محفوظ عابدين

المجلس العسكري هل أوفى بعهده وسلّم الأمانة بكل أمانة؟

شارك الخبر

بإعلان تشكيل حكومة الفترة الانتقالية ومن قبلها المجلس السيادي، يكون المجلس العسكري الانتقالي قد أكمل مُهمّته، ويبقى السؤال هَل سَلّم المجلس العسكري الأمانة بكل أمانةٍ لمُؤسّسات الفترة الانتقالية لبداية مرحلة جديدة في مسيرة الحكم بالسودان بعد نجاح الثورة وسُقُوط نظام البشير؟
وحقيقةً، كانت مُهمّة المجلس العسكري الانتقالي صعبة وشاقّة جداً، وواجه المجلس خلالها تحديات داخلية وخارجية حتى يصل إلى هذه المرحلة بشق الأنفس وينجزها وسط سيلٍ من الاتّهامات من قِبل تلك القِوى السياسية المُشاركة وغير المُشاركة ومن الإعلام، وتَحَمّل المجلس العسكري عبء تلك المرحلة في ظروف صعبة، قد تَنُوء عن حملها حتى الحكومات المُنتخبة، ولم يسلم من كيل تلك الاتّهامات حتى رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق محمد حامد دقلو “حميدتي”، وتحمّل البرهان و”حميدتي” وزر كل مشكلة تحصل في البلد حتى التي لا علاقة لهما بها، وخرجت الهتافات في المسيرات وفي الوسائط وحتى الكتابات على الجدران والحوائط كانت ضد رجلين تحمّلا مسؤولية البلد في وقتٍ صعبٍ جداً، ووجدت فيه الاستخبارات الأجنبية مساحات كبيرة للتحرُّك لم تكن تحلم بها من قَبل، وتحرّك السفراء الأجانب في الخرطوم يبثون سُمُومهم كأنّهم يتجوّلون في بلدانهم، ضاربين بالأعراف الدبلوماسية عرض الحائط، ووضعوا اتفاقية (فيينا) تحت أقدامهم، وجاءت الحركات المُسلّحة بكل أفكارها ومبادئها لتجد موطئ قدم في ميدان الاعتصام بقلب الخرطوم.
في مثل هذا الوضع من السيولة الأمنية والسياسية والظروف الاقتصادية التي تمسك بتلابيب المواطن، عمل البرهان و”حميدتي” ومن خلفهما لجان المجلس العسكري الانتقالي، اللجنة الأمنية واللجنة السِّياسيَّة واللجنة الفئوية واللجنة الاقتصادية واللجنة الإعلامية، واستطاعت اللجنة الأمنية أن تعبر بالبلاد رغماً عن المُحاولات الانقلابية المُتكرِّرة، وأن تحمي البلاد من حالة الفوضى والانزلاق الأمني وتجدِّد حالات الحرب الانقسام، ولكن اللجنة الأمنية تعرّضت لحملاتٍ ضدها ذهبت بعضوين من المجلس هما الفريق جلال الدين الشيخ مدير جهاز الأمن الوطني والفريق بابكر الطيب علي مدير عام الشرطة، وبالإضافة إلى الظروف الصحية التي ذهبت برئيس اللجنة الأمنية الفريق مصطفى محمد مصطفى ليحل محله الفريق أول جمال عمر ليقود المُهمّة في ظُرُوفٍ صَعبةٍ.
ولم تكن مُهمّة اللجنة الاقتصادية التي يقودها اللواء إبراهيم جابر أسهل من مُهمّة اللجنة الأمنية، وكان أمامها تحدي أزمات الوقود والدقيق والنقود والأدوية وارتفاع الأسعار التي ألهبت ظهر المُواطن، وكانت سبباً في ذهاب نظام البشير، بالإضافة إلى تحدي تسيير أمور الدولة والحكومة والخدمة المَدنية في ظِل غياب الموارد وانعدام العُملات الأجنبية وشُح الإيرادات، فقد استطاعت اللجنة أن تعبر بالبلاد من حالة الاختناق إلى حالة تنفس جزئي.
وعملت اللجنة السياسية في إدارة ملفاتها، وكان من بينها وصول البلاد إلى إجازة هياكل الفترة الانتقالية واختيار حكومتها، وقاد الفريق صلاح عبد الخالق اللجنة الفئوية في ظرفٍ صحي صعبٍ، وتحت وطأة المرض القاهر أكمل مُهمّته في توجيه مسار فئات الشعب خلال تلك الفترة، بما لا يضر المصلحة العامة، وكان تأمين تصحيح امتحانات الشهادة السودانية لأكثر من نصف مليون طالب وطالبة، والذي تلى سقوط البشير مُباشرةً من أكبر التحديات التي واجهت اللجنة في تلك الظروف الأمنية التي مرّت بها البلاد.
ولم يسلم الناطق الرسمي الفريق شمس الدين كباشي من الأذى، وأطلقت عليه الوسائط العديد من الصفات والأسماء الجائرة في حقه، ولكنه تجاوزها بالعمل والصبر والعغو.

من حق هؤلاء الضباط علينا أن نكرِّمهم ونمنحهم أعلى الأوسمة في احتفالٍ كبيرٍ يُليق بهم وما قدّموه من جُهدٍ عبر بالسودان والثورة إلى هذه المرحلة والتي نالت رضاء العالم، وهم لا يزالون يُواصلون المشوار مع إخوتهم في الحكومة المدنية برئاسة د. عبد الله حمدوك، إلى أن يعبر السودان هذه المرحلة في ظِل التّحديات المحليّة والإقليميّة والدوليّة الماثلة أمام أعين الجميع.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.