ببساطة د/ عادل عبد العزيز الفكي

إصدار ورقة الألف جنيه- المزايا والمخاطر

شارك الخبر

وضع السيد حسين جنقول محافظ بنك السودان المركزي بصمته على تاريخ الاقتصاد السوداني بتوقيعه على الورقة النقدية فئة الألف جنيه التي أصدرها بنك السودان وطرحها للتداول.
يثير طرح هذه الفئة النقدية الكبيرة جداً عدة تساؤلات حول مزايا هذا الطرح والمخاطر المترتبة عليه. لا شك أن أولى المزايا هي تمكين المواطنين من سحب نقودهم المودعة لدى البنوك عبر كاونترات البنوك أو عبر الصرافات الآلية، فتعبئة الصراف الواحد بهذه الفئة يغطي حاجة المئات لأن كل مواطن يقف أمام الصراف الآلي يسحب أربع ورقات فقط على دفعتين، ستختفي الصفوف من أمام الصرافات الآلية لأن السحب سوف يكون سريعاً جداً، والقدرة الاستيعابية للصراف الواحد كبيرة جداً.
هذه الميزة المهمة يقابلها خطر كبير يتمثل في الهجمة الشرسة المتوقعة من أصحاب الحسابات البنكية لسحب الأموال المودعة بالصرافات الآلية ومن خلال كاونترات البنوك. طبعاً هذا متوقع بشدة بسبب وجود سعرين الآن لمختلف السلع، سعر الكاش وسعر الشيك والفرق بينهما أكثر من 20%.
يرى الإخوة ببنك السودان المركزي أن استمرار الضخ كفيل باستعادة الثقة في النظام المصرفي، وعودة الهدوء للناس بالامتناع عن سحب الأوراق النقدية إلا عند الحاجة. هذا حسن ظن ليس له وجود على أرض الواقع، وعلى هذا يتوقع استمرار الضخ، واستمرار السحب، ولا نهاية منتظرة لهذا المسلسل الخطير إلا بإجراءات إضافية يقوم ببعضها البنك المركزي، وتقوم بالبعض الآخر البنوك التجارية.
الإجراء الأول الذي نرى أن يقوم به البنك المركزي كإجراء مصاحب لضخ المال هو حملة إعلامية ضخمة، عبر كل الوسائط والوسائل، وتستخدم فيها كل طرق الإعلام والأخبار والتنوير من محاضرات ومقابلات إذاعية وتليفزيونية، ومسرحيات واسكتشات تمثيلية، وخطب مسجدية، واستكتابات صحفية، وأنميشن على وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها من طرق الإعلام. على أن تصمم الحملة الإعلامية باحترافية عالية ويستعان فيها بعلماء النفس والمتخصصين في التأثير المجتمعي.
هدف الحملة الإعلامية هو توضيح خطورة خزن المال بالبيوت والمكاتب، من ناحيتي الأمن الشخصي والأمن الاقتصادي فمن ناحية الأمن الشخصي يوضح للناس أن الأوراق النقدية المخزنة تكون عرضة للسرقة والنهب والحريق والتلف بواسطة القوارض. ومن ناحية الأمن الاقتصادي يوضح لهم أن خزن الأوراق النقدية يخرجها من دائرة الاقتصاد وبالتالي يحدث الركود الاقتصادي، وتقفل المصانع والمحلات، وتنعدم السلع، وينتشر الفقر.
وتعمل الحملة على تنوير الناس أن مالهم في الحفظ والصون داخل البنوك، وأنهم يمكنهم استخدامه بوسائل أخرى غير الأوراق النقدية، مثل الشيكات والتحويلات والدفع بالبطاقة البنكية وغيرها من وسائل الدفع.
وتستهدف الحملة أيضاً إيضاح أن بعض الممارسات في الأسواق مثل شراء النقد بشيك بسعر أعلى، هو ربا محرم ومنهي عنه. فالنقد يجب أن يكون مقابل سلعة أو خدمة محددة وليس لشراء الأوراق النقدية نفسها.
الإجراء الثاني المطلوب من البنك المركزي والبنوك التجارية هو تقديم خدمات مصرفية إضافية. ومن ذلك توفير التمويل للمشروعات، ولتمويل العقارات والسيارات، بإجراءات سريعة وميسرة. ومنح ربح على الودائع الجارية من خلال المشاركة في الأرباح اليومية لفرع البنك، حيث إن الأرباح تحتسبها الآن الأنظمة المصرفية المتطورة التي تعمل بها البنوك فليس هناك ربا.
والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.