ما هكذا تورد الابل يا عقار!

كتب: أسامة محمود سعيد

للمملكة وقيادتها.. تاريخ ناصع وسجل مشرف تجاه السودان شعبا وحكومة، وغنيا عن التعريف أن يذكر شعب السودان فضائل وجمائل شعب مملكة الإنسانية وقيادتها الرشيدة التي استضافت الحجيج والمعتمرين خلال الحرب المستمرة بإقامة كاملة ورعاية تامة لكل الحجيج الذين ما زال بعضهم يقيم على ضيافة المملكة حتى لحظة كتابة هذا المقال.

وجهود قيادة المملكة لا يتسع المجال لذكرها.. ولكن نذكر بجزء قليل منها.. فجهود المملكة ضمن مجموعة أصدقاء السودان، أمر لا تخطئه العين.. فعبر المجموعة كان مناصرة المملكة للسودان حتى رفع عنه الحصار الاقتصادي.. وتواصلت جهود المملكة حتى خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وساهمت المملكة في جهود إعفاء ديون السودان الخارجية.. وتتابعت أيادي مملكة الإنسانية البيضاء لإسناد مؤسسات الدولة عبر القروض والمنح والهبات.. فوصلت بواخر القمح للسودان تترى دون من ولا أذى.. وتعهدت المملكة بمليارات الدولارات لحكومة السودان عبر الصندوق الاستثماري.. غير أن مؤسسات الدولة عجزت عن الاستفادة منها كما ينبغي وما تزال الفرصة متاحة.. ولما كان المقال تعقيبا على تصريح مالك عقار  الذي اتهم فيه المملكة دون وجه حق.

كان من المهم ان نذكر جهود المملكة في إنجاح اتفاق جوبا لسلام السودان.. حيث كانت جهود المملكة هي  الابرز بين جهود دول المنطقة وهو ما يعلمه مالك عقار.. الذي ما كان وقتها يملك منصبا ولا مكانة، فسندت المملكة اتفاق جوبا لسلام السودان.. وفتحت دارها لقيادة الجبهة الثورية لزيارة المملكة الواحد تلو الآخر في ترحيب ينم عن حبها للسلام و تقديرها لقيادة السلام.. والعجب كل العجب أن يقف مالك عقار ضد السلام الذي أتى به نائبا للرئيس.. فسلام جوبا ليس بأعظم ولا أفضل من السلام الذي يبحث عنه شعب السودان في جدة.. صحيح أن مالك عقار ورفاقه جلسوا سنوات طويلة في فنادق أوروبا بحثا عن السلام.. لكن اليوم جلس كل شعب السودان خارج السودان في الملاجئ والمعسكرات بحثا عن السلام.. فهل ثبتت علاقة المملكة والسلام؟ أما أن السلام الذي يأتي بمالك عقار  من جوبا مقدس وسلام يوقف الحرب واللجوء من جدة محرم؟؟!!

