الرواية الأولى مجدي عبد العزيز

السيادة ومظهر الدولة

شارك الخبر

• لا أتفق مع الآراء التي حاولت التقليل من أهمية المجلس السيادي – والذي بحمد الله تم تكوينه وانطلقت مهامه بالامس – وأعتبر أن هذه الآراء منطلقها سياسي تأثيري جهدت في رسم صورة مبتسرة للرأي العام بالحديث عن الدور التشريفي والرمزي لمجلس السيادة، وهذه الآراء كان بداية بروزها بكثافة قبل الاتفاق على وثائق الفترة الانتقالية وأيام النزاع الحاد حول رسم شكل الفترة الانتقالية التي بُذلت فيها جهود حثيثة من قبل بعض المكونات لإبعاد العسكريين أو على الأقل بتحجيم دورهم وإن كان مشاركا للمدنيين في مهمتي التشريف والرمزية – الأمر الذي لم يعد كذلك بعد إجازة الإعلان الدستوري.
• تناول الإعلان الدستوري مجلس السيادة وسلطاته وصلاحياته في سبعٍ وعشرين نقطة رئيسية وفرعية – هي بالطبع منشورة ولا مجال لإيرادها في هذه الزاوية – لكن سلطات واختصاصات القيادة العليا للقوات النظامية وسلطات التعيين والاعتماد، ومتعلقات الشأن الخارجي، وإعلان الحرب، واعتماد وإسقاط الأحكام القضائية وبلا شك هي صلاحيات لا يمكن ابتسارها في كلمة شرفية.. ناهيك عن المهمة العاجلة والأساسية والمحورية في فترة الانتقال التي منحها إياه الإعلان الدستوري وهي كما نصت الفقرة (س) من المادة (1) في الاختصاصات والتي تقرأ: (رعاية عملية السلام مع الحركات المسلحة).
• مهم جدا بل وحتمي أن تنتقل الآن ممارسة الحكم بكافة مستوياته المجازة سيادية كانت أم تنفيذية من مظهر الحراك والثورة إلى مظهر الدولة (فالثورة بتعريفها تبقى روحا ووقودا) والدولة قوانين وأعراف الحياد عنها يورث الفوضي، فمثلا قوانين وأعراف الدولة تنظم كيفية اتخاذ القرار وطرق تسيير الأعمال فالواجب هنا أن يبرز القرار الذي اتخذ بواسطة السلطة المختصة لا أن تظهر وقائع الجدال أو النزاع حوله (إن حدث)؛ فالقرار الذي اتخذ بوسائل اتخاذه هو الذي يعبر عن السلطة وهو الذي يجب قانونيا وأخلاقيا الالتزام به والدفاع عنه، وبه يتمثل ما يعرف (بقرار دولة) ويرتقي بمظهرها.
• الدولة السودانية منذ الاستقلال بها إرث ومرجعيات مقدرة لما يعرف ببروتكول الدولة أو ما يتصل بالأعراف الدبلوماسية والحصانات التي تحكم العلاقات مع الدول أو ممثلياتها بالداخل كالالتزام الحتمي بما عرف بمعاهدات (ڤينا) التي تحكم المجال، وربما احتاج الشق الداخلي لمراسم الدولة لعمليات تطوير ومواكبة مستمرة بحسب ما يخطط له.. لكن في هذه المرحلة يبقى الالتزم بالبروتوكول المعرف بأنه الإجراءات الخاصة بالحياة الرسمية، والإتيكيت المتعلق بقواعد السلوك الشخصي لمن يتولى مناصب الدولة الدستورية – هو المظهر الحقيقي والأقوى للانتقال لمرحلة الدولة التي يحترمها العالم وتشرق في عيون مواطنيها.
• ما دمنا نحلم بـ(وطن شامخ وطن عاتي) هناك مهام أخرى في سبيل تحسين صورة الدولة باستمرار يقع على عاتق المجتمع جانب منها ويقع على منظماته المدنية وجماعاته الثقافية وأنديته الرياضية وهو تحويل جزء يسير من روح الثورة (المدلوقة) بكثافة على حوض السياسة إلى الارتقاء بمجالات الفنون والثقافة والرياضة والإبداع، فكثير من دول العالم ما عُرفت إلا عبر فنونها وتراثها أو حين يرتقي أبطالها إلى منصات التتويج الرياضي الدولية، يا شباب حي على فلاح الوطن.. وصوبوا نحو غايات المستقبل.. وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.