ماشين كويس

حاطب ليل د.عبداللطيف البوني

شارك الخبر

(1)
الشاب/ مدني عباس مدني من الوُجُـوه المُرِيحَـة التي أفرزها الحِراك الثّوري الأخير وهو مِن قادة قُوى الحُرية والتّغيير، ابتدر مُداخلة له في قناة “الجزيرة” في مساء أول أمس السبت بالقول، إنّ السُّودان ليس مِلْكاً لقُوى الحُرية والتّغيير أو المجلس العسكري الانتقالي، ثُمّ استطرَد أنّ القُوتين وإن جعلتهما الظروف في قيادة عملية التّغيير، إلا أنّهما لن يحتكرا المَناصب في مُؤسّسات الفترة الانتقالية.
وفي تقديري إنّ ما قاله مدني لو كان قد قيل قبل عدة أيامٍ، لكان الأمر مُختلفاً، ومع ذلك قد يكون تشدُّد قُوى الحُرية والتّغيير في الأيام الفائتة مُبرِّراً للخَوْف من الرّدة، ففتح باب التّصوُّر للفترة الانتقالية ما كان ينبغي أن يفتح على مصراعيه لكل الناس، فالذين تمّ الانقلاب عليهم ينبغي أن يتواورا عن المشهد الذي تسيّدوه لعدة عُقُودٍ ويعطوا الفُرصة للذين حُرموا طوال هذه المُــدّة.
أمام قُوى الحُرية والتّغيير، الفُرصة الآن لإثبات أنّهم مُختلفون عن من سَبقهم بالزُّهد في السُّلطة، مع الحِرص التّام على حماية المَدّ الثوري ليطال كل من أفسدَ وأجرمَ في حق هذا الشعب.
(2)
ما ذكره مدني يَتَنَاسب مَع مَا كتبناه هُنا يوم السبت نفسه تحت عنوان (افتحوها شوية)، ولكن الطفرة الكبيرة كَانت في قُبُول بَعض قُوى الحُرية والتّغيير, حتى هذه اللحظة حزب الأمة والمؤتمر السوداني، مُقترح لجنة الوساطة بقيام مجلس سيادة مدني للأمور المدنية يَتسيّده المَدنيون، ومجلس سيادة عسكري للأُمور العَسكرية الأمنية يتسيّده العَساكر، وهذا يعني أنّ هذيْن الفصيليْن “الأمة والمؤتمر” قد تجاوزا الوثيقة ذات الثلاث مؤسسات، والتي رفعتها قُوى الحُرية والتّغيير إلى وثيقة الوساطة ذات الأربع مُؤسّسات، وقد تحفظ على رؤية الوساطة الحزب الشيوعي السوداني وهو الآخر من مُكوِّنات قُوى الحُرية والتّغيير، ومِن حَقه بالطبع أن يُسجِّل موقفه.. ولكن الذي نحن بصدده هنا هو فتح الباب لأهل البلاد كَافّة ليقولوا رأيهم، فقد اقترحنا في ذات ما كتبناه بالأمس يوم عمل بقاعة الصّداقة للمُختصين والعَارفين بالعمل الدّستوري ليُناقشوا وثيقة قُوى الحُرية والتّغيير، ويُمكننا اليوم أن نَضيف ورقة لجنة الوَسَاطَة ونذهب إلى أكثر من ذلك للمُناداة بفتح الباب لكل من له رُؤية في هذا الشّأن، وهنا أود أن أشير إلى تَصَوُّر مُمتازٍ للفترة الانتقالية، قدّمه أستاذ الأجيال البروفيسور مهدي أمين التوم، وهو مَن لا يستطيع كَائنٌ من كَان أن يُزايد على عِلمه وتَجَرُّدِه ووطنيتِه، وقد اقترح بقاء المَجلس العسكري من سبعة أعضاءٍ ويُضاف إليهم رئيس الوزراء المدني على أن يكون له حَق الفيتو (المُبادرة مبذولة على الشبكة العنكبوتية).
(3)
أتمنى أن تتّفق قُوى الحُرية والتّغيير والمجلس العسكري على وثيقة إعلانٍ دستوري بأسرع ما يُمكن، ومن ثَمّ الذهاب لتكوين الحكومة المدنية، والتي هُناك شبه إجماع على عدم حزبية الذين سَوف سيرشحون لها، إذ ظَهرت بعض الأصوات التي تقول عدم الحزبية الصارخة للمُرشحين، ولا أدري كيف تُقاس الحزبية الصارخة من غير الصارخة؟ فمن فضلكم دعوا العمل التنفيذي هذه المرّة للمُستقلين عن الأحزاب نهائياً وهذا يتحدّد بالسيرة المعروفة عن المُرشح ثُمّ أداء القَسم، ثُمّ النّص عَلى عَدَمَ التّــرشُّح للحكومة التي تلي الفترة الانتقالية, أيِّ حزبية في الحكومة القادمة يَعني أنّها وُلدت بمُعارضتها وهَذا يَعني (إنّها ولدت بكفنها)، لأنّ الفترة الانتقالية لا تَحتمل أيِّ مُعارضة، ثُمّ ثانياً مَا الفائدة إذا انتقل الشعب من حُكومةٍ حزبيةٍ إلى أخرى حزبية دُون أن (يأخذ نَفَسَاً)..؟!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.