مملكة الإنسانية تفضلت بفتح دارها وبسخاء هيأت الأجواء ابتداء من إخراج الوفود من قاعدة وادي سيدنا.. ليس لشيء إلا لأجل السلام وإيقاف نزيف الدماء وحفظ مؤسسات الدولة ووحدة السودان.. كل ذلك المسعى خلاصته أن المملكة تفضلت بفتح دارها للحوار السوداني السوداني..
والغريب أن مالك عقار الذي قال أن المملكة تقدم مصالحها على التفاوض.. هو أول من دعا للحوار السوداني السوداني.. بالله عليكم ماذا فعلت المملكة في منبر جدة غير جمعها لطرفين سودانيين وهيأت لهما مناح التفاوض تماما كما فعلت جوبا في العام ٢٠٢٠م.. نعم مهدت مناخ صحي لاحوار حتى اتفق الوفدين اتفاقا كاملا، ثم حدث ما حدث وهو غياب الإرادة الحقيقية لإيقاف الحرب ورفع المعاناة عن الشعب السوداني.. إن المجال متاح أمام مالك عقار وهو نائب الرئيس ليخرج بصراحة أكثر من التعميم والرمز واللمز.. و يتحلى بالشجاعة ليوضح للشعب السوداني الذي أصبح لاجئا في كل دول الجوار، ما هو خطأ المملكة أو حتى تقصيرها في استضافة الحوار السوداني السوداني؟!! فاذا تأكد عجز عقار عن ذلك.. فلا مناص من طرح أسئلة مشروعة ترفع الوهم وتكشف الزيف.. نبتدرها بعلامة استفهام حول الشخصية… فنقول لماذا جاء هذا التصريح من مالك عقار دون غيره من أعضاء مجلس السيادة؟!! ولماذا تزامن التصريح مع بيان لوزارة الخارجية السودانية أكدت فيه على تمسكها بمنبر جدة ومخرجاته؟؟
وهل تصريح مالك عقار هو قناعة منه؟ أم أنه يقوم بدور لخدمة جهة تختفي خلفه؟.. ليقوم هو بدور الكومبارس لصالحها؟؟..
لماذا هذا التوقيت بالذات؟ وهل تم التصريح بدواعي خلط الاوراق؟ ام أنه تصريح رجل يَئِسَ من خير في الجميع حتى من أهل الإحسان؟؟..
بالعودة لدواوين التاريخ ومراصده يتضح أن تصريح مالك عقار، غير مسبوق.. بل هو سابقة في تاريخ كل القادة السودانيين الذين تعاقبوا على هذا منصب النائب.. فجميعهم تحلى بالحكمة.. حفظوا الجميل للمملكة.. فما امتد لسان احد منهم بسوء لها ولشعبها  الكريم.. وكانت المملكة في الموعد.. موعد صدق.. وصدق صديق.. تأخر الجيران في فاجعة السودان الماثلة.. فكان سبق المملكة دبلوماسيا وإنسانيا.. دبلوماسيا قدمت الدعوة لرئيس مجلس السيادة في أول أسابيع الحرب.. فلما تخلف لعذر مقدر.. رحبت بمبعوثه ومبعوث نائبه.. السفير دفع الله الحاج.. وافسحت له المجال.. فتحدث كما يشاء.. خاطب العالم من الأراضي المقدسة.. ثم اتبعت المملكة جهودها الدبلوماسية بدعوة رئيس مجلس السيادة للمشاركة في القمة السعودية الأفريقية.. وهيأت له المجال ليقابل ويلتقي بمن يحب من كبار القادة في مقدمتهم الرئيس المصري والرئيس الإيراني والرئيس الاريتري وغيرهم..  بالله عليكم كيف أخطأت عين مالك عقار هذه الجهود..؟؟

أما إنسانيا.. فعلى مالك عقار أن يسأل شريكه في الحكم والتنظيم وزير  التنمية الاجتماعية آدم بخيت.. كم دشن من سفن القمح والمواد التموينية؟ وليسأله عن آبار المياه وغيرها من مشاريع التنمية فهو المشرف على الوزارة وعملها…

على مالك عقار وهو المكلف بالإشراف على وزارة الصحة.. عليه أن يسأل وزير الصحة د. هيثم ليعلم ماذا قدمت المملكة في قطاع الصحة؟.

ليس من صفات القادة العظام.. مقابلة الإحسان باللؤم ولا الجميل والمعروف بالجحود والنكران وإدارة الظهر.. لكن كما يقال المصائب لا تأتي فرادى.. مصائب الشعب السوداني في تشرده ولجوءه وتدمير كل ما يملك.. ومصائب شعب كريم عزيز في عجز قادته وتقزم قدرتهم وقصر نظرهم.. حتى أصبح الواحد منهم لا يستطيع التمييز ما بين الصديق والعدو.. انها الكارثة التي تحيط بشعب يستحق كل خير وإحسان.. يستحق قادة لا يشبهون قادته الذين اورثوه الذل والهوان.. حرب وتخلف.. لجوء وتشرد.. وغدا لناظره قريب.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.