الرواية الأولى مجدي عبد العزيز

معادلة العسكريين

شارك الخبر

• السلطة المدنية تنشأ بموجب دستور مجاز باستفتاء شعبي، يحمل بين دفتيه وثيقة الحريات والحقوق، ويؤسس لمؤسسات الحكم المدني، ومبدأ فصل السلطات، ويبقى الدستور كما هو معلوم مرجعا لإصدار ومواءمة القوانين المنظمة للحياة المدنية المنشودة، وبالطبع الدستور هو من يحدد وينظم الدور الأساسي للمؤسسات العسكرية والأمنية المختلفة.. وهنا أريد أن أثير نقطة بموضوعية وهي إذا تولت أي شخصية عسكرية في هذا الواقع الدستوري والقانوني لأي موقع خارج المؤسسة العسكرية – إذا لم يمنع الدستور ذلك كما في كثير من البلدان – فهذا حتما لا يسمى حكما عسكريا أو إدارة عسكرية للموقع لأن الذي يحكم وينظم هو الدستور والقانون وليست الصبغة العسكرية.. وهذه الإشارة أرمي بها إلى مسألة تأهيل وكفاءة العسكريين السودانيين الذين يمكن تكليفهم بمهام مدنية صرفة فنية أو علمية أو خلاف ذلك ويضاهون بها تأهيل المدنيين وفي بلادنا أمثلة عديدة منذ عهد الاستقلال .
• الواقع الانتقالي الراهن المأزوم حاليا في بلادنا بعد تغيير 11 أبريل ليس سبب أزمته هو رفض أو مقاومة أي من شركاء المشهد على الإطلاق إن كانوا عسكريين أو قوى سياسية أو مهنية لحتمية العبور إلى تأسيس السلطة المدنية الدستورية الكاملة، ببساطة لأن جميعهم يعلم أنها لن تتأسس بشمولها إلا بعد عقد الانتخابات وطرح مشروع الدستور للإجازة بواسطة الشعب.. وعلى المكشوف فإن الأزمة هي أزمة صراع على السلطة الانتقالية الاستثنائية نفسها أشعلتها قوى سياسية حزبية بعينها وانحرفت بمتطلبات الانتقال المتمثلة في الحد الأدنى من التوافق على العدالة الانتقالية وتسيير شؤون البلاد وإجازة القوانين الانتخابية التي تتيح للشعب بكل نزاهة وشفافية تحديد خياراته واختيار ممثليه، وللأسف تمارس هذه القوى محاولات إقصاء المؤسسة العسكرية التي لولاها لما كان التغيير وبدونها لا يكون التسيير (قضايا الدفاع والأمن القومي وارتباطاتها بالبعد الخارجي غير القابلة للمعالجة إلا بعد التفويض الانتخابي)، وهي التي أكدت شراكتها في مستهل المشهد بتوافق مع من تصدروا المشهد وصل إلى 95%، ويستخدم في هذا الإقصاء خداع ومتاجرة بشعار المدنية المتفق على تحقيقها في نهاية المطاف.
• مخطئ أو مغرض من يشكك في تأهيل أو قدرة المؤسسة العسكرية السودانية بكل أجنحتها على لعب أدوارها الأساسية أو الاستثنائية، ومعادلة المؤسسات العسكرية في إدارة دول تعاني من ظروف استثنائية في العالم النامي أو غيره حتى انجلائها هي محور تناول في كثير من المؤسسات الاستراتيجية الدولية ..
• العقيدة العسكرية الوطنية ومفهوم الأمن الشامل جعلت ذكاء الجامعات والكليات والمعاهد العسكرية السودانية (التي صارت قبلة الأصدقاء والأشقاء من الدول كما هو معلوم)، تخرّج ما يعرف بالقائد الاستراتيجي الذي بجانب مهاراته العسكرية يتخصص في الجيوبولوتيكا وإدارة الأرض والبشر والموارد بجانب تخصصات الهندسة والتقانة والعلوم والقوانين. والصناعات الدفاعية والمدنية، وتضع الكادر العسكري السوداني في مصاف التأهيل العالي والرفيع لأداء مهام الأساسية والاستثنائية في إطار المحددات الدستورية التي محورها بالطبع السلطة المدنية.. وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.