كتب: د. عبد الوهاب همت
لم يكن من المستغرب أن تقوم جوبا بفتح صدرها، وهي تحتضن منتخب السودان والذي سوف يلاعب منتخب جنوب السودان في مباراة كرة القدم التأهيلية لكأس العالم والتي ستجرى على ملعب إستاد مدينة جوبا.
قبل وصول منتخب السودان، كان السيد الفريق توت قلواك المستشار الأمني لفخامة الرئيس سلفا كير ميارديت وراعي الحركة الرياضية، تحرك السيد المستشار في كل الاتجاهات وهو الرجل الديناميكي الذي تجده باذلاً مجهوداته الجبارة في كل مكان.
شهدنا تحركات السيد توت قلواك ولمدة عام ونصف قبل وأثناء وبعد مفاوضات سلام السودان والتي أقيمت في الشقيقة الصغرى جوبا، وقد كُللت مجهودات الرئيس سلفا كير وأركان حربه بالنجاح التام الذي أفضى الى توقيع الاتفاقية وكان السيد توت رأس الرمح باعتباره رئيس لجنة الوساطة ومقررها الدكتور ضيو مطوك ومن السكرتارية السيد رمضان محمد عبد الله وزير الخارجية الحالي والذي يرمز الى الشباب القادم الى السلطة باقتدار وبقية رفقاهم الذين لن يتسع المجال لذكرهم.
جميعهم تابعوا وأشرفوا على كل الورش والاجتماعات التي أعقبت توقيع الاتفاقية وبذلوا الجهود الكبيرة والمقدرة لتنفيذ الاتفاقية قبل نشوب الحرب اللعينة.
وقبلها بذلت دولة جنوب السودان جهوداً جبارة لترجمة كل ما ورد في نصوص الاتفاقية على أرض الواقع وكان السيد المستشار من آخر السياسيين الذين غادروا الخرطوم قبيل وقوع الحرب اللعينة، وبتوجيهات مباشرة من فخامة الرئيس سلفا كير لم تنقطع جولات السيد المستشار والذي ظل يشارك في كل ما يمكن أن يفضي إلى إيقاف الحرب في السودان، وفي سبيل ذلك رافق فخامة الرئيس سلفا كير أو ذهب بمعية آخرين في وفود تولى رئاستها السيد توت.
وقبل ثلاثة أيام كان السيد المستشار في زيارة لبورتسودان وكل ذلك في سبيل الجهود الرامية لإيقاف الحرب وهذا يعكس قناعة إخوتنا في جنوب السودان من أعلى القمة وحتى آخر مواطن، إنهم ذاقوا مرارة الحرب واكتووا بنيرانها والآن يشاركون جاهزين لإيقافها.
مرة أخرى تتجلى روعة ونبل إخوتنا الكرام ولكن في مجال آخر وبعيداً عن السياسة، وفي مجال الرياضة، حيث وصلت بعثة المنتخب الوطني السوداني لكرة القدم لتلاعب فريق جنوب السودان، وهنا ينبري السيد المستشار توت قلواك منيمي وهو يعرف الحال ويقدر الأوضاع النفسية والاقتصادية السيئة التي يعيشها الشعب السوداني جراء الحرب اللعينة، وإذا بالسيد منيمي يقوم بإسكان كامل المنتخب السوداني لكرة القدم وبعثته الإدارية في فندق بيرميد الفخم والذي يعتبر الفندق الأول في جنوب السودان، يقوم السيد منيمي بذلك العمل الكبير حتى السكن والإعاشة بالمجان، فهل هناك عظمة أكثر من ذلك، إنها الإخوة الحقيقية الصادقة من القلب إلى القلب، فكلمات الشكر والثناء لن توفيكم حقكم يا سيادة المستشار.
الجمهور الجنوبي ذهب لاستقبال المنتخب السوداني وحضور مقدر لهم في التمارين للتشجيع والمؤازرة والتقاط الصور مع لاعبي المنتخب السوداني، ما جعل اللاعبين يعيشون في حالة استقرار نفسي وبدني كاملين.
فخامة الرئيس سلفا كير ميارديت نعلم أنكم مشغولون بالكثير من القضايا الشائكة والمعقدة ومع ذلك لا زلتم تولون أمر الشمال الاهتمام المرجو بل وأكثر من ذلك.
السيد وزير الاستثمار الدكتور ضيو مطوك، كان لزيارتكم للاعبي المنتخب السوداني وقعها الخاص.
الرفيق توت قلواك القطاع الرياضي العريض في السودان لن ينسى لكم هذا الموقف النبيل الكريم والواجب الأخوي الذي قمتم به تجاه أبناء منتخب السودان، ومهما كتبنا لن نوفيكم حقكم وسوف تتقاصر الكلمات عن شكركم.
في ملعب إستاد جوبا سيكون لقاء الأشقاء الأعزاء اللعب النظيف الجميل، فالرياضة سفارة كما يقولون، وعندما تنتهي المباراة سيكون العناق الحار بين الفريقين ولا أحد سيخسر لأن أحد طرفي النزال سوف يحمل اسم السودان وربما تؤازر بعض جماهير الجنوب فريق الشمال وكذلك العكس.
نحن أشقاء فرقتنا السياسية لكن جمعنا السودان الكبير، ويكفي أننا تقاربنا أكثر عقب الفراق وعرف كل منا قيمة الآخر ولنعمل معاً على ترميم التصدع الذي قام به الإخوان المسلمون في السودان.
وكما قال الفنان الكبير عثمان الشفيع (يا الفي الجنوب حيي الشمال).
وسوف تظل ملاحم الفنان العظيم محمد وردي شامخة (من نخلاتك يا حلفا من غابات وراء تركاكا). أو (كان جنوبياً هواها) وهواكم يا أهل الجنوب باقٍ في دواخلنا ما حيينا.
وكما يقول المثل (إن شاء الله يوم شكرك ما يجي) يا السيد توت قلواك.
Comments are closed.