مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الأزمة في السودان أصبح كابوساً ويبدو أنها “انزلقت إلى طي النسيان”  

متابعات: السوداني 

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك،  إن الأزمة في السودان مأساة، يبدو أنها “انزلقت إلى طي النسيان على المستوى العالمي”، واتسمت بتجاهل خبيث للحياة البشرية. 

موضحا إنه وفي غضون أحد عشر شهراً، قُتل ما لا يقل عن 14,600 شخص، وأصيب 26 ألفاً آخرون. ولا شك أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.

وأضاف خلال الحوار التفاعلي المعزز حول السودان والذي انعقد، الجمعة، في سياق الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف. إن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات التابعة لهما تخوض قتالاً عبثياً عنيفاً، منذ نحو أحد عشر شهراً، أسفر عن مقتل الآلاف وخلق مناخاً من الرعب المطلق، وأجبر الملايين على الفرار. كما فقد العديد من العاملين في المجال الإنساني والصحي حياتهم أثناء عملهم في مرمى النيران من أجل مساعدة المحتاجين.

 

وأشار إلى أن الاطراف تصرّفت بإفلات مستمر من العقاب وافتقار واضح للمساءلة عن الانتهاكات، واستمرت في التماطل في أي محادثات ومفاوضات من شأنها أن تحقق السلام والسلامة والكرامة التي يحتاجها شعب السودان بشدة.

 

وشدد فولكر تورك على ضرورة أن تتّفق الأطراف المتحاربة على العودة إلى السلام دون تأجيل. كما أكد أهمية محاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات المروعة لحقوق الإنسان، دون تأخير.

ودعا المجتمع الدولي إلى أن يعيد تركيز اهتمامه، دون تأخير أيضاً، على هذه الأزمة المؤسفة قبل أن تنزلق إلى مزيد من الفوضى.

وقال المفوض السامي إن تقريره – الذي قدّمه لمجلس حقوق الإنسان – يسلط الضوء على مجموعة من الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الأطراف المتحاربة في السودان في الفترة بين أبريل – ديسمبر 2023. كما يفصل التقرير الانتهاكات الجسيمة، التي تتطلب التحقيق والمساءلة – والعديد من هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم وحشية أخرى.

وقال إن الأساليب العدوانية للأطراف تم توثيقها بشكل جيد، وشملت هجمات متعددة عشوائية تستهدف المناطق والمباني السكنية، وتم استخدام الأسلحة ذات التأثير واسعة النطاق، والتي يتم إطلاقها من الطائرات المقاتلة والطائرات المسيرة والدبابات، الأمر الذي أسفر عن تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية، مثل المستشفيات والمدارس، وخلف آثاراً ستدوم لسنوات قادمة على الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم.

 

وقال إن مكتبه تلقى تقارير مثيرة للقلق عن قتل ذات دوافع قبلية شملت قطع الرؤوس، شمال كردفان، وحوادث في مناطق مختلفة، بما فيها ولاية الخرطوم، وغرب دارفور، وولاية الجزيرة، مُشيراً إلى أن مكتبه سيتابع مع السلطات السودانية لضمان التحقيق في هذه الادعاءات ومحاسبة الجناة.

 

وأعرب تورك، عن قلق بالغ إزاء مصير آلاف المدنيين المحتجزين تعسفياً لدى الطرفين والمنتسبين إليهما، وعلى مصير المئات الذين اختفوا – ومن بينهم نشطاء سياسيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وأعضاء لجان المقاومة، ومناصرون مزعومون لأحد الأطراف المتقاتلة، وغيرهم الكثير. ويُزعم أن العديد منهم تعرّضوا للتعذيب، ومات العديد منهم متأثرين بجراحهم.

 

وقال فولكر تورك إن المدفعية الثقيلة المستخدمة في الحرب في السودان لا تشكل سوى جزء واحد من الأسلحة، مشيراً إلى أن العنف الجنسي بوصفه سلاحاً من أسلحة الحرب، بما في ذلك الاغتصاب، ظل سمة مميزة – وحقيرة – لهذه الأزمة منذ بدايتها.

 

وأضاف قائلاً: “منذ بدء النزاع في أبريل الماضي، وثّق مكتبي 60 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، شملت ما لا يقل عن 120 ضحية في جميع أنحاء البلاد، غالبيتهم العُظمى من النساء والفتيات. ومن المؤسف أن هذه الأرقام لا تعكس إلى حد كبير الواقع. وأفادت تقارير بأن رجالاً يرتدون زي قوات الدعم السريع ورجالاً مسلحين ينتمون إليها مسؤولون عن 81% من الحوادث الموثقة”.

 

أعرب تورك عن صدمته إزاء تزايد الدعوات المنادية بتسليح المدنيين، بمن فيهم الأطفال، منوهاً أن مكتبه تلقى مؤخراً تقارير تجنيد قوات الدعم السريع مئات الأطفال كمقاتلين في دارفور، كما فعلت القوات المسلحة السودانية الشئ نفسه في شرق السودان.

 

وأضاف أن ما يثير القلق أيضاً التقارير التي تفيد بأن “المدنيين يعبئون أنفسهم في إطار حركة المقاومة الشعبية المسلحة الجديدة”. وأشار إلى مخاوف حقيقية من أن يؤدي ذلك إلى تشكيل مليشيا مدنية مسلحة بلا رقابة محددة، مما يزيد من فرص انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية طويلة الأمد.

 

وقال إن الوضع في السودان أصبح كابوساً، مشيراَ إلى أن ما يقرب من نصف السكان – 25 مليون شخص – في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية والطبية. وخرجت حوالي 80% من المستشفيات عن الخدمة.

 

ونبه إلى أن المنع المتعمد، على ما يبدو، للوكالات الإنسانية من الوصول الآمن وبلا عوائق داخل السودان يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب. وجدد الدعوة للأطراف المتحاربة إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية بفتح الممرات الإنسانية دون تأخير قبل فقدان مزيد من الأرواح.

 

وقال تورك إن قوات الدعم السريع لم تف حتى الآن بوعدها بشأن التعاون مع البعثة الدولية لتقصي الحقائق بشأن السودان، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر من العام الماضي، فيما تواصل السلطات السودانية معارضة أي تعاون.

 

وحثّ تورك، جميع أطراف النزاع على اتخاذ خطوات فورية للتعاون مع البعثة، وحثّ الدول الأعضاء، وخاصة المجاورة للسودان، على دعم العمل الحيوي للبعثة.

شارك الخبر

Comments are closed.