دولة الإمارات.. والاحتفال بالتّعدُّد …. محفوظ عابدين

تُقدِّم دولة الإمارات العربية المتحدة، نُموذجاً حيّاً للتّعايُش بين الشعوب والأديان من خلال استضافتها لعددٍ من جنسيات وشُعُوب العالم في أرضها، وتتعامل دولة الإمارات مع هؤلاء بنهجٍ إنساني يُكرِّس أواصر المَحَبّة، ويُعزِّز من الرُّوح العَمل وإتقانه والذي من أجله وَفِدَ هذا العَدَد الكَبير من مُختلف الجنسيات يقصدون أرض الخير أرض الشيخ زايد، وبالتالي ومنذ نشأة دولة الإمارات، وقيام اتّحادها في مطلع السبعينات، لم تظهر أيِّ بوادر خلافات بين تلك الجاليات والمُواطنين، ولم تَظهر حتى أيِّ بوادر احتكاكٍ بين الجاليات في ما بينها، وبالتالي هذا الأمر يُعزِّز من قِيمَ التّعايُش الموجودة في روح مُواطني الدولة قبل القوانين والالتزام بها وهي التي تُنظِّم العمل والعلاقات لكلِّ من وطأت قدمه أرض الخير زائراً أو سائحاً أو مُقيماً، أو حتى عابراً، ففي كل الحالات نهج واحد، وهذا الأمر عَزّزَ من فُرص دولة الإمارات في أن تلعب دَوراً أكبر على المُستوى الإقليمي والدولي في هذا الاتّجاه، وهو أمرٌ مُهمٌ إن لم يُعالج بتلك الصُّورة التي تطرحها الدولة، فإنّ له آثاراً سالبةً وربما تتعدّاها إلى أبعد من ذلك، وهذا ما فَطِنَت إليه دَولة الإمَارَات، وهي تُقدِّم النُّموذَج الوَطني ليكون هَادِياً ومُرشداً للنموذج الإقليمي والدُّولي، وهذا ما حَدَثَ بالضّبط، والإمارات تُقَدِّم حَدَثاً فَرِيدَاً في شهر فبراير وهو شَهر (عِيد الحُب) وهي تَستضيف بابا الفَاتيكان فرانسيس وشَيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في لقاءٍ يحدث لأوّل مرّة في التاريخ وداخل دولة الإمارات، وهذا اللقاء يُعَزِّز من فُرص التّعايُش بين الأديان والذي يَحسم الكَثير من الأزمات والصِّراعات في العَالم بَعد مَوجة التّطرُّف التي انتشرت في سنواتٍ خَلت وأدّت إلى انتشار ظاهرة الإرهاب التي عَانى كثيرٌ من الدول حتى الكُبرى منها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا، هذا فَضْلاً عن دول كثيرة عَانَت من هذه المُشكلة والتي أصبحت هاجساً كبيراً وصُداعاً مُستمراً كما يحدث في كثيرٍ من عالمنا العربي، وما يَحدث فقط في أرض سيناء بشرق مصر ويمتد إلى دَاخل المُدن المصرية ولا تَسلم منه العاصمة القاهرة أحياناً، هو نُمُوذجٌ لهذا الصداع المُستمر التي تسببه هذه القضية لكثيرٍ من الدول، وبالتالي فإن نهج دولة الإمارات وهي تُقدِّم تجربةً إنسانيةً للعالم تُعالج بها قضية كُبرى تُعاني منها كل الدُّول بمُختلف مُستوياتها.
واليوم دولة الإمارات تُقدِّم من خلال مُشاركتها في مُلتقى قادة المُعتقدات والطوائف الدينية، والذي نظّمته وزارة الخارجية الأمريكية، بغرض تَعزيز الحُريات الدِّينيّة حول العالم بواشنطن الأسبوع الماضي، وترأس وفد الدولة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه رئيس مُنتدى تعزيز السلم في المُجتمعات المُسلمة، وشارك أعضاء الوفد في المُناقشات الرسمية للمُلتقى وأدلوا بمُلاحظاتهم، كما التقوا بأبرز قادة المُعتقدات والطوائف الدِّينية في العَالَم، حَيث تَبَادَلُوا معهم النقاش حُول سُبُل تعزيز الحوار بين الأديان والتّفَاهُم بين مُختلف الثقافات.
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن بيه: (إنّنا في دولة الإمارات نَسعى لتأسيس تحالُفٍ قوي ومُستدامٍ بين الدِّيانات، والشُّروع في حِوارٍ مُهمٍ بين الأطراف الذين يُؤمنون بذات القيم والفضائل والالتزام بإشاعة مَزيدٍ من السلم والانسجام بين البشر).
وهذا التحالُف القوي والمُستدام بين الأديان والذي أشار إليه العلامة عبد الله بن بيه، سيكون الأساس لتجفيف (مُستنقعات التّطَرُّف) التي تَظهر في مَواقع مُتفرِّقَة من العالم واستبدالها بـ(عُيُونٍ وأنهارٍ مِنَ المَحَبّة) لتحقيق الهَدف الأسمى وهو إشاعة السَّلم والانسجام بين البشر، وهو مَا يَتَحَقّق فعلياً في (أرض الخير) الإمَارات العربية المُتّحدة، في هذا التّعايُش بين شُعُوب العالم الذين تستضيفهم الدولة من جنسياتٍ كثيرةٍ ومُختلفةٍ وديانات كثر ومُتعدِّدة.
فهذا الملتقى الذي نَظّمته وزارة الخارجية الأمريكية بهذا العنوان (ملتقى قادة المُعتقدات والطوائف الدينية)، وبمُشاركة الإمارات بوفدٍ كبيرٍ مثل هذا، فإنّ الهدف الأسمى من هذا المُلتقى يكون للإمارات فيه دَورٌ كَبيرٌ لأنّها أصلاً جَمَعَت شُعوباً وجنسيات من العالم في أرضها عاشوا في مَحَبّةٍ ووئامٍ، وجَمَعَت بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، وهي بهذا تُقدِّم تجربةً حَقّقَت نجاحاً على أرض الواقع، وبالتالي من المُنتظر أن تقدم الإمارات رُؤيتها في جُهُود تَعزيز الحِوار بين الأديان، ومُكافحة التّطرُّف وحماية الأقليات الدينية، لأنّ كل ذلك يُحقِّق الهدف الأسمى في إشاعة السلم والانسجام بين البشر.
الخرطوم – السودان

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.