بشيءٍ يطلبه، ولن تمنوا عليه بما قدمتموه، وإن وحدة ترابه تتطلب مساعيَ في مسارات مختلفة، وكذلك الوحدة الوطنية بين أبنائه هو هدفكم الأسمى، وردع الذين أرادوا بشعبه كيداً حتى يردهم الله بغيظهم وبصرهم خاسئين وحسيرين.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.