الرواية الأولى مجدي عبد العزيز

ظلال الحركات على المفاوضات

شارك الخبر

رغم كل تعقيدات المشهد السياسي، التي مثلتها مجريات الفترة الماضية من أحداث ومواقف ومبادرات ووساطات وتدخلات، واستخدام مفرط لكروت الضغط السياسي بالتحشيد والتحشيد الجماهيري المقابل، ومهارات التجييش العاطفي وصناعات توجيه وإدارة انطباعات الرأي العام، رغم كل هذه (العكة)، فإن العودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير تعد سياسيآٓ خطوة محمودة.
قوى الحرية والتغيير عبر مؤتمرها الصحفي أمس الذي أعلنت فيه العودة إلى التفاوض المباشر كانت مضطرة لإطلاق زخات من التصريحات التي تشابه السواتر الدخانية التي تحتاج تحت جنحها من إعادة توجيه المقود إلى التفاوض المباشر بعد أن كانت تسير في طريق التصعيد السريع المحفوف بالشروط.
أحد أهم قضايا الراهن المحورية هي قضية وقف الحرب وإحلال السلام ومدخل ذلك استدامة قرارات وقف العدائيات الصادر من جانبي السلطة والحركات المسلحة، وبالطبع من مهددات استدامة وقف العدائيات المحقق حاليا اتخاذ قرارات أو الجنوح إلى رسم مشهد مستقبلي يشعر فيه طرف الحركات المسلحة تحديدا بالتجاوز أو التهميش أو هضم مكاسب كان من المتوقع نيلها، وبلا شك أن هذا الملف سيلقي ليس فقط بظلاله لكن أيضا بثقله على سير المفاوضات المتوقع انطلاقها مساء أمس كما هو معلن.
في اعتقادي أن المجلس العسكري الانتقالي متقدم إلى حد بعيد من كل القوى السياسية السودانية بما فيها الحرية والتغيير بإمساكه بملف السلام وبتواصله وتفاهماته مع الحركات المسلحة، وتتحدث الدوائر عن اجتماعات قادة المجلس العسكري بقادة الحركات في كل من إنجمينا وأسمرا ولاحقا جوبا للدلالة على ذلك، وما قرار العفو العام الذي أصدره بالأمس رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقضى بإطلاق 235 أسيرا من الحركات إلا نتيجة لهذه التفاهمات، ومن الطبيعي أن تكون هذه القضية في مقدمة أولويات المجلس العسكري الانتقالي بحكم تمثيله الواقعي للسلطة السيادية التي تتولى شأن الدفاع والأمن القومي الذي لا يتحقق لأي بلد تفتقد للسلام.
الحركات المسلحة بكل مشاربها أبدت تجاوبا مع التغير الذي حدث بالبلاد، وغالبها إزاء ذلك اتخذت مواقف توصف بالنضج والتماسك والجدية في سبيل التقدم إلى الأمام، وبعضها أبدى تحفظا واعتراضا عن كثير من المجريات داخل تحالف الحرية والتغيير التي اعتبرتها أما تجاوزا لها أو حديثا باسمها دون تفويض، كذلك تلاحظ أن بعض الحركات المسلحة في سبيل الاستعداد للاستحقاقات القادمة بدأت تحركات سياسية فيما بينها أخذت طابع الحوار (محاولات جوبا لجمع قطاعي الحركة الشعبية) أو مشاريع تحالفات (الاتفاق الذي تم مؤخرا بين جبهة عبد العزيز الحلو وتحالف الطاهر حجر) مثالا.
التفاوض المباشر الذي يجري الآن بين المجلس العسكري وقحت لا يحسب له نجاح باقتسام هياكل الحكم الانتقالي (جند الوساطة الأفرواثيوبية) كقضية نزاع حول تسيد الفترة الانتقالية، ولكن يحسب انتصارا لإرادة السودانيين إذ بضربة واحدة فتح آفاق السلام واستوعب تطلعات ومكاسب الحركات المسلحة التي نالتها بتوافقات سابقة، واستطاع المجلس العسكري أن يعبر عن رؤى القوى السياسية والأهلية الأخرى التي لا تشارك بشكل مباشر في التفاوض. وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.